تسببت تصريحات عبد اللطيف وهبي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، خلال مناقشة ميزانية 2013 داخل لجنة المالية يوم فاتح نونبر 2012، و التي قال فيها بالحرف "ان مشروع مدينة تامسنا "ما يصلح غير لشي شلح يبيع فيها الزريعة"، موجة من الاستياء لدى عدد من الجمعيات والفعاليات الامازيغية، الذين تعاملوا مع تلك التصريحات باعتبارها مسا وتحقيرا لكرامة المكون الأمازيغي من ناحية، وضربا لمرتكزات الهوية المغربية من ناحية ثانية. وقد ندد "التجمع العالمي الأمازيغي"، من العاصمة بروكسيل التي يتخذها مقرا له، في بيان ناري له بما أسماه "التصريح العنصري للبرلماني عبد اللطيف وهبي". وأكد البيان على المسؤولية الكاملة لحزب الأصالة و المعاصرة و لفريقه النيابي في هذه التصريحات الصادرة عن رئيس فريقهم النيابي ضد الأمازيغ. وبدل أن يتقدم رئيس فريق الأصالة والمعاصرة باعتذار لمنتقديه عن زلته السياسية، التي نزلت كالصاعقة على حزبه ، استمر وهبي في عناده الغير محسوب سياسيا ،فوصف منتقديه من المنتسبين للحركة الأمازيغية، في حواره مع احدى الجرائد اليومية، بأشباه المثقفين الذين يثيرون الزوابع في الفناجين، وقال بأنه لا يمكن لأي أحد أن يزايد على حزب الأصالة والمعاصرة في قضية المطالبة بتفعيل ترسيم الأمازيغية، وهو ما فهم منه حينداك، أن تصريح عبد اللطيف وهبي لم يكن تلقائيا، بل يعكس خيارا حزبيا واعيا لحزب الأصالة والمعاصرة في تعاطيه مع القضية الأمازيغية. تصريحات عبد اللطيف وهبي التي وصفتها تنظيمات الحركة الأمازيغية بالتهكمية والعنصرية والبغيضة، لم تمر دون أن يتم توظيفها سياسيا من قبل الخصوم السياسيين للبام، حيث نشرت جريدة التجديد - لسان حال حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، والذي تؤاخذه التنظيمات الأمازيغية على مواقفه الساخرة من الحرف والرافضة لتنزيل القانون التنظيمي بعد ترسيمها دستوريا في دستور فاتح يوليوز- مقالا رصدت فيه مواقف عدة تنظيمات أمازيغية منددة بتصريحات عبد اللطيف وهبي بصفته رئيسا للفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة في البرلمان. توسع جبهة الاحتجاج ضد تهكم عبد اللطيف وهبي، وانتقال عدواه من داخل البرلمان الى خارج حدود الدولة، سبب لقيادة البام، ولا سيما، الأمين العام العام لحزب الأصالة والمعاصرة مصطفى الباكوري، الذي خرج يوم أمس ليسمي الأشياء بمسمياتها، ويزيل اللبس والغموض عن تصريحه الذي تحدث فيه بمناسبة بمدينة طنجة،عن المزايدات السياسوية في شان الدين الاسلامي والامازيغية، حرجا سياسيا كبيرا، كما نقلت ذلك بعض المصادر الحزبية لوسائل الاعلام. فبعد أن فهم أن بأن البكوري رد في لقاء طنجة على منتقدي تصريحات عبد اللطيف وهبي ، تسربت أخبار يوم أمس الى وسائل الاعلام، تكشف على أن هذا الأخير "لا ينظر بعين الرضا لبعض الخرجات الإعلامية لأعضاء حزبه، وبأن المقصود بهذه الخرجات هو تصريح عبد اللطيف وهبي، رئيس الفريق البرلماني للحزب حين قال "الشلح مول الزريعة" وكذا تصريح البرلماني المهدي كنسوسي الذي اتهم الشيخ المغراوي بالإرهاب". التسريب الذي خرج يوم أمس، يعكس بالفعل وجود أزمة تصريف القرار داخل حزب الأصالة والمعاصرة. كما يكشف ضعف المسؤولية السياسية داخل التنظيم، ووجود أطراف داخل التنظيم، لا تستشير الأمين العام مصطفى البكوري عندما يريدون التعبير عن مواقفهم بخصوص قضايا كبرى مثل الأمازيغية والارهاب من داخل مؤسسة البرلمان الدستورية. اذا صح هذا الخبر الذي نقل عن الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، فان هذا الأخير يكون قد بعث الى الرأي العام والى جهات في الحزب بثلاثة رسائل. 1- أي نقاش أو موقف يتم تصريفه من خارج المؤسسات الحزبية لا يعني الحزب في أي شيء. 2 - أنه لم يدافع عن وهبي كما فهم من خلال كلمته التي ألقاها بمناسبة المؤتمر الجهوي للبام في طنجة. 3 - أن الموقف من أمور اللغة والدين لا مجال للمزايدة السياسوية فيه لكن مهما كانت الرسائل، فان الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة كان لزاما عليه أن يخرج الى دائرة الضوء لتوضيح الأمور على الأقل لسببين رئيسيين: أولا : لقد سبق للبكوري أن جالس المغراوي ومجالسته تلك لم تكن اعتباطية، بل جاءت لتصريف قرار حزبي ، وبالتالي عندما يخرج نائبا برلمانيا ويتهم المغراوي من داخل مؤسسة دستورية بالإرهاب، فالأمر حقيقة يسيئ لشخص الأمين العام وللحزب الذي يقوده قبل أن يسيئ للمغراوي. كما أنه فيه تشويش للمبادرات التي تقوم بها بعض الأطراف داخل الحزب لإيجاد تسوية لملف المعتقلين الاسلاميين المتابعين بتهم تتعلق بالإرهاب. ثانيا: الاساءة للأمازيغية كما فهمت من خلال تصريح وهبي من داخل البرلمان أيضا، ستفسر في حالة اذا استمر صمت البكوري، بأن رؤية الحزب للأمازيغ في الواقع لا تعكس تلك الرؤية المدونة في وثائقهم وأرضياتهم السياسية مند التأسيس الى اليوم. ما نقل عن مصطفى البكوري، استبق في حقيقة الأمر ردود الفعل القوية، التي عبر عنها من يوم أمس الأربعاء من داخل مجلس المستشارين، الرئيس الشرفي للحركة الشعبية، المحجوبي أحرضان، الذي رفض التحدث بالعربية أمام المستشارين، احتجاجا على كل من الشيخ بيد الله الأمين العام السابق للبام، ورئيس مجلس النواب كريم غلاب، والوزير الاسلامي المكلف بالعلاقة مع البرلمان، الحبيب الشوباني، الذين وصفهم بأعداء الأمازيغية الذين يقودون المغرب الى مواجهة بين العرب والأمازيغ...لكن في جميع الاحوال ومهما كان الموقف الحكيم ، فان الكلام الذي نسب اليه يحتاج الى شجاعة سياسية والتعبير عنه بشكل مؤسساتي ان كان البكوري يسعى حقا الى بناء التنظيم المؤسساتي لحزب لا زالت لعنة ارتباطه بالدولة تطارده أينما حل وارتحل.