قال المحامي محمد المسعودي إن السنوات الأخيرة عرفت تزايد اعتقال الأصوات المعارضة التي تغرد خارج السرب، إذ إن هناك هجمة شرسة بعد 2011 على الأقلام الحرة، حيث اعتقل عدد منها واضطر آخرون لمغادرة أرض الوطن، حتى باتت لدينا صحافة مهاجرة، في سيناريو مشابه لما عشناه في بداية السبعينيات مع المعارضين. وأشار محامي الصحافيين الريسوني والراضي في ندوة على صفحة "حراك بريس" إلى أن النضال في المغرب بات يفرض على الأشخاص مغادرة أرض الوطن، فالبقاء يهدد المنتقدين بدخول السجن في يوم من الأيام. وعاب المسعودي على الدولة التضييق على الأصوات المعارضة والمختلفة، واقتصار الإعلام العمومي، الذي يبقى وُلوجه من حق الجميع، على الرأي الرسمي، متسائلا أين حقنا في الإعلام؟ هذا الواقع الذي يعرفه الإعلام العمومي والرسمي، يضيف المسعودي، يدفع الصوات المختلفة وغير المتفقة مع منطق "العام زين" إلى البحث عن إعلام بديل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو الإعلام الأجنبي، في الوقت الذي يفترض في الإعلام العمومي أن يفسح المجال لكل الآراء، مستفهما عن جدوى "الهاكا" في ظل وجود الرأي الواحد. واعتبر المحامي أنه ليس من مصلحة الدولة أن يكون كل معارضيها خارج المغرب، بل ينبغي تفتح معهم قنوات الحوار، وتمنحهم حقهم في التعبير، خاصة وأن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت فضاء لا يمكن التحكم فيه. وبخصوص قضية الصحافيين عمر الراضي وسليمان الريسوني، لفت المسعودي إلى أن القانون واضح في مسألة الاعتقال، إذ إنه إجراء استثنائي، والأصل هو المحاكمة في حالة سراح، موضحا أن المطالبة بتمتيعهما بالسراح ليس امتياز وإنما هو أصل الأشياء. وردا على اللبس الذي حصل للبعض بخصوص المطالبة بإطلاق سراح الريسوني والراضي، أبرز المحامي أن السراح لا يعني عدم محاكمتهما، بل يعني تمتيعهما بالأصل الذي هو الحرية ومحاكمتها في حالة سراح، وعدم إدخالهما السجن إلا إذا صدر الحكم النهائي البات، وهذا هو الأصل، ليس فقط في قضيتي الريسوني والراضي، بل في كل القضايا. وأكد المسعودي أن الحالات التي حددها القانون من أجل المتابعة في حالة اعتقال لا تنطبق أي منها في حالة عمر الراضي وسليمان الريسوني ولا المعطي منجب، ولا حراك الريف والمهداوي من قبل. وحتى الاستثناء الذي حددته المسطرة الجنائية للاعتقال الاحتياطي، يضيف المحامي، وهو الاعتراف، أو وجود قرائن قوية مصحوبة بكون الشخص يشكل خطورة، غير موجودة في القضايا المذكورة. فبخصوص حالة سليمان، ذكّر المحامي بأن تدوينة مجهولة، دفعت النيابة العامة للبحث عن الحساب المجهول الذي نشرها، واستمعت لأقواله المتناقضة، وهي الأقوال التي نفاها الريسوني ولا يوجد اعتراف فيها ولا وسائل إثبات. كما أن اتهام عمر بالتخابر، يدفع للتساؤل عن الكيفية التي قام من خلالها بالتخابر، إلا أن الملف لا يوجد فيه ما هو الفعل الذي قام به الراضي ويمس بأمن الدولة. وشدد المحامي على أن وجود الريسوني والراضي في حالة اعتقال لا ينبني على أي أساس، مستنكرا كون النيابة العامة تتحرك فقط في حق الصحافيين والحقوقيين، ولم تتحرك في واقعة تصوير الريسوني عند توقيفه، أو الزفزافي وهو مجرد من ملابسه. وكشف المسعودي أن المحامين كانوا يضغطون على الراضي والريسوني لتأجيل خطوة الإضراب عن الطعام، بل إن الريسوني قدم إشعارا بالدخول في الإضراب قبل أسبوع، إلا أن محاميه تدخل لثنيه على القرار وإقناعه من جديد بتأجيله. وأكد أن الصحافيين واعيان بخطورة الإضراب إلا أن السيلَ بلغ الزبى، ولم يبق لهم سوى الدفع بحياتهما كخيار وحيد بعدما يئسا، منبها إلى أنه يمكن في أي لحظة أن سماع خبر صادم. وخلص المحامي إلى إبراز أن الصحافيين معتقلان خارج الضوابط القانونية، داعيا إلى رفع الحيف عنهما، لأن فيه رفعا للحيف عن الوطن، فلا حديث عن محاكمة عادلة وهما في السجن.