عندما تنتهك قيمة الإنسان وكرامته، وعندما يصبح الفرد منا ميتا وهو حي ، يعاني أكثر من الأموات ويكابد المرارة في صمت وهو يرى خيراته تنهب أمام عينيه ببساطة وتخطيط ممنهج نكون بدولة عربية لامحالة أو بإحدى دول العالم الثالث. عندما يسمح الفرد في كل شيء ويستسهل معنى الحياة ويسترخصها ويجعلها مساوية لعود تقاب أو قنينة بنزين أو هما معا لتتم عملية الموت من أجل الحياة الشريفة وإيصال رسالة واحدة فقط مفادها أنني غير راض عن هذه الحياة، انه الملل من المعاناة، إنه الاكتفاء الذاتي من الذل، إنها الراحة النفسية والاختيار الصعب الذي يرسل رسالة للزعماء العرب والحكومات وكل مسؤول تقول هناك شيء ما غير سوي... سؤال يطرح نفسه بقوة هل تعرفون يا سادتي فقدان الأمل؟ هل تستشعرون حياة الذل والهوان ؟ هل تحسون بالمستضعفين ؟ أم كما يقال بمثلنا المغربي "الكرش الشبعانة مكتحسش بالجيعانة" و"ما يحس بالمزود غير المخبوط بيه" لقد تنبأ لها عالم المستقبليات المغربي البروفيسور المهدي المنجرة ذات يوم في كتابه انتفاضات في زمن الذلقراطية، لقد رأى العالم العربي بعين مستقبلية تفور كفوهة بركان في زمن الحقرة والمهانة وبعد القمة عن القاعدة ، شعوب تنتفض في زمن الانحطاط العربي والتراجع على جميع الأصعدة رافضة واقعها المر ما وقع بتونس وتعيشه مصر و... وكل شبر من عالمنا العربي هو نتيجة طبيعية لنهب خيرات هذه الشعوب وتقاسم خيراتها، هو مسألة حتمية في غياب عدالة اجتماعية ، هو أمر مستساغ في عهد العطالة والشباب الضائع واستغلال العلاقات وغياب المساواة، هو حقيقة معاشة نظرا لفقدان ديمقراطية حقيقية وتطبيق سياسة الواجهة والتشدق بحقوق الإنسان وعالم الحريات في زمن القمع الخفي وتجويع المواطنين وسياسة "كولو العام زين ". فشل دريع تعيشه الدول العربية وفضح شعبي لوقاحة البعض في امتصاص دماء الفقراء والضعفاء في زمن أصبحت المعلومة كالصاروخ تصل في ثانية لأقصى مكان في هذا العالم وتعود محملة برد تضامني . تشبيك اجتماعي ورواد انترنت ينشطون على مستوى عالي ولهم من الكفاءة والتجربة لخوض حروب إعلامية تعجز دول عن تسييرها، نعم أناس وهبوا أنفسهم لقضايا شعبية وللحلم بأوطان لكل شخص بها مكانة يستحقها ودخل يوفر له شروط العيش الكريم... يكفي هنا ذكر التونسي سامي بنغريبية سنوات من النضال الإلكتروني لتحرير تونس وهو مثال صغير فقط عن آلاف النشطاء التونسيين، أما بأرض الكنانة فأصدقاء وائل عباس يأخذون حربا بالوكالة عن شعب بالملايين منذ عدة سنوات وغيرهم كثير من نشطاء ستجدهم في كل شبر بوطننا العربي طالهم شخصيا الويل والظلم والإبعاد ويحسون بألم الشعوب ويعبرون عنها. لقد كتبت مقالا منذ سنوات بإحدى الصحف المغربية تحث عنوان : "النيوميديا... إعلام الكتروني وثورة مرتقبة" وخلق لي حينها تحرشات من طرف البعض وأعيد نفس العنوان هاهنا لأنه واقع يفرض نفسه والشمس لا تخفى بالغربال لعل وعسى نصل للحل ولمجتمع مستقر فلقد وصل السيل الزبى . على الدول العربية وخصوصا الحكومات الإقرار بتوريط المنطقة العربية في المؤخرة وسبب تأخرها، عليهم إذا أرادوا كسب حب شعوبهم وخلق استقرار ونجاح الآن أكثر من أي وقت مضى احترام الطاقات الواعدة والمساواة بين الشعب وتقاسم الثروات في هدوء فلا خيار عن الديمقراطية للاستقرار، ولا سلام بدون عدالة ولا عدالة بدون شروط العيش الكريم، ولا عيش كريم بدون إنسان يعرف واجباته والتزاماته هذه الأخيرة تصح للمحكوم والحاكم بعالمنا العربي. إنه للأسف زمن الذلقراطية بامتياز، عصر الانحطاط والمهانة وفقدان الثقة في كل شيء ، إنه زمن الشعوب وثورة العقول إنه عهد المعلومات والاتصال وزمن السرعة والنضال. ولا أظن هناك أحسن من أبيات قصيدة"إرادة الحياة" لأبو القاسم محمد الشابي لنختم به : إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر ولا بد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر