[ دفاعا عن السيدة الوزيرة حقاوي ] o الجزء الأول أستسمحك - أستاذ صلاح وديع - أن أدخل على الخط في المحاورة الدائرة بينك وبين الأستاذة الوزيرة حقاوي. فلقد قرأت مقالك تحت عنوان [آسف سيدتي، هي ليست زلة لسان ... إنها محرقة أوطان] وتأملت كثيرا الأسئلة التي طرحتها على الوزيرة، وهالني جدا ما استقرأتُه من تلك الأسئلة... حتى خِلْت أن السيدة الوزيرة قد وضعت رأسها ورؤوس وزراء حكومتها ورؤوس من صوت لصالح حزبها من الشعب المغربي... في حبل المشنقة، والشنق حقيقي لا ريب فيه، والتنفيذ غدا....على رسلك ياأستاذ " صلاح". o لِمَ كل هذا التهويل؟ ماذا جرى؟ لقد تتبعت المناقشة التلفزيونية التي خاطبت فيها الوزيرة الأستاذ سعيد لكحل بما خاطبته به، واعتذرت للرجل في حينه. وأنا أكاد أجزم أن الأستاذ سعيد لكحل قبل اعتذارها... ماذا جرى من بعد؟ الله أعلم. أستاذ صلاح لن أدافع عن السيدة حقاوي، ولا عن حزبها، ولا عن جماعتها، لأن هؤلاء جميعا لهم من الأقلام والقدرة ما يمكّنهم من ذلك لو أرادوا. ولن أنال من الأستاذ لكحل ومما قاله في البرنامج المعلوم شيئا... أبعد من ذلك، فأنا مع الأستاذ لكحل في حرمة سفر المرأة بدون محرم إلا لضرورة، والضرورات تبيح المحظورات... لكن من حقي الدفاع عن دين الوزيرة الذي هو ديني ودينك ودين لكحل ودين جميع المغاربة أو يكاد والذي هو دين الإسلام دين أزيد من مليار ونصف المليار مسلم. ذلك لأنك – أستاذ صلاح – قد أسأت إلى صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهي إساءة بليغة جدا، لأنك صورت للناس حجم "الإجرام" و"العنف" و"الإرهاب" الذي كان عليه هؤلاء الأخيار الذين هم سند هذا الدين وهم من بلغوه لنا... فعرفنا الله والإسلام... إن الإساءة إلى الصحابة إساءة إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والإساءة إلى النبي الكريم إساءة إلى الله تعالى وإلى جميع المؤمنين إلى يوم الدين. فأي قول يدعو إلى محرقة الأوطان؟ قولك هذا؟ أم زلة لسان من وزيرة في حق شخص؟. أنا على استعداد – أستاذ صلاح – لأن أجيبك عن جميع ما طرحت من أسئلة، لو سمحت لي السيدة الوزيرة. غير أن أسئلتك التالية التي طفح بها كيل الشطط فوجدتني لا أستأذن المعنية بها هي هاته: [أسألك إن كنت لم تتعظي بأن ادعاء امتلاك الحقيقة الدينية هو ما أدى بصحابة رسول الإسلام إلى التطاحن... أفلم يرعبك سقوط طلحة والزبير مضرجين في دمائهم بسيوف صحابة مثلهم؟ أفلا تتعظين بما وقع بين علي وعائشة حين وقف على هودجها في واقعة الجمل وكاد يقتلها ؟ أفلا يحرك فيك شيئا قتل عثمان بسيوف الصحابة حيث لم يترك له قاتلوه حتى حق الدفن في مقابر المسلمين ورموا به ليلا – احتقارا - في مقابر اليهود...]؟. هل انقسم الصاحبة رضي الله تعالى عنهم قسمين "متطاحنين" بسبب ادعاء امتلاك الحقيقة الدينية؟ أم بسبب المطالبة بدم سيدنا عثمان رضي الله تعالى عنه؟ ثم ما معنى الحقيقة الدينية أولا؟. دعني أذكرك بعقيدتك الإسلامية – أستاذ صلاح – أنت تؤمن بأن الله واحد أحد، فرد صمد، لا شريك له. ولا إله إلا الله، وهذه حقيقة دينية إسلامية، بل أم الحقائق الإسلامية، لست تدعي أنك تمتلكها فقط، بل تجزم وتوقن وتشهد بذلك، ولا يمكنك بأي حال من الأحوال أن تكون، أنت الموحد لله تعالى على قدم المساواة عقديا مع من يشرك بالله سبحانه شيئا أو ينسب له الولد والصاحِبة أو يصفه بالأوصاف المخلة بالجلال والكمال كالقول بأن الله خلق السماوات والأرض في ستة أيام فأصابه العياء واللغوب... مثلا. نعم – أستاذ صلاح – أنت بهذه العقيدة تمتلك الحقيقة الدينية عقديا في هذه الجزئية على الأقل. o وقس على ذلك إيمانك برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقارن إيمانك هذا بإيمان من يعتبر هذا النبي الكريم ساحرا أو كاهنا أو مجنونا أو يعلمه بشر... كما ذكر القرآن الكريم على لسان المشركين... أو بإيمان ذلك الزنديق صاحب الفيلم المشؤوم المسيء لخير البرية صلى الله عليه وعلى آله وسلم مثلا. وقس على ذلك أيضا إيمانك بكتاب الله عز وجل، وبما ورد فيه من محكمات وقطعيات... واجعل عقيدتك هذه في مقابل من يرى أن القرآن الكريم خرافة وأساطير الأولين كما قال ألف مرة زنديق تونس...تُرى. o أفي شك أنت من كل هذا يأستاذ صلاح؟ أم أنت تعتقد مثلي ومثل الأستاذة حقاوي وكذلك الأستاذ سعيد لكحل... وكل المسلمين في العالم من أولهم إلى يوم الدين... أننا نمتلك هذه الحقائق الدينية ولا نشك فيها قيد أنملة، وأن الله حق والجنة حق والنار حق وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حق والملائكة والصراط والميزان... وأن الله يبعث من في القبور ... كل ذلك – أيم الله - حق لا ريب فيه؟. تبقى المسائل الاجتهادية، والمنافسة السياسية كالتي بينك وبين الوزيرة، وبين حزبك وحزبها... والأحزاب الأخرى... أمرا آخر. o تدافعوا في حلبة الصراع السياسي كما يحلو لكم، وحبذا لو تفعلون ذلك بخلق حسن. خلاصة هذا الباب، أن الإيمان بالقطعيات من الدين شيء، ونحن جميعا نعتقد أننا نمتلك الحقيقة في ذلك، ولا نجعل الإسلام كغيره من الديانات، ولا المسلم كغيره من غير المسلمين في ميزان الله تعالى. o أما في موازين البشر من قضاء وقصاص وحكم... فهذا شيء آخر. o فالحق لصاحب الحق حتى ولو كان يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا... فلا نخلط بين الأمرين. بل أنا وأنت والحقاوي ولكحل وكل المسلمين نعتقد جازمين أن الدين عند الله الإسلام. {إن الدين عند الله الإسلام} ونعتقد جازمين كذلك أن الله تعالى لن يقبل من أحد يوم القيامة غير الإسلام {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}. {أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون} {أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون} ؟؟؟. وبما أنك لا تحب الإسهاب والإطناب في طرح النصوص فأكتفي بما ذكرت، ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق. ولعل في هذا إجابة عن سؤالك : [أسألك إن كنت تجيزين لنفسك أن تعتبريها أحسن من الآخرين لمجرد اعتقادك في فكرة أو دين أو مذهب... ] كما أرجو ألا يشملني قولك: [فرُبَّ مستقوٍ بالدين أفظع من "كافر" وأبعد ما يكون عن الإنسان فيه].