دعا فاعلون وباحثون إلى الإسراع في إيجاد بدائل لإنقاذ مدينة الفنيدق، وذلك في سياق الكساد التجاري والشلل الاقتصادي الذي تعيشه المنطقة، بعد إغلاق معبر سبتة، والأزمة الناتجة عن جائحة كورونا. وأكدت فعاليات في تصريحات لموقع "لكم"، أن الاحتجاجات الكثيفة التي عرفتها الفنيدق ليلة أمس الجمعة، كانت متوقعة، وأن ما يجري أصبح يتجاوز الجميع، التنظيمات السياسية والمبادرات المدنية. وفي هذا الصدد، اعتبر عبد الرحمان الشعيري منظور وهو باحث من أبناء المنطقة، أن الأوضاع في الفنيدق تتجاوز التنظيمات السياسية وتتجاوز المبادرة المدني التي أطلقت تحت عنوان "مجموعة التفكير من أجل الفنيدق"، والتي تضم أطر من أبناء المدينة، والتي ذهبت في اتجاه ترافعي، وعبر عرائض، حيث سبق وأن أطلقت نداء وقعت عليه 100 شخصية، ثم هناك عريضة مجلس الجهة. وأضاف منظور في تصريح لموقع "لكم"، أنه وعلى الرغم من أن "مجموعة التفكير" تؤمن بالاحتجاج السلمي المدني، إلا أن قراءتها تذهب في اتجاه ترافعي وهي مبنية وتستحضر ما حصل في جرادة وفي الريف وغيرهما بالإضافة إلى حالة الطوارئ الصحية. وتأسف الباحث، لتطور الأوضاع ولاعتقال مناضلين، منهم خليل الجباري من الاتحاد الاشتراكي وياسين رازين من جماعة العدل والإحسان، قبل أن تطلق سراحهم. ودعا المتحدث السلطات إلى نهج أسلوب الطمأنة، والحكومة إلى التدخل العاجل من أجل إيجاد بدائل وحلول عاجلة، فخروج الناس بتلك الكثافة يوضح أن المشكل حقيقي، ويتطلب تدخل حكومي ولولاية الجهة عبر برامج حقيقية. الاحتجاج متوقع وعلى السلطات فتح معبر سبتة من جهته، قال جمال العسري أحد الموقعين على نداء الفنيدق، أن الانتفاضة الشعبية التي عاشتها شوارع مدينة الفنيدق مساء البارحةً، كانت متوقعة ولم تكن مفاجئة، معتبرا أنها طبيعية، لأن المنطقة تعيش و منذ شهور عديدة تدهورا خطيرا على المستويات الاقتصادية والاجتماعية. وأشار العسري في حديث مع موقع "لكم"، إلى أن مدينة الفنيدق و ككل المدن الحدودية عبر بقاع العالم يقوم اقتصادها على التهريب المعيشي ، وعلى إيقاع التهريب كبرت و نمت المدينة و هاجر إليها و استوطنها الآلاف من المواطنين القادمين من كل أنحاء الوطن ، لتصبح الفنيدق القلب النابض لتجارة التهريب و لتصبح المزود الرئيس لعشرات الأسواق الممتدة عبر ربوع الوطن ، أسواق اختصت في بيع المواد القادمة من سبتة ، أسواق انتشرت بالعديد من المدن المغربية ( تطوان ، طنجة ، القصر الكبير ، العرائش ، الدارالبيضاء ). و فجأة و قبل شهور، يقول العسري لموقع "لكم"، أقدمت الحكومة المغربية على إغلاق معبر سبتة ، رضوخا من جهة لضغط العديد من الشركات المحلية و تشجيعا للصناعة المحلية و من جهة أخرى في إطار الصراع السري بين المغرب و إسپانيا ، معتبرا أنه كان من الممكن التصفيق لهذا الإغلاق خاصة مع ما أصبح يعرفه المعبر من إهانات و إذلال للآلاف من المواطنين و المواطنات على يد " الگوارديا سيڤيل " أو الشرطة الإسپانية ، ولما يسببه من ضياع الملايير من الدراهم و من العملة الصعبة يوميا على المغرب و تحويلها نحو سبتة ، وتشجيعا للصناعة المحلية، ولو رافقه اهتمام من الحكومة بالمدينة و ساكنتها . وأكد العسري، على أن الحكومة أقدمت على إغلاق معبر سبتة ، باب الرزق الوحيد للساكنة ، و تركتها لمصيرها ، و الأمر من هذا هو تزامن هذا الإغلاق مع انتشار جائحة كورونا و ما رفاقها من إغلاق و من تضييق بسبب قوانين حالة الطوارئ الصحية ، لتزداد سوء أوضاع الساكنة ، و يزداد التدهور و الانهيار ، لدرجة وجد شباب المدينة أنفسهم محاصرين بين موتين ، موت الجوع و البطالة ، و موت الهجرة السرية إلى سبتة ، و هكذا تتالت يوميا وقائع الانتحار و معها وقائع الموت غرقا ، ليصبح إيقاع المدينة قائما على الجنائز ، جنائز الموت الذي استقر في المدينة و أصبح يرفض مغادرتها . وأمام هذا الواقع، يضيف المتحدث، تنبه العشرات من المواطنين و المسؤولين السياسيين و الحقوقيين و النقابيين و الجمعويين للخطر المحدق بالمدينة و بشبابها وأصدروا قبل بضعة أيام نداء للحكومة سموه ب " نداء الفنيدق "، يحمل موقعوه الحكومة مسؤولية أي انفجار قد يقع بالمدينة ، و مسؤولية التدهور الحاصل للمدينة، و مسؤولية القتل البطيء لساكنتها، مطالبين الحكومة بالإسراع بوضع برنامج اقتصادي لإنقاذ المدينة. وطالب العسري، الحكومة أن تعيد فتح معبر سبتة مؤقتا لتعيد الحياة و الأمل للمدينة و ساكنتها ، أما استمرار الحال على ما هو عليه ، أي استمرار الإغلاق و استمرار الإهمال ، فلن يؤدي إلا لمزيد من التدهور و مزيد من الاحتقان الذي سيصل للانفجار ، انفجار قد تصل شظاياه إلى العديد من المدن و خاصة المدن الشمالية التي ترتبط مجموعة من أسواقها بما يدخل من معبر سبتة من مواد ، و التي تضرر تجارها من هذا الإغلاق .