صادق مجلس المستشارين، مؤخرا بالأغلبية، على مشروع القانون رقم 72.18 المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات. يتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي التي تشرف عليها الإدارة العمومية والجماعات الترابية والهيئات العمومية. ويهدف مشروع هذا القانون إلى إحداث آليات لتعزيز التناسق بين برامج الدعم الاجتماعي من خلال وضع تصور موحد لتنفيذ هذه البرامج بشكل منصف وعادل وشفاف. وتعول الحكومة على هذا المشروع، المستوحى من تجارب عدة دول، لعقلنة برامج الدعم الاجتماعي والتي يفوق عددها 120 برنامجا. إن المنظومة الوطنية للحماية تعتريها العديد من الاعطاب والنواقص والتحديات التي تجعلها لا تستجيب بالشكل المطلوب لاحتياجات وتطلعات المواطنات والمواطنين وهذا راجع بالأساس إلى وجود ثغرات في شبكات الأمان، حيث لا تغطي على النحو المطلوب بعض المخاطر الاجتماعية، أو بعض الشرائح السكانية، خاصة من بين الفئات الأكثر هشاشة. ونود هنا إثارة الانتباه إلى أن شريحة مهمة من المغاربة يجب أن تشملها معايير السجل الاجتماعي الموحد المزمع إخراجه إلى الوجود، إنها فئة الأشخاص في وضعية إعاقة حيث يعيش الأشخاص ذوي الإعاقة في حالة من عدم الاستقرار، غير قادرين على القيام بمواجهة التكاليف المرتبطة بالإعاقة. بالإضافة إلى ذلك، يُنظر بشكل متزايد إلى فكرة التعويض العادل للأشخاص ذوي الإعاقة على أنها عنصر أساسي في أي استراتيجية للحد من الفقر. يعتبر الأشخاص ذوو الإعاقة واحدة من أكبر المجموعات الفقيرة في العالم،ففي غياب أي دعم من الدولة أو تغطية اجتماعية يبقى موضوع إفقار الإعاقة للأسر إحدى النتائج الوخيمة للإعاقة وأثارها على المستوى المعيشي للأسر في المجتمعات،فعلى الصعيد العالمي 80 % في المائة من الأشخاص ذوي الإعاقة يتواجدون في البلدان الفقيرة و يعيشون بأقل من أورو في اليوم، و 20% من الأشخاص الأكثر فقرا في العالم هم من ذوي الإعاقة كما أن علاقة الفقر والإعاقة تبدوا أكثر جلاء في الدراسات التي أبانت على أن 80 % من الأفراد من ذوي الإعاقة هم في حالة عطالة وأن من بين الأشخاص الذين يعيشون تحت عتبة الفقر يوجد شخص معاق 1 من 5 أشخاص فقراء, هذا بدون اعتبار من يتعاملون مع الإعاقة بحكم وجود معاقين في عائلاتهم. حيث أن العبء الاجتماعي الذي تتحمله الأسرة يزيد تفاقما من مشاكلها، ويستهلك جزءا كبيرا من مداخيلها، حيث أنها لا تستطيع أن تقوم بكثير من أعباءها. وفي بلادنا تقول الأرقام الرسمية أن: 97% من الأشخاص في وضعية إعاقة لا يتوفرون على دخل 2،4% يتقاضون تعويضات أو معاش يصرف لهم بسبب وضعهم الصحي. 41،2% يعانون من صعوبات مالية بسبب الإعاقة، وفي 82،5% من الحالات اثقلت كلفة الإعاقة كاهل الأسرة وفي حالات أخرى، فقدت الأسرة مصدرا من مصادر دخلها (19،9% فقدان دخل الشخص في وضعية إعاقة) (10،1% فقدان عضو آخر من الأسرة لدخله). وتقول الدكتورة أمارتياسن الحائزة على جائزة نوبل في هذا الصدد "إذا ما أخذنا في الاعتبار تحديد الفقر استنزاف المال والوقت فإن معدلات الفقر في أوساط المعاقين ستكون أكثر ارتفاعا. ومن الواضح أن كل الجهود لمحاربة الفقر ستذهب سدى ما لم يتم التعامل مع حاجات المعاقين. إن المتتبع لجل برامج الدعم التي أقرها المغرب، وهي كثيرة على كل حال، يلاحظ أن هناك نقط ضعف كثيرة لعل أبرزها هي التقييم Evaluation، وذلك لتداخل عدة عناصر منها ما هو نفسي، بيولوجي، فيزيائي لحالة الشخص مما يصعب عملية تحليل المعلومات ويضع العراقيل أمام اتخاذ القرارات الحاسمة ويفقدنا الرؤيا الواضحة، ولذلك يجب وضع وتطوير مقاييس واضحة وشاملة ومفصلة للتقييم تمكننا من إصدار الأحكام المناسبة والعملية. إنه من واجب المشرع المغربي، أن يأخذ بعد الإعاقة بكل تجلياته وتأثيراته السلبية على مستوى عيش الشخص أو الأسرة أثناء إعداد السجل الاجتماعي الموحد حيث للإعاقة وتجدر الاشارة في هذا الإطار ان بلادنا ملزمة بمراعاة التزاماتها الدولية في مجال اعداد القوانين وجعلها تلاءم بنود الاتفاقية الدولية لحقوق الاشخاص ذوو الاعاقة التي كان المغرب من اول الدول الموقعة والمصادقة عليها. وهكذا فالمغرب ملزم حسب المادة الرابعة، الفقرة الاولى "اتخاذ جميع التدابير الملائمة، التشريعية والإدارية (أ) اتخاذ جميع التدابير الملائمة، التشريعية والإدارية وغيرها من التدابير، لإنفاذ الحقوق المعترف بها في هذه الاتفاقية؛ (ب) اتخاذ جميع التدابير الملائمة، بما فيها التشريع، لتعديل أو إلغاء كما ان المادة 19 تؤكد على: (أ) إتاحة الفرصة للأشخاص ذوي الإعاقة في أن يختاروا مكان إقامتهم ومحل سكناهم والأشخاص الذين يعيشون معهم ء23ء على قدم المساواة مع الآخرين وعدم إجبارهم على العيش في إطار ترتيب معيشي خاص؛ (ب) إمكانية حصول الأشخاص ذوي الإعاقة على طائفة من خدمات المؤازرة في المنزل وفي محل الإقامة وغيرها من الخدمات المجتمعية، بما في ذلك المساعدة الشخصية الضرورية لتيسير عيشهم وإدماجهم في المجتمع، ووقايتهم من الانعزال أو الانفصال عنه. يوجد من قوانين ولوائح وأعراف وممارسات تشكل تمييزا ضد الأشخاص ذوي الإعاقة؛ اما المادة 28 فأنها تؤكد على ان الدول الاطراف ًتعترف الدول الأطراف بحق الأشخاص ذوي الإعاقة في التمتع بمستوى معيشي لائق لهم ولأسرهم، بما في ذلك ما يكفيهم من الغذاء والملبس والمسكن، وفي مواصلة تحسين ظروف معيشتهم، وتتخذ الخطوات المناسبة لصون هذا الحق وتعزيز إعماله دون تمييز على أساس الإعاقة. هكذا يتضح ان بلادنا ومن خلالها المشرع المغربي ملزم بمراعات اسس ومبادئ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة اثناء اعداد على مشروع القانون رقم 72.18 المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات وكل النصوص المرافقة. تكلفة كبيرة تهبط بمستوى دخل الفرد أو الأسرة إلى مستويات متدنية، فمثلا مصاريف تدريس طفل معاق ذهنيا أو توحديا يمكن أن تفوق 8000 درهم شهريا خاصة إذا علمنا أن الدولة لا تقوم بالكثير من أجل تسهيل الولوج إلى المدارس للأطفال في وضعية إعاقة. و هكذا فإن أسرة يعولها شخص معاق أو تضم شخصا أو أكثر في وضعية إعاقة كيف ما كان مدخولها فإنه سوف يهبط إلى مستويات دنيا ما يجعلها في خانة الفقراء و يؤثر سلبا على مستوى تلبية حاجياتها الأساسية و تقليص مستوى عيش الأسرة ككل، و بالتالي الزج بها إلى الفقر، و قد يؤدي الفقر إلى زيادة الإعاقة من خلال سوء التغذية، و ضعف إمكانية الحصول على التعليم و الرعاية الصحية، و العمل في أوضاع غير أمنة، و قد تزيد الإعاقة من خطر الفقر، بما في ذلك عن طريق نقص فرص العمل و التعليم، و ضعف الأجور و زيادة التكلفة المعيشية مع الإعاقة. ولذلك لم يعد مقبولا أن يغيب بعد الإعاقة وتكلفتها وتفاعلها مع محيطها وكل المعيقات والتحديات التي تواجه المعاقين في في حياتهم اليومية في كل السياسات العمومية.