قال المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إن العنف ضد الفتيات والنساء هو أكثر انتهاكات حقوق الإنسان ذات الطابع الممنهج. وذلك وفق الرأي الذي قدمه المجلس حول "القضاء على العنف ضد الفتيات والنساء: استعجال وطني". وأوضح المجلس في ندوة نظمها أمس الأربعاء، أن الاستراتيجيات والبرامج التي اعتمدتها السلطات لمحاربة العنف ضد النساء منذ سنة 2002 لم يكن لها وقع ملموس على الجهود الرامية إلى التقليص من حدة هذه الظاهرة والقضاء عليها. وسجل المجلس أن هناك عوائق هامة تحد من تأثير الاستراتيجيات التي وضعتها السلطات العمومية في مجال محاربة العنف أولها مدى اعتبار محاربة العنف ضد الفتيات والنساء أولوية واضحة في السياسات العمومية، ووجود نواقص وثغرات في القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، وصعوبة ولوج النساء والفتيات ضحايا العنف إلى العدالة. وأكد المجلس أن العديد من القوانين لا تزال تتضمن مقتضيات تمييزية (مدونة الأسرة، قانون المسطرة الجنائية، قانون الجنسية، وغيرها)، بالإضافة إلى الضعف المسجل على مستوى ملاءمة جميع النصوص القانونية الجاري بها العمل مع مقتضيات الدستور والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المغرب. وأشار أن العديد من هذه القوانين لا تراعي العديد من أشكال العنف، كالعنف المرتبط بتطبيق القانون والاغتصاب الزوجي، كما أنها تربط العقوبة بالضرر الجسدي الذي يلحقه بالضحية، وسحب الشكاية يؤدي بشكل تلقائي إلى إسقاط المتابعة القضائية. وتطرق المجلس إلى الصعوبات التي تواجه الفتيات والنساء ضحايا العنف للولوج إلى العدالة، وضعف تنسيق آليات التكفل، ومنها العوائق المالية كغياب المساعدة القضائية، والعوائق القانونية والمسطرية، حيث يتم إلزام الضحايا بالحصول على شهادة طبية تسلم بأمر من وكيل الملك، تثبت عجزا لا يقل عن 21 يوما من أجل تسجيل الشكاية، كما أن عبء إثبات الوقائع يقع كليا على الضحية. وانتقد المجلس ضعف مراعاة الظروف الخاصة للفئات الأكثر هشاشة، ومنها ضعف إدماج البعد المتعلق ب "الإعاقة" على مستوى إجراءات الوقاية وخدمات التكفل وكيفيات ضما حماية خاصة للضحايا من الفئات الأكثر هشاشة، وإمكانية متابعة المهاجرات ضحايا العنف اللائي يوجدن في وضعية غير نظامية أمام القضاء و/أو ترحيلهن. وفي توصياته، دعا المجلس إلى جعل موضوع محاربة العنف ضد النساء والفتيات والنهوض بالمساواة قضية ذات أولوية على الصعيد الوطني يتم تنزيلها في شكل سياسة عمومية شاملة وعرضانية ترتكز على ميزانية مستدامة ومحددة، مع العمل على الإفادة من التعاون الدولي في هذا المجال. وشدد على ضرورة تدارك نواقص وثغرات القانون رقم 13.103 التي تم الوقوف عليها أثناء تطبيقه، تذليل مختلف الصعوبات التي تحول دون إعمال حق النساء في الولوج إلى العدالة، وإحداث آلية عملية مندمجة وذات بعد ترابي لحماية الفتيات والنساء ضحايا العنف، واعتماد تدابير ملائمة تتيح مراعاة الأوضاع الخاصة التي تعيشها الفئات الأكثر هشاشة، لا سيما الفتيات والنساء في وضعية إعاقة والمهاجرات في وضعية غير نظامية والأمهات العازبات والعاملات والعمال المنزليين، خاصة القاصرون منهم، على مستوى السياسات والبرامج والبنيات المعتمدة لمحاربة العنف القائم على النوع الاجتماعي. وطالب المجلس بإلغاء جميع المقتضيات التمييزية التي تُخضع الحقوق الأساسية للنساء والفتيات لاعتبارات لا تراعي مقومات المواطنة الكاملة والمساواة المنصوص عليها دستوريا، وتوسيع نطاق العقوبات لتشمل الأضرار النفسية والاقتصادية الناجمة عن مختلف أشكال العنف، وسن تعويضات ملائمة ومتناسبة مع خطورة الضرر الذي لحق بالضحية، وإحداث صندوق للتعويض خاص بحالات العنف القائم على النوع الاجتماعي تموله الدولة في حالة عدم قدرة الجاني على أداء التعويضات. ودعا المجلس إلى المصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 190 بشأن القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل المعتمدة في سنة 2019 وإعمال الإجراءات المقترحة في إطارها، وكذا التوصية رقم 206 المتممة للاتفاقية، والتي توفر إطارا واضحا يتيح الوقاية من العنف والتحرش في عالم الشغل ومعالجتهما.