في كل السباقات والتنافسات الانتخابية في فرنسا،عودنا بعض قياديي الأحزاب اليمينية على استعمال القضايا المتعلقة بالمهاجرين وخصوصا المسلمين منهم، لجذب المشهد الإعلامي ولعب دور منقذ الهوية الفرنسية. كان رحيل نيكولا ساركوزي بعد هزيمته أمام الإشتراكيين في السباق الرئاسي واختفاءه الكلي عن الساحة السياسية، كافيا لاشتعال فتيل حرب بين أعضاء من حزبه لمعرفة من سيعتلي بعده عرش قيادة الاتحاد من أجل الحركة الشعبية. السباق الآن هو بين فرانسويين: فرانسوا فيون، الوزير الأول السابق في حكومة ساركوزي وفرانسوا كوبي الذي توج بداية الأسبوع بتصريح مثير للجدل ومثير أيضا لتذمر وغضب مسلمي فرنسا، ركز كوبي في تصريحه هذا عن خطر اجتماعي من نوع آخر، سماه "العنصرية ضد البيض"، وعزز موقفه وتخوفه بحكاية ما يعيشه بعض الأطفال الفرنسيين بالمدارس، صغار تنتزع منهم "فطائر الشوكولا" التي بحوزتهم لزادهم اليومي، لإجبارهم على الامتثال لتعاليم صيام رمضان، ووصف الذين يقومون بهذه الأفعال بالهمجيين والمتشددين... ولكن الكثيرين ممن سمعوا حكاية كوبي، قالوا أن لا متشددين في الحكاية ولا حقيقة في ما روى، وأن كوبي هو فقط أحد الأوفياء لاستراتجية التخويف والترهيب التي توتي أكلها عند كل امتحان سياسي، وأن في هذا المنهاج منافع كثيرة لطموح كوبي بأن يصبح زعيم الحزب اليميني: "الاتحاد من أجل حركة شعبية" "نحن أمة وحضارة وتاريخ، يجب علينا الترفع والتعفف على مثل هذه التفاهات" هكذا علق الشاب أسامة وهو فرنسي مسلم تونسي الأصل على ما قاله كوبي، لكن أسامة متخوف من تداعيات مثل هذه الأقوال والمواقف التي أتت -حسبه- انتقاما من الجالية العربية والمسلمة التي صوتت ضد الحزب اليميني في الانتخابات الأخيرة، ويضيف أسامة: "فرنسا من أكبر الدول دفاعا عن مبدأ فصل الدين عن السلطة، وللأسف، يقوم العديد من الشخصيات السياسية الفرنسية بتوظيف الدين في استراتيجياتهم الانتخابية، وهذا لا يجدي ولا ينفع في شيء" في حين وصف أحمد الخليفي، رئيس حزب الاتحاد الفرنسي الجديد مواقف كوبي بالمنحطة، وقال مضيفا عنه: "إن كوبي في مأزق سياسي، يتعمد إرباك الأوضاع لأنه على علم بأنه متأخر في السباق على قيادة حزبه، لا أظن أن أقواله مبنية على حقد أو كراهية للإسلام والمسلمين، هي فقط استراتيجية سياسية" وذكّر الخليفي متهكما على ادعاءات كوبي, بأن رمضان يأتي أيام العطلة الصيفية منذ سنتين مما يزيد الشكوك حول صحة قصة الأطفال الفرنسيين مع زملائهم المسلمين في المدارس. على أية حال، لم يتردد كل من أسامة وأحمد على تشجيع المبادرة التي قامت بها بعض الجمعيات الإسلامية صباح الأربعاء العاشر من تشرين الأول، حيث قام متطوعون بتفريق فطائر بالشوكولا على المارين أمام محطة سانت لازار الباريسية، ردا على اتهامات وتهجمات كوبي, ورسالة سلام وتعايش للمجتمع الفرنسي بكل أطيافه وعقائده. رد وصفه الكثير من المثقفين بالقوي والحضاري، تلقن فيه الجالية المسلمة درسا للمعادين لها: "العين بالعين والسن بالسن والفطائر بالفطائر. »