نشرت جريدة "إلباييس" الإسبانية، اليوم الأربعاء، افتتاحية حادة تهاجم فيها المغرب، معتبرة أنه يمارس ضغطا هائلا على إسبانيا من أجل تغيير موقفها من نزاع الصحراء. وأشارت الصحفية أن المغرب عبر صراحة الاثنين الفارط، عبر بيان صادر عن وزارة خارجيته، عن الطبيعة الحقيقية للأزمة مع إسبانيا، إذ أن قرار الحكومة في مدريد استقبال زعيم جبهة البوليساريو ، إبراهيم غالي، لأسباب إنسانية، ليس سبب الخلاف، بل مجرد ذريعة، وأن الأزمة لن تحل بمغادرته الأراضي الإسبانية. وأوضحت أن السبب الأساسي للأزمة هو موقف إسبانيا من الصحراء المغربية، الذي تقارنه الرباط مع كاتالونيا، مبرزة أن هذه المقارنة ليست في محلها وتمثل استهزاء بالتاريخ والقانون الدولي. واعتبرت الجريدة أن الأزمة مكشوفة بكل عمقها ولا يمكن استبعاد حدوث رجات جديدة في العلاقات بين البلدين، لكن سيكون من المهم أن تتمكن الحكومة الإسبانية من الحفاظ على الدعم القوي من الاتحاد الأوروبي، كما كان حتى الآن، وأن تعرف كيف تنقل حججها بشكل فعال إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأبرزت أن القضاء الإسباني أفرج عن غالي أمس بعد استجوابه عن بعد من مستشفى "لوغرونيو" بسبب شكاوى التعذيب والإبادة الجماعية، ولم يصدر القاضي أي إجراءات احترازية في حقه، كما لا توجد أدلة كافية على تورطه في هذه الجرائم، مضيفة " لذلك نأمل أن تفهم الرباط أن العدالة في إسبانيا مستقلة". وأكدت الجريدة أن إسبانيا لم تغير موقفها من النزاع في مستعمرتها السابقة منذ عقود، فهي تدعو إلى حل تفاوضي بين الأطراف في إطار الأممالمتحدة، حتى أنها لا تدعو إجراء استفتاء لتقرير المصير، كما أنها لا تستبعد الحكم الذاتي الذي يقدمه المغرب حكل لإنهاء الصراع. ولفتت إلى أن اعتراف دونالد ترامب بالسيادة المغربية على الصحراء لن يغير شيئا في القانون الدولي، لذلك ينبغي على الرباط أن تمتنع عن ممارسة هذا الضغط الهائل على إسبانيا لتغيير موقفها من النزاع. وأضافت "لا أحد يجادل في حق المغرب في التعبير عن عدم ارتياحه من جيرانه من خلال أدوات الدبلوماسية، لكن ما هو غير مقبول هو دفع آلاف الأشخاص إلى المخاطرة بحياتهم عند عبور الحدود بشكل غير قانوني، أو منع ما يقرب من 13000 عامل موسمي ممن يقطفون الفراولة في إسبانيا من العودة إلى ديارهم". وتابعت "هذا يعني تحويل مواطنيه إلى ضحايا للمناورات السياسية، التي لا تخرج عن الممارسات الدبلوماسية فحسب، بل وأيضًا عن عادات الدول المتحضرة". وانتقدت الجريدة أيضا بعض الأوساط السياسية داخل إسبانيا، موضحة أنه حين يضغط بلد آخر على إسبانيا لتغيير موقفها بشأن قضية سياسية خارجية رئيسية، من غير المقبول أن ينتهز زعيم حزب "الشعب" "بابلو كاسادو" الفرصة لمهاجمة الحكومة، وإعطاء مزيد من الحجج لما يقدمه المغرب، فهذا السلوك لا يتناسب مع معايير رجال الدولة الحقيقين.