يثير موضوع صندوق المقاصة نقاشا حادا فيه تضمن ماهو موضوعي وما جانب ذلك ومع ذلك لابد ان نغني هذا النقاش بما نراه بعدا لم ينل حقه من النقاش العمومي، فإصلاح صندوق المقاصة ليس مجرد عملية اصلاح موازناتي بهدف تخلص الدولة من اعباء مالية متزايدة بسبب تقلبات اسعار المواد في السوق العالمية وتجاوز اختلالات نظام يستفيد عبره الاغنياء من الدعم العمومي باسم السياسة الاجتماعية للدولة، ان اصلاح صندوق المقاصة بغض النظر عن هذه المداخل المبسطة هو اصلاح بنيوي سيحقق عند اتمامه مقاصد كبرى نذكرها بدون ترتيب معياري: - التحقيق العملي للمبادئ الدستورية وخاصة الفصل 31 والفصل 35 التي تؤكد على حق المغربي والمغربية في الحصول على العيش الكريم فبواسطة الدعم المباشر للفئات الهشة تقوم الدولة بواجبها الدستوري اتجاه المواطنين في وضعية الهشاشة والفقر وتضمن لهم بذلك الحد الادنى الذي تحفظ به كرامتهم من الابتذال ويحصنهم من اللجوء الى اشكال لا تليق بكرامتهم كلما اضطروا للعلاج او حلت بهم طوارئ تضطرهم للجوء الى الاقارب والمعارف والمحسنين وغيرها من اشكال الاعالة الاجتماعية. - بواسطة الدعم المباشر للأسر المعوزة تحرر الدولة الطبقة الوسطى من عبء الاعالة الاجتماعية فالطبقة المتوسطة في المغرب هي في الواقع الطبقة التي تتحمل اعالة الاسر المعوزة عبر الدعم المالي لأفراد العائلة وتتحمل تطبيبهم وشراء الادوية والمساندة في الازمات المختلفة، ان جزء كبيرا من الطبقة المتوسطة بالمغرب وخاصة ذات الاصول القروية مرتهن بدعم افراد العائلة وإرسال مبالغ مالية شهرية او دورية للآباء والأمهات المعسرين. - الرفع من القدرة الشرائية العامة فتوسيع قاعدة القادرين على الشراء من شأنه تحريك السوق المغربية وزيادة فرص النمو الاقتصادي وغيره من تأثير مباشر على قدرة المقاولات على التشغيل خاصة في الصناعات الاستهلاكية، فالأسر التي ستحصل على دعم مالي مباشر ستصير قادرة على اغناء سلاتها الغذائية بمجموعة من المنتوجات الاساسية ورفع معدلات استهلاك الادوية وهذه القدرة ستسهم في تحريك سلاسل انتاجية متعددة. - اعادة الاعتبار لثقافة التضامن ومبدأ :"في اموالهم حق للسائل والمحروم" من خلال فرض مساهمة التضامن على ذوي الدخول المرتفعة وهذه المساهمة التي تحقق مكسبا ماليا معتبرا تحقق بشكل اكبر مقصدا ثقافيا كبيرا ليشعر فيه الاغنياء بمسؤوليتهم اتجاه فقراء هذا البلد وبأن سفينة المغرب لا يمكن ان تسير دون ان يستحضر اغنياؤه مشاكل فقراءه، وتشعر الفقراء في هذا الوطن بان الاغنياء يساهمون في تحمل تكلفة استمرار ظواهر العوز والفقر ومنخرطون في معالجة هذه الظواهر. - اعطاء دفعة قوية لبرامج محاربة الامية وتعميم التمدرس من خلال جعل هذه المؤشرات ضمن شروط الاستفادة من الدعم المباشر للأسر المعوزة. - تعزيز مكانة المرأة في الاسرة والمجتمع وصيانة كرامتها من خلال توجيه الدعم الى ربات الاسر والاعتراف بالمرأة كمسؤولة وتحصينها ماديا وتقوية ادوارها الاجتماعية وإبراز قدراتها وتثمين ادوارها. - ارتفاع مؤشر الاستبناك لدى المغاربة وهو ما سيساهم في تنمية الاقتصاد البنكي بالمغرب والرفع من تنافسية القطاع البنكي المغربي في ظل قدوم منافسة بنكية اجنبية لن تتأخر في التموقع المباشر بالسوق المغربية. - تحرير القدرات المالية للدولة من خلال تحويل الدعم الذي تستنزفه المقاصة الى استثمارات مباشرة تسهم في رفع معدل النمو وخلق فرص الشغل .