في الوقت الذي تراجع فيه عدد السياح خلال الأربعة أشهر الأولى من هذا العام ب45 بالمائة وانخفض عدد ليالي المبيت السياحية بنحو 43 بالمائة، مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، بحسب ما أوضحت وزيرة السياحة نادية فتاح، فإنَّ مدينة الصويرة المطلة على المحيط الأطلسي تُراهن على كسب تحدي جديد لم يسبق له مثيل تزامنًا مع انتشار وباء "كوفيد-19". يُفكر مسؤولي قطاع السياحة رفقة أجهزة وزارة الداخلية في وضع سيناريو محكم لإنقاذ ما تبقى من الموسم السياحي في مدينة الرياح، والمحسوبة على جهة مراكشآسفي، والتي تُعتبر من ضمن أبرز المدن المغربية السياحية التي تنتعش كل صيف. وفي الوقت الذي زار موقع "لكم" مدينة الصويرة، كانت السدود الأمنية تُشدد المراقبة بشكل غير مسبوق على مداخل المدينة الرئيسية، ورغمَ عدم صدور قرار عاملي يقضي بمنع الدخول للمدينة حتى اللحظة، فإنَّ السلطات عقدت العزم على منع دخول المواطنين القادمين من المدن التي سجلت بؤر وبائية، وعاينَ "لكم" إقدام السلطات الأمنية على إرجاع مواطنين قدموا من مدن البيضاءوآسفي.
وأوضحَ مصدر من عمالة مدينة الصويرة لموقع "لكم" أنَّ عملية انطلاق الموسم السياحي تقتضي حماية المدينة أولا وصحة الزوار، وبتالي يُعد الأمر صعبا للغاية، مقابل الكساد المعلن والذي خلفته جائحة كورونا على العالم، مشيرًا إلى أنَّ الوضع الحالي أصبحَ متحكم فيه إقليميا، ويجري التعاون بين الأطر الصحية والمؤسسات السياحية لإنجاح الموسم السياحي الداخلي". كساد معلن وكشفَ عدد من المهنيين في قطاع السياحة في تصريحات متفرقة لموقع "لكم" أنَّهم تكبدوا خسائر ضخمة، وأوضح صاحب مطعم خاص أنه يشغل أزيد من 25 مستخدمًا بمطعم يقع في موقع إستراتيجي بالمدينة، وأن نيته لم تكن إعادة فتح مطعمه نظرًا للنقص الحاصل في الزوار مقارنة بالمصاريف المتطلبة، وقال إنه في العام الماضي في مثل هذا الوقت كانت مداخيل مطعمه الخاص تفوق 35000 ألف درهمًا في الليلة الواحدة، بينما اليوم لم تعد المداخيل تتجاوز ما قدره 4000 أو 5000 درهمًا. ولإنقاذ الموسم الصيفي، أطلقت السلطات حملة إعلامية من أجل "تذكير المغاربة بكل الغنى والتنوع الذي يتميز به بلدهم" مع "عروض تحفيزية" و"أسعار تفضيلية"، وفق الوزيرة، وفي هذا الإطار يقول محسن الشافعي العلوي ، المندوب الإقليمي لوزارة الصحة بإقليمالصويرة في حديثه لموقع "لكم" إنَّ المندوبية عقدت عدة لقاءات تشاورية مع مهنيي القطاع بهدف إيجاد صيغة توافقية لإنقاذ الموسم السياحي الحالي. وأورد الشافعي العلوي، أن التحدي الأول يكمن في عتبة الأسعار وعلى إثرها عقدت هذه اللقاءات مع المهنيين بحضور عامل إقليمالصويرة، حيث جرى اقتراح أسعار تناسب السائح المغربي وضمان الجودة في الوقت نفسه. سياحة مشروطة وأوضح مندوب إقليم السياحة أيضًا، أنه جرى طلب من المهنيين اقتراح أسعار معقولة، حتى تكون حافزا للسفر للمواطنين المغاربة، وأكد مندوب السياحة أنه في الظرفية الحالية أصبحت أسعار فنادق خمسة نجوم إنطلاقا من 700 درهمًا فقط. ومن جهة أخرى يقول أحد الفندقيين مفضلا عدم ذكر اسمه في حديثه على توقف توافد السياح الأجانب "إنها ضربة كبرى لمعنويات الفندقيين الذين كانوا يأملون البدء في استقبال زبائن مغاربة منتصف يونيو". وتمثل السياحة نحو 10 بالمائة من الناتج الداخلي الخام للمغرب، وهي أيضا مصدر أساسي للعملة الصعبة بجانب الصادرات والتحويلات المالية للمغاربة المقيمين في الخارج. واستفاد القطاع في السنوات الأخيرة من ربط مطارات المملكة بخطوط جوية عدة للرحلات منخفضة الكلفة، لكنه خسر بالمقابل عائدات من السياح المحليين الذين صاروا يفضلون السفر إلى الخارج حيث أنفق المغاربة العام الماضي أكثر من ملياري دولار على سياحتهم في الخارج. وأشارت تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي، بمناسبة الحملة الإعلامية حول السياحة الداخلية، أيضا إلى العائق الذي يمنع الكثير من الشباب من حجز غرفة مزدوجة في فندق ما لم يكن معهم عقد زواج، إذ إن إقامة علاقة حميمية خارج إطار الزواج يمكن أن يؤدي إلى السجن بحسب قانون يثير رفضا واسعا لدى الحقوقيين. وفي منطقة سيدي كاوكي، والتي هي عبارة عن جماعة قروية تابعة لإقليمالصويرة ضمن جهة مراكش – تانسيفت – الحوز، لم يعد الوضع كما كان من قبل، حيث أوضح صاحب مركز للتخييم بالمنطقة أن السياح أصحاب العربات المجرورة والسيارات المنزلية "caravane" الذين كانوا يتوافدون عن المركز للتخييم انسحبوا مع حلول الجائحة، ولم يتبقى سوى 3 سياح التقاهم موقع "لكم" هناك. وقال صاحب مركز التخييم لموقع "لكم" إن قطاع السياحة يعيش سنة بيضاء، فيما تفاقمت مصاريف الاستغلال والترويج، وتقلصت المداخيل بشكل بالغ، ودعا المستثمر المذكور المسؤولين عن قطاع السياحة للتدخل ومساعدة أرباب المهن السياحية ودعمهم ماديا حتى يعود القطاع إلى سابق عهده. وفي مقابل ذلك، وإزاء أزمة كورونا، كشف استطلاع للرأي أجراه المكتب الوطني المغربي للسياحة، في منتصف يونيو 2020، أن 70 بالمائة من المغاربة يخططون لقضاء عطلتهم الصيفية داخل البلاد. وهمّ استطلاع المكتب 2800 شخصا من سكان الحواضر تتراوح أعمارهم بين 18 و 75 سنة، يمثلون مختلف الفئات الاجتماعية والمهنية. وأظهر الاستطلاع أن القيود المفروضة على التنقل، والإكراهات المتعلقة بالوضع الصحي والاقتصادي، كلها عناصر تجعل المغاربة يختارون السياحة الداخلية لقضاء العطلة الصيفية.