رسمت الخارجية الأمريكية صورة قاتمة حول الاحترام المجتمعي للحرية الدينية بالمغرب، إذ مازالت الأقليات الدينية تخشى من مضايقات المجتمع. جاء ذلك في تقرير السنوي حول الحرية الدينية برسم 2019، موضحا أن هذه المضايقات تتجلى في النبذ من طرف العائلة لأحد أفرادها المتحولين دينيا، فضلا عن السخرية المجتمعية والتمييز في التوظيف والعنف المحتمل ضدهم من قبل "المتطرفين"، وهي أسباب رئيسية دفعت الأقليات الدينية إلى ممارسة معتقداتهم في السر.
التعبير عن الإلحاد .. ممنوع وبحسب تقرير الخارجية الأمريكية، لا يمكن لمواطني الدولة التعبير بحرية عن معتقداتهم الإلحادية أو إعلان تحولهم إلى دين آخر. وأضاف التقرير أن "انتقاد الإسلام لا يزال أمرا بالغ الحساسية، فيما تعد حرية العبادة إشكالية لدى المواطنين الذين تحولوا من الإسلام إلى المسيحية". ولفت التقرير أن الموطنين المتحولين إلى المسيحية واجهوا ضغوطا اجتماعية للتخلي عن المسيحية واعتناق الإسلام من طرف العائلة والأصدقاء غير المسيحيين. وأشار إلى أن الشباب المسيحيين الذين يعيشون مع أسرهم المسلمة، لا يستطيعون الكشف عن معتقدهم الجديد، خشية من الطرد خارج المنازل ما لم يتخلوا عن المسيحية. وأكدت الخارجية الأمريكية أن المضايقات المجتمعية استمرت ضد الشيعة والمتشيعين في الصحافة وخطب الجمعة، وفقا لتقرير الجمعية المغربية لحقوق الإنسان 2018-2019. وأفاد المسلمون الشيعة أنهم احتفلوا بعاشوراء في أماكن خاصة تجنبا للمضايقات المجتمعية، كما أكدوا أنهم تجنبوا الكشف عن انتمائهم الديني في المناطق التي تقل فيها أعدادهم. وعلى عكس السنوات السابقة، قال ممثلو العقيدة البهائية إنهم لم يتعرضوا للمضايقة خلال 2019، وأنهم منفتحون على دينهم مع العائلة والأصدقاء والجيران، وفقا لما جاء في التقرير. زيادة التعصب ضد اليهود وعلى طرف النقيض، يواصل المواطنون اليهود ممارسة معتقداتهم في المعابد بأمان، كما يؤكد التقرير أن أعضاء الطائفة اليهودية كانوا قادرين على زيارة المواقع الدينية بانتظام وتنظيم الاحتفالات السنوية. بينما تستدرك الخارجية الأمريكية: "لكن العديد من المواطنين اليهود أفادوا بزيادة التعصب المجتمعي، إثر التغطية البارزة لوسائل الإعلام للقضايا الفلسطينية الإسرائيلية". وخلال شهر رمضان، ذكرت الصحف أن مراهقة بوزان تعرضت لهجوم على متن حافلة من طرف السائق بسبب تناولها الطعام علانية. وفتحت السلطات تحقيقا في القضية على إثر الشكوى المرفوعة ضد السائق، لكن سرعان ما قام وكيل الملك بطي الملف بعدما توصل الطرفان إلى الصلح. كما أوقفت السلطات عدة أشخاص وغرمتهم بتهمة التدخين في الأماكن العامة. التعبد الانفرادي.. خيار المتمسحين الوحيد وانتقد التقرير حرمان السلطات للمغاربة المسيحيين من حرية العبادة في الكنائس، والحق في الزواج المسيحي أو المدني، وإقامة الجنازة، كما لا تسمح الحكومة لهم ببناء الكنائس. وعلى العكس من ذلك يتمتع المسيحيون الأجانب بحرية العبادة، على عكس المتمسحين المغاربة الذين يتعبدون بشكل فردي. ولم ترد أي تقارير خلال في 2019 تفيد إقدام السلطات على منع المواطنين المسيحيين من التعبد على انفراد. فيما أشاد التقرير بسماح الحكومة عرض نسخ من الإنجيل وبيعه بالفرنسية والإنجليزية والإسبانية، فيما كانت هناك نسخ محدودة من الترجمات العربية للكتاب المقدس متاحة للبيع في عدد محصور من المكتبات، بغرض استخدامها في البحث العلمي بالجامعات. وذكرت الخارجة الأمريكية أن القانون المغربي الذي يجرم "زعزعة عقيدة المسلم" يهدد المغاربة المتحولين إلى الديانة المسيحية بالمحاكمة الجنائية والاعتقال، حسب ما صرحت به المنظمة الأمريكية غير الحكومية "أوبن دورز" خلال 2019 التي ذكرا ذكرت أن القانون "يعاقب فقط على التبشير" إلا أن المتحولين إلى المسيحية "يمكن معاقبتهم بطرق أخرى، مثل فقدان حقوق الميراث وحضانة أطفالهم". التبشير الذي يستغل الهشاشة وأشار تقرير الخارجية الأمريكية إلى تصريح مصطفى الرميد، وزير حقوق الإنسان، في برنامج تلفزيوني في 14 أبريل 2019، حيث قال أن الدولة لا تجرم "التحول عن الإسلام"، وهو ما يتم تمييزه عن " جريمة زعزعة ديانات الآخرين أو محاولة تحويل المسلمين إلى دين آخر". وأشار الوزير إلى أن المتحول عن ديانته لا يتعبر "مذنبا"، ولكن القانون الجنائي يركز على التبشير الذي يستغل "هشاشة واحتياجات" المتحولين المحتملين. وبحسب علماء القانون والزعماء الدينيين، يضيف التقرير، فإن رفض الحكومة السماح للجماعات الشيعية بتشكيل جمعيات قانونية استمر من خلال منع هذه الجماعات من التجمع لإقامة الاحتفالات الدينية بشكل علاني. كما لم تكن هناك مساجد شيعية معروفة، فيما أفاد ممثلو الشيعة أنهم لم يحاولوا تسجيل جمعيات خلال 2019، لأنهم يخشون من مضايقة قوات الأمن كما هو الحال في السنوات الفارطة. فيما لم ترد تقارير من مواطنين شيعة بأن قوات الأمن اعتقلت أو استجوبت أتباع هذا المذهب من المغاربة بشأن معتقداتهم، وفقا للخارجية الأمريكية. الطوائف والمذاهب في أرقام وتفيد تقديرات الحكومة الأمريكية أن أكثر من 99 في المائة من سكان المغرب هم من المسلمين السنة، وأقل من 0.1 في المائة من الشيعة. وتشمل الطوائف الدينية التي تشكل أقل من 1 في المائة المسيحيين واليهود والبهائيين. يعتقد زعماء المسلمين الشيعة بأن هناك عدة آلاف من المواطنين الشيعة بالمغرب ، مع أكبر نسبة في الشمال. بالإضافة إلى ذلك ، هناك ما يقدر ب 1000 إلى 2000 شيعي مقيم أجنبي من لبنان وسوريا والعراق. فيما يقدر عدد المواطنين من الطائفة الأحمدية المسلمة ب600 فرد. مع وجود ما بين 350 و 400 من أتباع الطائفة البهائية في جميع أنحاء البلاد. وفقا للطائفة اليهودية بالمغرب، هناك ما بين 3000 إلى 3500 يهودي، حوالي 2500 منهم يقيمون في الدارالبيضاء. وأفاد بعض زعماء الطائفة المسيحية، أن هناك ما بين ألفان و6 آلاف مواطن مسيحي موزعين في جميع أنحاء البلاد. إلا أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تقدر عدد المواطنين المسيحيين ب25 ألف فرد. فيما يقدر عدد المسيحيين الأجانب المقيمين بالمغرب بما لا يقل عن 30 ألف من الكاثوليك وحوالي 10 آلاف من البروتستانت، حسب تقديرات الزعماء المسيحيين المقيمين بالخارج، إذ أن كثرا من هؤلاء من المهاجرين الجديد الوافدين من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، أو المقيمين في البلاد مدى الحياة، أي أولئك أذين أقامت عائلاتهم وعملت في البلاد لأجيال ولكنهم لا يحملون الجنسية المغربية. كما يوجد حوالي 3 آلاف مقيم أجنبي يعرفون بأنهم أرثوذكس روس ويونانيين ، بما في ذلك طائفة أرثوذكسية روسية صغيرة مقيمة في الرباط وطائفة أرثوذكسية يونانية صغيرة مقيمة في الدارالبيضاء، فضلا عن طائفة أنجليكانية صغيرة مفيمة في الدارالبيضاء وطنجة.