ذكرت صحيفة "غارديان" البريطانية، الأحد، أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان "أعطى الضوء الأخضر السري لتدخل روسيا في سوريا". وقالت الصحيفة البريطانية "في صيف 2015، قلب محمد بن سلمان، وزير الدفاع السعودي آنذاك..، السياسة الخارجية لبلاده رأسا على عقب وأعطى الضوء الأخضر السري لتدخل روسيا في سوريا"، وفقا لدعوى قضائية رفعها رئيس المخابرات السعودي السابق سعد الجبري، المتواجد حاليا في كندا.
وبحسب الدعوى التي قدمها الجبري، فقد "أثار التحرك من الرجل الذي أصبح وليا للعهد، قلق مدير المخابرات الأمريكية حينها جون برينان، الذي التقى مع مسؤول المخابرات السابق في يوليوز وغشت 2015 وطلب منه إيصال توبيخ من إدارة باراك أوباما". وذكرت الدعوى المرفوعة الأسبوع الماضي في محكمة مقاطعة كولومبيا، "أن برينان أعرب عن قلقه من أن بن سلمان كان يشجع التدخل الروسي في سوريا، في وقت لم تكن فيه روسيا بعد طرفا في الحرب". ونقل سعد الجبري رسالة برينان إلى بن سلمان الذي رد بغضب، بحسب المصدر نفسه. وأفاد الجبري بأن اللقاء مع برينان كلفه وظيفته كثاني أقوى رجل في المخابرات السعودية والمنسق مع "سي آي إيه"، وهرب لاحقا من السعودية ويقيم الآن في مكان مجهول بكندا حيث زعم أن ولي العهد حاول اغتياله من خلال فرقة أرسلها إلى كندا بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي. وقدم الجبري اتهامه بمحاولة القتل خارج نطاق القضاء باعتباره "انتهاكا صارخا لقانون الولاياتالمتحدة والأعراف والمعايير الدولية" بموجب قانون حماية ضحايا التعذيب وقانون تعذيب الغرباء. وأوضحت الصحيفة البريطانية أن الزعم بدعوة محمد بن سلمان للتدخل في سوريا هو "قنبلة". ولم تعلق الحكومة السعودية ولا سفارتها في واشنطن على هذه المزاعم، كما أن الجابري لم يقدم أدلة على ذلك، علما أن صحيفة "غارديان" قالت إنها "لم تتمكن من التحقق من المزاعم بشكل مستقل". ويقول الدبلوماسيون الغربيون إنه وبعد فترة قصيرة من تعيين محمد بن سلمان وزيرا للدفاع بعد صعود والده إلى العرش عقب وفاة الملك عبد الله في يناير، تأثر وبشكل شديد بولي عهد أبوظبي محمد بن زايد. وصرح مصدر مطلع على الأحداث منذ 2015 إن "محمد بن زايد وبن سلمان التقيا في معرض "إندكس" للسلاح في أبوظبي، في فبراير 2015، مضيفا أنها كانت نقطة تحول في طموح ورؤية واعتقاد محمد بن سلمان". وأوضح المصدر نفسه أن "محمد بن زايد قال لبن سلمان عليك البحث عن تحالفات جديدة، وعليك النظر نحو الصينوروسيا"، مشيرا إلى أن محمد بن زايد على علاقة جيدة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وبهذا الخصوص، قال حسن حسن، مدير برنامج "اللاعبون من غير الدول" في المركز الدولي للسياسة بواشنطن: "كنت مطلعا على بعض النقاشات المهمة المتعلقة بدعم دول الخليج لدور تقوده روسيا في سوريا وبعد شن الحرب على اليمن في 2015″، بحسب الصحيفة ذاتها. وتابع قائلا: "في ذلك الوقت، كانت الإمارات تدفع باتجاه دعم روسيا لتحقيق الاستقرار في سوريا ومساعدة نظام الأسد على استعادة المناطق التي خسرها". وبين حسن حسن أن المبادرة التي بدأها الأمير محمد بن نايف والجبري وكانت بدعم من "سي آي إيه" وتعرف ب"غرفة الرياض"، ناقشت من هي الجماعة التي يجب دعمها وتلك التي يجب رفضها. وأفاد بأن "غرفة الرياض" استطاعت تحقيق نوع من النجاح وضبط للدعم الغربي والخليجي إلى الجماعات المعارضة لرئيس النظام السوري بشار الأسد في عام 2014، ولكنها تلاشت في ربيع وصيف 2015 مع صعود محمد بن سلمان. كما ذكر حسن حسن أنه "في يونيو 2015 سافر محمد بن سلمان، وكان حينها نائبا لولي العهد، إلى مدينة "سانت بطرسبورغ" الروسية، والتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبحسب الجبري فقد ناقشا التدخل الروسي في سوريا". ونقلت الصحيفة البريطانية عن مصدر مطلع على المحادثات بين برينان والجبري (لم تسمه) قوله "عندما علمت "سي آي إيه" بالنقاشات، دعا برينان الجبري للقاء طارئ بمدينة "دبلن" في تموز، ونقل برينان خلال اللقاء استياء الولاياتالمتحدة". وبعد بضعة أسابيع، التقى الجبري برينان للمرة الثانية في الولاياتالمتحدة، وفي نفس الوقت تقريبًا أجرى محادثات في لندن مع وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، الذي أعرب عن مخاوف مماثلة. وفي مارس 2020، اعتقل الأمن السعودي نجلي الجبري، سارة (20 عاما)، وعمر (21 عاما)، ولم يسمع عنهما منذ ذلك الوقت، ويقول الجبري إنه تم الاحتفاظ بهما كرهائن لإجباره على العودة إلى المملكة نظرا لمعرفته بالطريقة التي صعد فيها محمد بن سلمان إلى السلطة، ولم يصدر تعليق من الديوان الملكي على اتهاماته. وسعد الجبري هو المسؤول الأمني السعودي السابق والساعد الأيمن للأمير محمد بن نايف، الذي تم عزله من ولاية العهد عام 2017. وأشادت وزارة الخارجية الأمريكية بالجبري، الأسبوع الماضي، قائلة إنه "كان شريكا مهما للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب.. ساعد عمل سعد مع الولاياتالمتحدة في إنقاذ أرواح الأمريكيين والسعوديين". وجه أربعة أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي، من الحزبين الجمهوري والديموقراطي، في يوليوز الماضي، رسالة إلى الرئيس دونالد ترامب، يدعونه فيها إلى بذل ما في وسعه لتحرير سارة وعمر الجبري. كم أن الجبري مطَّلع على وثائق تحتوي على معلومات حساسة يخشى ولي العهد أن تسبب ضررا له.