قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن السلطة أجهزت على المكاسب الجزئية والهشة التي تحققت خلال عقود من نضال الحركة الديمقراطية والحقوقية بشكل خاص. وأوضحت الجمعية في بلاغ لها، بمناسبة تخليد اليوم العالمي للمدافعين عن حقوق الإنسان، الذي يتزامن مع 9 دجنبر، أن السلطة تستعمل فزاعة الفتنة والحرب داخليا، وورقة الحماية من الإرهاب اتجاه أوروبا لتبرير دعمها لسياسة الفساد والاستبداد في المغرب، في تناقض صارخ مع القيم التي تتبناها في خطابها اتجاه شعوبها، فقد عرفت أوضاع حقوق الإنسان في شموليتها تراجعات صارخة على جميع المستويات، خاصة بعد تراجع حركة 20 فبراير واختلال موازين القوى من جديد لصالح السلطة والقوى المناهضة للحقوق والحريات. وأشارت أن هذا التراجع يظهر في العديد من المؤشرات تهم حرية الصحافة والتعبير، ومستوى جودة العدالة واحترام القانون وعلى مستوى الحكامة والشفافية، وأيضا على مستوى العديد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية وحقوق الفئات. وأبرزت أن هذا الوضع احتد في المغرب أكثر سنة 2014، ويتجلى في المنحى التراجعي القوي الذي عرفه السلوك الرسمي للسلطة ضد الحركة الديمقراطية بشكل عام والحركة الحقوقية المستقلة بشكل خاص، والمتميز برجوع الحصار الممنهج للدولة ضد المدافعين وقمع الصحافيين ووصمهم ومحاكمة النشطاء بقرون من السجن النافذ. وأكدت أن هذه المسألة وقفت عليها بتفصيل تقارير الجمعية الصادرة في السنوات الأخيرة، كما عكسته تقارير المنظمات الدولية المعروفة، كمنظمة العفو الدولية، ومنظمة هيومن رايتس ووتش، والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، حيث أصدرت هذه الأخيرة تقريرا لها غير مسبوق حول وضعية المدافعين بالمغرب في فبراير 2018، إذ أبرز ما سماه التقرير ب "انكماش حيّز العمل بالنسبة للمجتمع المدني المستقلّ في المغرب"، واعتبرت أن ذلك يؤثر على عدد متزايد من منظمات حقوق الإنسان، ويجعل من المكاسب الدّستورية التي تحققت سنة 2011، في أعقاب حركة 20 فبراير وما سمي ب"الربيع العربي"، في تراجع تحت وطأة القيود والمضايقات الإداريّة. ولفتت إلى أنه بسبب هذا التضييق تشكلت في المغرب لأول مرة شبكة تضم الهيآت التي أصبحت عرضة لقمع ممنهج من السلطة وهي "شبكة التنظيمات ضحايا المنع والتضييق" والتي تضم ما يقارب 30 تنظيما. وشددت أن الجائحة التي بدأت في المغرب في مارس 2020، شكلت مناسبة أخرى انقضت عليها الدولة للإجهاز على ما تبقى من الحقوق والحريات التي يجب أن تكفل للمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، حيث صنفت المفوضية السامية لحقوق الإنسان المغرب ضمن الدول التي استغلت الجائحة للانتقام منهم. وأضافت أن سياسة الانتقام هذه تجلت في الاعتقالات التعسفية، ومنع الأنشطة والاحتجاجات رغم احترامها لشروط الوقاية من الوباء، واستمرار حرمان الإطارات من وصولات الإيداع، وتزايد استغلال الصحافة من طرف السلطات في انتهاك سافر لرسالتها النبيلة، في التشهير والقذف وسب المدافعين والمدافعات وحماية المنابر المتورطة في هذه الأفعال الإجرامية من أي متابعة أو محاسبة. وأشارت أن الجمعيات الحقوقية محرومة من الفضاءات العمومية ومن وصولات الإيداع، ومن الوصول إلى التمويل، إضافة إلى الاعتقالات والمتابعات، وشيطنة الجمعية ومحاولة المس بسمعتها لدى الرأي العام. وأكدت الجمعية أنه بعد أكثر من ست سنوات من الحصار والتضييق الشديدين، تواصل نضالها بكل قوة، ولازالت تشكل التنظيم الحقوقي الأكثر نشاطا وحضورا في الساحة الحقوقية والإعلامية، ولا زالت تصدر تقاريرها السنوية والموازية والموضوعاتية في وقتها، وتلعب دورها في الشبكات التي تنسق عملها، وتواصل مهامها في مجال الحماية والدفاع عن حقوق الإنسان كما هو مسطر في أهدافها، بفضل التضحيات التي يقدمها مناضلوها ومناضلاتها والاحتضان الذي تحظى به في محيطها.