رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مجلس الأمن.. بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    جرسيف .. نجاح كبير للنسخة الرابعة للألعاب الوطنية للمجندين    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    زاكورة تحتضن الدورة الثامنة لملتقى درعة للمسرح    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك        بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    روسيا تمنع دخول شحنة طماطم مغربية بسبب "أمراض فيروسية خطيرة"    نادي المغرب التطواني يقيل المدرب عزيز العامري من مهامه    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    دشنه أخنوش قبل سنة.. أكبر مرآب للسيارات في أكادير كلف 9 ملايير سنتيم لا يشتغل ومتروك للإهمال    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    "التقدم والاشتراكية": الحكومة تسعى لترسيخ التطبيع مع تضارب المصالح والفضاء الانتخابي خاضع لسلطة المال    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تثمينا لروح اتفاق الصخيرات الذي رعته المملكة قبل تسع سنوات    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    قضايا المغرب الكبير وأفريقيا: المغرب بين البناء والتقدم.. والجزائر حبيسة سياسات عدائية عقيمة    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    دورية جزائرية تدخل الأراضي الموريتانية دون إشعار السلطات ومنقبون ينددون    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025        مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سياسة البلطجة والبلطجة السياسية
نشر في لكم يوم 05 - 02 - 2011

للدكتاتور خصائص مشتركة مع البلطجية واللصوص إذ يسرق الحكم بالانقلاب أو بالانتخابات المزورة التي لا ينافسه فيها منافس و يفوز فيها بالنسب المائوية التي ترضي غروره ، ويحول مواطني بلده إلى رهائن باللجوء إلى أساليب التخويف بالطرق الأكثر قدارة ، بما فيها تسخير المجرمين والبلطجية، و استعمال العنف الوحشي ضد من يخرج عن قانون الغاب الذي يحيله إلى قانون ضمني يخترق كل القوانين الأخرى ويفرغها من أي محتوى له صلة بالعصر ومكاسبه ، و يخضع الجميع إلى أهوائه ونزواته وتقلبات مزاجه ، ويلزم الجميع بالطاعة العمياء وطأطأة الرأس والخضوع والخنوع بأكثر الطرق تحقيرا للمواطنة وإهانة للكرامة البشرية ، ويفرض على القادرين أداء آتاوات ورشاوي له ولعائلته ولمن يصطفيهم للآستفادة من هذا الريع الذي ينتزع ويوزع بقانونه الخاص الذي يمثل استهتارا بالقانون ودوسا عليه ، وبدل أن يتصرف كرئيس دولة ، فإنه يتحول إلى رئيس عصابة تستبيح كل شئ في البلد كما تستبيح عصابات البلطجية أي شئ كلما تأتت لها السيطرة على حي من الأحياء، ويعيث فسادا في كل شئ يساوره اعتقاد راسخ بأن لاأحد يستطيع ردع غلوه وبلطجته ، ومثلما يعتمد البلطجي على تواطؤ رجال أمن فاسدين يتحولون إلى داعمين لبلطجته بالرشوة أو بامتهان الوشاية ، فإن الدكتاتور يعتمد على تواطؤ أو تغاضي دول ، أو رجالات نافذين بها ، باستعمال كل الأساليب القذرة أو بالظهور بمظهر الواشي .
وحين لجأ حسني مبارك إلى البلطجية ، ورجال المخابرات المتعودين المتآلفين مع البلطجة وأساليبها الدنيئة ، لترويع المتظاهرين في ساحة التحرير في القاهرة المطالبين بتنحيه ولخلق حالة من الفوضى ، بعدما كان قد سحب بوليسه وحرك بلطجيته لتمارس السرقة والقتل لزرع الشك في نفوس جزء من الساكنة وثنيه عن الالتحاق بالمنتفضين أو تعبئته ضدهم قبل ذلك، فإنه لم يخرج عما ألفه طوال أغلب سنوات حكمه ، حيث كان يلجأ دائما إلى قانون الخوف وأساليب التخويف لتبرير ممارسات الاستبداد ونهب ثروة شعب فرض على أغلبيته العيش في فقر مدقع ليتأتى له ولابنه المدلل وأفراد من عائلته ومحيطه المدني والعسكري تكديس الثروات وتهريبها إلى الأبناك السويسرية والانجليزية والأمريكية والفرنسية وللجنات الضريبية ولشراء العقارات والشركات في نيويورك وباريس ولندن وغيرها ، مستفيدين من نفاق غرب جعلته الليبرالية المتوحشة يعبد العجل الذهبي ويخون القيم الأساسية التي مكنته من التقدم والدمقرطة ومكاسبه الحضارية الأخرى .
لكن مشكلة كل الدكتاتوريين والمستبدين ، أو بالأحرى مرضهم المزمن ، أنهم لا يتعضون لأنهم لا يعون في الوقت المناسب ، وهذا ما يسري على البلطجي أيضا ، أن الزمان دوار وأن لكل ظالم يوم كما يقال وأن أساليب البلطجة والتخويف والترويع تتآكل وتضعف وتفقد القدرة على حماية أوضاع غير قابلة للاستمرار بلا نهاية ، لأن المجتمعات البشرية ، وكما أكدت ذلك تجارب الشعوب التي تحررت من الأغلال وأنهت القهر، تعرف ديناميات تنفلت من محاولات السيطرة والكبح والمصادرة وتنتهي بإكساب المجتمعات القوة والقدرة والشجاعة للتصدي للبلطجة والدكتاتورية والاستبداد ، وليس هناك استبداد مستنير ولا مستبد عادل ، والرمي بالبلطجيين والدكتاتوريين والمستبدين إلى مزبلة التاريخ حيث يصير ذكرهم مقترنا بما اقترفوه في حق ضحاياهم وما فرضوه على شعوبهم وما نهبوه من ثروات وما آلوا إليه من ضعف بعد القوة ومظاهر الخضوع والعبودية التي يفرضونها على من يعتبرونهم رعايا في حظيرتهم ويرفضون التعامل معهم كمواطنين ، لأن المواطنة تقوم على أساس الحق والواجب في إطار مجتمع يستند إلى عقد اجتماعي ينظم التساكن والتوزيع والتوازن والتداول ويمنع الاحتكار والتسلط ويجعل البلطجة جريمة لا يمكن لمرتكبيها الإفلات من العقاب .
ويتفاقم ذلك المرض ويصبح مثل السرطان المخرب عندما يلتف حول الدكتاتورأ والمستبد، وأيضا البلطجي ، جبناء وانتفاعيون ووصوليون يتحولون إلى وسطاء سماسرة ، بعدما يتم تخريب كل الوساطات التي تنبني عليها توازنات المجتمعات ، ويحرصون على نسج صورة للمجتمع والعالم تناسب مزاجه وتجعله رائقا باستمرار ويتجنبون كل ما يعكره، ويسخرون وسائل الإعلام،التي يسيطرون عليها أويشترونها أويغرقون بعض النافدين فيها في الرشوة أو يستغلون جبنهم أو رغبتهم في الثراء أو القفز إلى المواقع ، لتقديم تلك الصورة له، مع جعله في مركزها يوميا وبأقصى درجات الإسفاف ، وللناس الذين يعيشون في واقعهم ويتلظون في لهيبه اليومي ويرون فيما يقدم لهم من صور في الإعلام تبذيرا لا يقبله العقل السليم ينضاف إلى أصناف التبذير الأخرى التي تختفي وراء الصورة لبعض الوقت، لكنها لا تبقى خافية إلى الأبد ، مثلما لا يمكن أن يبقى خافيا الإثراء على حساب جوع الناس أو حقهم في حياة كريمة .
إن لجوء الشيخ المريض مبارك ، أو من يتخدون القرار باسمه في هذا الوقت الذي يبدو فيه فاقدا لقدرته على الفهم ، إلى البلطجية وأساليبها الإجرامية في مواجهة المتظاهرين ليست رد فعل يائس على طوفان جماهيري خرج ليطالب بصوت واحد ليرحل الدكتاتور بل هو امتداد لثقافة وغرور الدكتاتور الذي ظل يساوره الاعتقاد أن هناك خلل ما مؤقت حصل في الصورة المألوفة التي تعود على الاستمتاع بها في قنوات تلفزية تلهت باسمه صباح مساء وتؤلهه وأن الأمور سرعان ما ستعود إلى نصابها بعد سلخ جلد من تجرأوا على الخروج على طاعته وإغراقهم في الدماء مستبعدا من ذهنه أن اللعبة وصلت إلى نهايتها وأن اللجوء إلى البلطجة لن يجدي نفعا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.