قبل الدخول في الموضوع أود القول للسيد عصيد بأنني فتحت عيني بين جبال الأطلس الكبير ، و تكلمت مع لعبي التي كنت أصنعها بيدي بالأمازيغية،وصنعت عرائس خشبية كثيرة كنت أزفها مع صديقات طفولتي بالأهازيج الأمازيغية، وأجدادي تمزغوا منذ زمن بعيد ولا أرى في تمزغهم عنفا ثقافيا مورس عليهم بل على العكس أجده نتاجا طبيعيا لعيشهم بين أهلهم الأمازيغ لعشرات السنين ،وأعرف ذلك القلب الطيب الكبير لدى أهل قريتي الأمازيغ،و أعرف أن هؤلاء يستحيل أن يقبلوا يوما أن يناصر بيدق من بيادق الصهيونية عدوانا على الفلسطينيين الأبرياء باسمهم ولا راكبا على ذريعة الدفاع عن ثقافتهم.. أما لماذا أقول هذا الكلام فلأنني بقدر ما أعرف درجة دفاعك عن الأمازيغية أعرف أيضا درجة توظيف بعض الصهاينة لهذا الخطاب البرئ والتخفي خلفه للدعاية للصهيونية ، وبالتالي رأيت أن الواجب الأخلاقي يقتضي منكم ومن كل منتم للحركة الأمازيغية إعطاء موقف واضح من هؤلاء ،حتى لا تلتبس علينا الأمور ويختلط في وعينا الحابل بالنابل ولا نكاد التمييز بين من يتخفى وراء من ؟؟كما رأيت أن ما يلوكون من التصهين يسئ لكم ولكل الأمازيغ تماما كما يسئ لكل إنسان مؤمن بقضايا الإنسان في كونيتها بعيدا عن الحسابات الشوفينية الضيقة. لقد دخلت عشرات الصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي التي تترامى فيها الراية التي ترمز للثقافة الأمازيغية (بالمناسبة أجد ذاتي أكثر كأمازيغية في الراية التي رفعها المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي)،وقد وجدت في هذه الصفحات ما يندى له الجبين، رأيت دعوات موجهة ل"إسرائيل "لإبادة العرب ،ورأيت تبريرات جمة للهجوم السافر الأخير للصهاينة على فلسطين،بين من يقول بأن الصهاينة "يدافعون عن أنفسهم"وبين من يقول بأن "الفلسطينيين هم من بدأ بالعدوان "وبين من يقول بأن الفلسطينيين "يقتلون المدنيين "(هل يعتبر هؤلاء المقاوم البطل عبد الكريم الخطابي قاتلا "للمدنيين" الفرنسيين المستعمرين للمغرب؟) . وبالمقابل دخلت عشرات الصفحات لمناضلين غربيين وجدت راية فلسطين مستلقية فيها بكبرياء ، في بلدان ترزح تحت نير اللوبيات الصهيونية المترصدة لهؤلاء المناضلين والمتهمة لهم بالعداء للسامية وبالعنصرية وغيرها ،ولم أر ذلك يثنيهم عن الدفاع عن الحق دون اعتبار للانتماء الإثني ، لم يتحكم في هؤلاء انتماء "عروبي" كما يحلو للبعض استعمال هذه اللفظة لوصم كل من يقرأ أو يحلل الوضع السياسي بغير منطقهم. لا أظن أن فيتوريو أريجوني الإيطالي وراشيل كوري الأمريكية شهيدي القضية الفلسطينية "عروبيين" ولا أظن جورج كالاوي أوميشيل كولون أو مايسن أو هوجو شافيز "عروبيين"حين تحدثا عن المؤامرة ضد سوريا أو ليبيا،إذ لم يستند هؤلاء على لسانهم "العربي"(لا أحد من بينهم عربي ) لتحليل الوضع في المنطقة بقدر ما استندوا على معطيات دولية وإقليمية معينة ليست موضوع مقالنا هنا. سيدي الكريم ،إن تحليل المحيط الدولي والإقليمي بناء على شكل الحروف الأبجدية التي يلوكها المحلل(إن كانت أمازيغية أم عربية أم فارسية...) ،ستسقطه لا محالة في خيانة الموضوعية لصالح الانتماء الإثني،وقد تسقطه في حبال الدفاع عن الباطل حين يعتقد بأن الباطل سيهزم خصما وهميا في وعيه إسمه "العربي" . إن الدفاع عن قضية ما ،يقتضي الدفاع عنها ضد مؤسسات وضد نظام قد يكون هو خصمها ،نظام يضم في دواليبه ومؤسساته السياسية والعسكرية و أحزابه ومعاهده عددا كبيرا من الأمازيغ،مما يعني أن الخصم ليس العربي و إنما نظام مستبد لا تعنيه ثقافة عربية ولا ثقافة أمازيغية بقدر ما يعنيه أيهما يضمن استمراره أكثر ، فارتأى أن اللغة الفرنسية أفضل منهما معا.(بالمناسبة لم تسأل قوات القمع يوما محتجا أمام البرلمان عن إسمه إن كان محمد أو محند قبل أن تنهال عليه بالهراوة). إن الترويج اللاواعي لصورة العربي كخصم أثناء الدفاع عن الأمازيغية يؤسس لخطاب طائفي بعيد عن النزعة الإنسانية الكونية (رأينا كيف ذهب ضحية هذا الخطاب طالب في مراكش مؤخرا)،في حين أن تبنيها ك"قضية" كان سيكون أجدى لو لم ينزلق خطابها للدخول في ثنائية عربي- أمازيغي ،كان سيكون أجدى لو جعلت شعارا لها "لماذا علي إتقان الفرنسية أولا لأكون وزيرا أو إطارا مهما في بلد يتحدث أهله الأمازيغية والعربية ؟؟؟؟"لماذا يفضل بعض نشطاء الدفاع عن الأمازيغية التحدث باللغة الفرنسية ويتشنجون فقط في علاقتهم بالعربية؟؟؟؟؟ مجرد تساؤلات فقط نود من خلالها فهم ما يجري ، ونتمنى أن يكون مقالكم القادم بيانا تضامنيا مع القضية الفلسطينية العادلة وإدانة للمتصهينين المرتزقين على الأمازيغية والتبرؤ منهم وسيشرفنا انضمامكم لحملة المطالبة بتجريم قانوني للتطبيع مع الكيان الصهيوني..