قال عمر عباسي النائب البرلماني عن حزب "الاستقلال" إن المعركة ضد الفساد يجب أن تبدأ بمناقشة القضايا العميقة، مشيرا أن ما يحتاجه المغرب اليوم هو نقاش عمومي صادق. وأشار خلال مناقشة مشروع قانون رقم 46.19 الخاص بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، اليوم الأربعاء، بلجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، أن الحكومة تأخرت في إحالة مشروع على البرلمان، والمعركة ضد الفساد لم تعد مرتبطة بالآليات القانونية والمؤسساتية على أهميتها، ولكن مرتبطة أيضا بالبيئة السياسية.
وأبرز عباسي أنه ليس لدينا تشريعات قوية، وقانون الإثراء غير المشروع يتعرض لإجهاض ممنهج، لا يمكن إلا رفضه والتنديد به. وأضاف "كنا نقول بأن الأغلبية تعطل الإصلاحات، لكن اليوم يجب أن نقولها بوضوح بعض المكونات لها إرادة واضحة كي لا يخرج هذا القانون مع كامل الأسف". وتساءل عباسي عن تكلفة الفساد بالنسبة للاقتصاد الوطني والأموال المهربة للخارج، والهيمنة والاحتكار في الحقل الاقتصادي. وأشار أن تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي سبق وأن انتقد الوضعيات المهيمنة التي لم يتم تصحيحها، موضحا أن الاقتصاد المغربي يتسم بتركيز كبير في معظم القطاعات مما يولد وضعيات مهيمنة على السوق لفائدة بعض الشركات الكبرى. ولفت عباسي إلى أن هذا ليس كلام حزب معارض أو إعلام متطرف، بل كلام مؤسسة دستورية محترمة، سبق وأن أكدت أنه على عكس الرشوة والغش فإن خطر بعض أشكال الريع يكمن في أنها غالبا ما تتخذ طابعا قانونيا بموجب القانون والمساطر. وشدد على أن هناك أزمة بنيوية خطيرة يعيشها المغرب، هي فقدان الثقة في السياسة وفي المؤسسات الدستورية، والسبب الرئيسي في هذا هو الفساد، وذلك إما بفعل مكونات كانت تندد به وعندما وصلت إلى مراكز المسؤولية انغمست فيه، وإما بفعل مكونات كانت تندد به وجعلته ضمن أهم أولوياتها وعندما وصلت إلى مراكز المسؤولية وقفت عاجزة أمامه. وأكد أن إرادة محاربة الفساد هشة، فتعيين رئيس الهيئة كان في 2018 والمشروع لم يحل علينا إلا في 2020، إذن نحن أمام هدر زمني وأمام هدر الفرص، لأن المغرب مع الأسف بلد الفرص الضائعة. وأوضح عباسي أن الفساد هو من أسقط عدة أنظمة في منطقتنا وعلى رأسها نظام بنعلي في تونس ومبارك في مصر، حيث كانت سنة 2011 عنوانا بارزا لتهاوي الأنظمة بسبب الفساد، وحتى اليوم من أخرج الناس في الجزائر والسودان هو الفساد لأنه مهدد الاستقرار المؤسساتي. وأكد عباسي أن حصيلة الحكومة سواء الحالية أو السابقة في محاربة الفساد تبقى ضعيفة ودون الطموح الجماعي. واعتبر أن الرشوة مدانة كانت كبيرة أو صغيرة، لكن ما يكرس عدم الثقة عند المغاربة هو الفساد الكبير وتضارب المصالح والإثراء غير المشروع.