مجلس الجالية يثمن التعديل المرتقب لمدونة الأسرة ويتطلع لتشريع في مستوى الانتظارات    تأجيل محاكمة عزيز غالي إثر شكاية تتهمه بالمس بالوحدة الترابية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي        الرباط: المنظمة العربية للطيران المدني تعقد اجتماعات مكتبها التنفيذي        مصرع 42 راكبا بتحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان    الجيش الملكي يسحب شكايته ضد موكوينا    بلاغ رسمي من إدارة نادي المغرب أتلتيك تطوان: توضيحات حول تصريحات المدرب عبد العزيز العامري    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    الدراسات التمهيدية والجيولوجية لمشروع نفق أوريكا تكتمل وبدء التحضير للدراسات التقنية لتحديد التكلفة النهائية    بعد تتويجه بطلا للشتاء.. نهضة بركان بالمحمدية لإنهاء الشطر الأول بطريقة مثالية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    مكافحة العنف والتوعية بالصحة النفسية شعار لأسبوع الصحة المدرسية بفضاء الصحة والشباب بالجديدة        الريسوني: مقترحات التعديلات الجديدة في مدونة الأسرة قد تُلزم المرأة بدفع المهر للرجل في المستقبل    الحصيلة السنوية للمديرية العامة للأمن الوطني: التحفيز والتأديب الوظيفي آليات الحكامة الرشيدة    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    "ميسوجينية" سليمان الريسوني    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    ترامب عازم على تطبيق الإعدام ضد المغتصبين    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    مجلس النواب بباراغواي يصادق على قرار جديد يدعم بموجبه سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    خارطة طريق جديدة لمركز مغربي    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    قياس استهلاك الأجهزة المنزلية يتيح خفض فاتورة الكهرباء    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ونجح الاتحاد في جمع كل الاشتراكيين! .. اِشهدْ يا وطن، اِشهدْ يا عالم    الخيانة الزوجية تسفر عن إعتقال زوج وخليلته متلبسين داخل منزل بوسط الجديدة    إمزورن..لقاء تشاركي مع جمعيات المجتمع المدني نحو إعداد برنامج عمل جماعة    ‬برادة يدافع عن نتائج "مدارس الريادة"    "ما قدهم الفيل زيدهوم الفيلة".. هارون الرشيد والسلطان الحسن الأول    المخرج شعيب مسعودي يؤطر ورشة إعداد الممثل بالناظور    الاعلان عن الدورة الثانية لمهرجان AZEMM'ART للفنون التشكيلية والموسيقى    الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    العلوم الاجتماعية والفن المعاصر في ندوة بمعهد الفنون الجميلة بتطوان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : البحاثة محمد الفاسي : مؤرخ الأدب والفنون ومحقق التراث        ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    نظرية جديدة تفسر آلية تخزين الذكريات في أدمغة البشر    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حامي الدين: هناك تغييب لدور الأحزاب وتعتيم على عملها وتجاهل لأدوار المنتخبين في الإعلام العمومي
نشر في لكم يوم 28 - 05 - 2020

يخلص الجامعي والبرلماني عبد العالي حامي الدين، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية المغربي، أنه خلال أزمة “كورونا” “هناك تغييب للدور الذي تقوم به الأحزاب السياسية، وهناك نظرة قديمة تتجدد باستمرار وهو التعتيم عن العمل الذي يقوم به السياسيون الحزبيون وتسليط الضوء على غيرهم. كما أن هناك تجاهلا واضحا لأدوار المنتخبين في الإعلام العمومي”.
ويتخوف حامي الدين، في حوار مع موقع “لكم”، من استغلال هذه الظروف من طرف البعض من أجل كسب مساحات تراجعية في مجال الحقوق والحريات، ومحاولة الإجهاز على الحقوق والحريات ستصطدم بالوعي الجماعي للمغاربة الذين بقدر ما يعبرون عن استعدادهم للتفاعل مع القرارات المعقولة للدولة ومؤسساتها في ظل حالة الطوارئ الصحية، فليس لهم استعداد للتخلي عن المكتسبات المتراكمة في مجال الحقوق والحريات الأساسية”.

وبقدر ما يؤكد حامي الدين أن النموذج الحالي لم يسهم في توسيع الطبقة الوسطى، بل بالعكس ساهم في تقليصها، لم يحل مشكلة بطالة الشباب ولاسيما حاملي الشهادات، كما لم ينجح في جعل الإنسان في قلب التنمية،ولم ينجح في جعل المغرب منخرطا في اقتصاد المعرفة بالشكل المطلوب”، فإن تحديات مغرب ما بعد كورونا “لا يمكن أن ننجح فيها إلا في ظل مؤسسات قوية منبثقة عن الاختيار الديموقراطي وتشتغل بشكل فعال، ولا مناص من استثمار هذه اللحظة التاريخية للقيام بمصالحة وطنية حقيقية، وإطلاق مبادرة سياسية حقيقية قصد الطي النهائي لصفحة بعض الملفات الحقوقية العالقة والتوجه لبناء مستقبل أفضل”.
وفي ما يلي نص الحوار:
ماذا يعني لك الحجر الصحي؟
الحجر الصحي هو سلوك وقائي فرضته السياسة المتبعة لمواجهة فيروس كورونا (كوفيد 19)الذي أصاب العالم، وانتشر بسرعة رهيبة وكادت أن تنهار أمامه منظومات صحية متطورة لبلدان متقدمة، فلم يكن أمام بلادنا التي يوجد فيها قطاع الصحة في الوضع الذي تعلمون إلا اعتماد سياسة الحجر الصحي والتقليص من حرية الناس في الحركة والتنقل والتجمع ضمانا للحق في السلامة الصحية وللحق في الحياة.
وبالنسبة لي، يمثل الحجر الصحي امتثالا لقواعد السلامة الصحية أولا، لكنه فرصة للتأمل والتفكير والمراجعة وإعادة ترتيب مجموعة من الأشياء.
ما الذي تنشغل يه في الحجر الصحي؟
في البداية لم أستطع أن أتكيف مع فترة الحجر الصحي بسهولة، فقد كانت تلازمني حالة من القلق من جراء الغموض الذي كشف عنه هذا الفيروس، عن أصله وكيفية انتشاره وعجز العالم عن القضاء عليه، وكيف نجح فيروس “حقير” لا يرى بالعين المجردة في شل حركة الطيران وإغلاق الحدود البرية والبحرية والجوية وانكفاء الدول على نفسها وتركيزها الاهتمام على مواطنيها. فباستثناء إنجاز بعض المحاضرات المكتوبة لفائدة الطلبة الذين أدرسهم، فقد كنت أقضي وقته كله تقريبا في متابعة الأخبار المتعلقة بانتشار الوباء وقراءة التقارير والتحليلات والمقالات التي تتحدث عن هذا الوباء، لكن مع مرور الوقت بدأت أتكيف مع الوضع وأخصص وقتا للكتابة والقراءة والمشاركة في الندوات عن بعد وتخصيص وقت للأسرة الصغيرة من خلال متابعة دراسة الأبناء الذين بدؤوا يتأقلمون مع أسلوب ” الدراسة عن بعد” أو مشاهدة بعض الأفلام بشكل جماعي أو القيام ببعض المهام داخل المطبخ، بالإضافة إلى المهام الروتينية المتعلقة بالعمل البرلماني والحزبي وما يرتبط بهما من اجتماعات ومراسلات.
وما قراءتك لما يقع اليوم وما الذي كشفته هاته الأزمة؟
هذه الأزمة أكدت التشخيص السابق المتعلق بمحدودية النموذج التنموي الحالي والذي تم الإقرار به من أعلى قمة هرم الدولة منذ حوالي سنة، وتم تعيين لجنة ملكية قبل بضعة أشهر لإعادة التفكير وصياغة تصور جديد يعتمد على مقاربات جديدة للتنمية في المغرب.
لقد ساهم هذا الوباء في الكشف بوضوح أكبر على أن النموذج الحالي لم يتمكن من محاصرة ظاهرة الفقر ولم يحقق العدالة الاجتماعية المنشودة، أزيد من 5 ملايين أسرة تستفيد من الدعم الاجتماعي المباشر، أي ما يعادل تقريبا أزيد من نصف ساكنة المغرب، وهو رقم كبير يعكس حجم الهشاشة الاجتماعية في بلادنا،
لم يسهم النموذج الحالي في توسيع الطبقة الوسطى، بل بالعكس ساهم في تقليصها، لم يحل مشكلة بطالة الشباب ولاسيما حاملي الشهادات.
لم ينجح في جعل الإنسان في قلب التنمية،ولم ينجح في جعل المغرب منخرطا في اقتصاد المعرفة بالشكل المطلوب،ولم ينجح المغرب في التحول إلى مصاف الدول الصاعدة كما كان متوقعا. من حسنات هذا الوباء أنه كشف لنا عن خريطة القطاع غير المهيكل وهو ما يفرض على الدولة العمل على تنظيمه في أقرب فرصة والعمل على إدماجه في الاقتصاد الوطني بشكل كامل.
هذه الأزمة كشفت أيضا على الدور الاجتماعي للدولة الذي لا يمكن ملِؤه من طرف أي جهة أخرى، وهو ما برز بشكل واضح مع قطاع الصحة، ومع الدعم الاجتماعي المباشر للفقراء.
هناك من يعتبر أن سلوك التضامن والتآزر الذي تنامى خلال الأزمة، سيدفع لتمرير قرارات أو مواقف والإجهاز على الحقوق والحريات كما نبهت إلى ذلك الأمم المتحدة. هل لديك هذا التخوف؟
أولا علينا أن نشيد بروح التضامن والتآزر التي عبرت عنها مختلف فئات الشعب المغربي، وهذه ميزة حضارية تعكس العمق الإنساني النبيل للشخصية المغربية، كما أن ارتفاع منسوب الثقة في القرارات التي اتخذتها الدولة والتفاعل التلقائي مع مجموع القرارات المتخذة في ظل حالة الطوارئ الصحية برهن على مستوى عال من التلاحم بين المجتمع والدولة، يقف وراءها الإحساس بالمسؤولية المشتركة والمصير المشترك وتيسير مهام السلطات العمومية قصد محاصرة الوباء والتحكم في انتشاره.
لكن ينبغي تفهم التخوفات التي تخشى من استغلال هذه الظروف من طرف البعض من أجل كسب مساحات تراجعية في مجال الحقوق والحريات، وهناك بعض المؤشرات التي تزكي هذه التخوفات، من قبيل محاولة تمرير مشروع قانون 22-20 المتعلق بتقنين استعمال وسائل التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح، وهو المشروع الذي ووجه من طرف رواد مواقع التواصل الاجتماعي ومختلف القوى الحية في البلاد، مما يعني أن محاولة الإجهاز على الحقوق والحريات ستصطدم بالوعي الجماعي للمغاربة الذين بقدر ما يعبرون عن استعدادهم للتفاعل مع القرارات المعقولة للدولة ومؤسساتها في ظل حالة الطوارئ الصحية، فليس لهم استعداد للتخلي عن المكتسبات المتراكمة في مجال الحقوق والحريات الأساسية.
البعض يرى أن دور الأحزاب محدود ومقلص ومهمش خلال الأزمة. من يتحمل المسؤولية؟
الأصح أن هناك تغييب للدور الذي تقوم به الأحزاب السياسية، وهناك نظرة قديمة تتجدد باستمرار وهو التعتيم عن العمل الذي يقوم به السياسيون الحزبيون وتسليط الضوء على غيرهم.
جميع القرارات التي تتخذ حاليا تساهم فيها النخب الحزبية من مختلف المستويات، فعلى مستوى الجهاز التنفيذي هناك حضور للأحزاب من خلال الوزراء الذين يمثلون أحزابهم، وعلى المستوى التشريعي ساهمت الفرق البرلمانية في التأطير القانوني لحالة الطوارئ الصحية، وأيضا في المصادقة على التشريعات ذات الصلة بالإجراءات المتعلقة بالدعم الاجتماعي لعدد من الفئات المتضررة من جائحة كورونا من أجراء ومقاولات وغيرهم، كما أن الجماعات الترابية ومن خلال رؤسائها ومكاتبها المسيرة ومن خلال المكاتب الصحية تقوم بعمل كبير يتعلق بالنظافة وبتعقيم المنشآت العمومية، لكن بطبيعة الحال علينا أن نستحضر بأننا في حالة طوارئ صحية وهو ما يجعل العبء يقع أساسا على عاتق السلطات الصحية والداخلية والمالية، ومن الطبيعي أن يكون الضوء مسلطا على هذه القطاعات أكثر من غيرها، لكننا لا يمكن أن نغفل أن هناك تجاهلا واضحا لأدوار المنتخبين في الإعلام العمومي.
يرى مراقبون أن الإجراءات الاحترازية منعت أعضاء البرلمان من ممارسة اختصاصاتهم الدستورية دونما سند دستوري أو ما يمليه النظام الداخلي للمجلسين. هل تعطل دور البرلمان؟
لا لا، البرلمان لم يتعطل، وحافظ على دوره الرقابي والتشريعي، ولكنه قام بتكييف عمله حتى يتلاءم مع حالة الطوارئ الصحية وذلك باتخاذ مجموعة من الإجراءات الوقائية والاحترازية من طرف أجهزة مجلسي البرلمان، والتي تهم أساسا التقليص من نسبة الحضور في اللجان والجلسات العامة والاقتصار في جلسات الأسئلة الشفوية على سؤال محوري واحد يتعلق بقطاع واحد. بل بالعكس لاحظنا أن هناك بعض الممارسات الجديدة التي تم تفعيلها لأول مرة على مستوى العمل البرلماني، مثل تفعيل مقتضيات الفصل 68 من الدستور الذي أتاح الفرصة لانعقاد البرلمان بمجلسيه، في اجتماع مشترك، للاستماع إلى بيانات حول تطورات تدبير الحجر الصحي ما بعد 20 ماي من طرف السيد رئيس الحكومة، وتخصيص جلستين عموميتين على مستوى المجلسين لمناقشة العرض الذي قدمه رئيس الحكومة والإدلاء بالملاحظات بشأنه، كما سجلنا اللجوء إلى التصويت على مشاريع القوانين بواسطة تقنية التصويت عن بعد سواء بالنسبة للجان أو بالنسبة للجلسة التشريعية العامة، وهو ما تم لأول مرة بالنسبة لمجلس المستشارين.
كما استمر العمل التشريعي للبرلمان بغرفتيه بشكل عادي فبالإضافة إلى المناقشة والمصادقة على مشاريع القوانين المقدمة من طرف الحكومة بادرت الفرق البرلمانية بوضع أزيد من عشرين مقترح قانون جرى تقديمها خلال فترة الحجر الصحي والتي من شأن إقرارها أن تساهم بشكل فعال في معالجة العديد من القضايا الاجتماعية والاقتصادية.
لكن، من المفروض أن يراقب أعضاء البرلمان عمل الحكومة ويسائلوها؟
نعم، فطبقا لأحكام الفصل 100 من الدستور ومقتضيات النظام الداخلي للمجلسين، حافظ البرلمان المغربي على الوتيرة الأسبوعية للجلسات العمومية المخصصة للأسئلة الشفوية، بالإضافة إلى جلسات مساءلة السيد رئيس الحكومة، لكن ما يمكن أن يعاب على العمل البرلماني، هو عدم احترام مبدأ التمثيل النسبي في الحضور، وهو مبدأ دستوري، وكان يمكن التقليص من حضور البرلمانيين لكن مع احترام التمثيلية النسبية، الملاحظة الثانية هي المتعلقة بطريقة التصويت حيث لجأ مجلس المستشارين إلى التصويت الإلكتروني عن بعد وهو ما ضمن للبرلمانيين في مجلس المستشارين القيام بحقهم الشخصي في التصويت، وهو حق غير قابل للتفويض طبقا لمقتضيات الفصل 60 من الدستور، بينما اختار مجلس النواب طريقة أخرى أثارت نقاشا حول مدى دستوريتها مما تم معه اللجوء إلى القضاء الدستوري، وبينما حافظ مجلس المستشارين على اجتماعاته هياكله المسيرة بشكل عادي (مكتب المجلس وندوة الرؤساء)، ابتدع مجلس النواب آلية جديدة وهي اجتماع رئيس المجلس مع رؤساء الفرق، وهي الآلية التي لا وجود لها في النظام الداخلي لمجلس النواب.
هناك من يعتبر أننا نعيش أزمة دستورية حقيقية، كثير من المبادئ الدستورية لم تفعل إلى اليوم، وزادتها أزمة كورونا تعقيدا؟
لا أعتقد أننا أمام أزمة دستورية، ولا أعتقد أن هناك تغاضي مقصود عن تفعيل بعض المبادئ الدستورية، ولكن الدستور لم ينظم حالة الطوارئ الصحية وكيفية اشتغال المؤسسات لأن الدستور لم يتوقع هذه الحالة، بينما توقع حالة الحصار وحالة الحرب وحالة الاستثناء، كما أن النظام الداخلي لكلا المجلسين لم يتوقع حالة الطوارئ، إذن كان من الطبيعي أن نكون أمام اجتهادات جديدة وربما بعض الارتباك بسبب عصر المفاجأة والسرعة الذي سببته جائحة كوفيد 19، ليس فقط في المغرب ولكن في جميع البلدان، ولذلك لاحظنا بأن عددا من البلدان الديموقراطية لجأت إلى الإعلان عن حالة الطوارئ نتج عنها نقاش دستوري واسع كما حصل في الحالة الفرنسية، كما أن عددا من برلمانات العالم اعتمدت نظام الاجتماعات عن بعد والتصويت عن بعد واقتصر الحضور الجسدي في مقراتها على عدد محدود من النواب.
قانون الطوارئ الصحية يساءل السياسة الجنائية، فكيف يمكن تدبير وضع وتفرض عقوبات حبسية، فالسجن والاعتقال يساهم في الاكتظاظ بالسجون. أين يكمن الخلل؟
هناك خلل في السياسة الجنائية المتبعة وهو السبب الرئيسي وراء اكتظاظ السجون، وهذا الموضوع أثرناه قبل جائحة كورونا، هناك مبالغة كبيرة في اللجوء إلى الاعتقال قبل صدور أحكام قضائية نهائية في عدد كبير من القضايا لا تكتسي خطورة على المجتمع، مما يجعل نسبة الاعتقال الاحتياطي في بلادنا من النسب المرتفعة في العالم بالمقارنة مع التجارب الأخرى، كما أن ظاهرة الإيداع في السجن من طرف النيابة العامة تبقى آلية معيبة وتفتقر إلى الأساس القانوني المتين، وهو ما ينبغي العمل على تجاوزه في المراجعة التشريعية التي طال انتظارها للمسطرة الجنائية.
أما بخصوص المتابعات الجارية بسبب خرق حالة الطوارئ الصحية، فعلينا أن نميز بين المتابعات الخاصة بسبب حالة الطوارئ لوحدها، والمتابعات الخاصة بجرائم أخرى تقترن بخرق حالة الطوارئ مثل السكر العلني أو السرقة أو غيرها من الجرائم.وأعتقد بأن الأرقام المعلنة تبقى مرتفعة في جميع الأحوال.
في ظل هاته الأزمة، كيف تنظر لمستقبل عيشنا المشترك؟.
أعتقد أن هناك فرصة أمامنا لاستثمار التعبئة الوطنية والتلاحم الموجود بين الدولة والمجتمع وارتفاع روح التضامن ومنسوب الثقة من أجل الإسراع في بلورة نموذج تنموي جديد يستحضر التحولات الجديدة، على أرضية عقد اجتماعي جديد.
فهناك اليوم خلاصات متفق عليها تقريبا مستفادة من هذه الجائحة ينبغي إدماجها بسرعة في عملية التفكير الجماعي حول النموذج التنموي الذي نريد، فهناك حاجة ماسة للنهوض بواقع الصحة العمومية، (الميزانية المرصودة لا تتجاوز 5 أو 6 في المائة من الناتج الداخلي الخام، في الوقت الذي تنبه منظمة الصحة العالمية إلى اعتماد 11 إلى 13 في المائة)، كما أن هناك حاجة لتغيير الرؤية التي كانت تحكمها في السابق والمستوحاة من النموذج النيوليبرالي الذي كشف عن محدوديته في هذه الجائحة،ثانيا، لابد من تعزيز الدور الاجتماعي للدولة ومعالجة الفوارق الاجتماعية الكبيرة التي كشفتها عنها جائحة كورونا وإعادة توزيع الثروة الوطنية بما يحقق بعض العدالة الاجتماعية وبما يحصننا من هزات اجتماعية مؤكدة إذا استمر الوضع على ما هو عليه، ثالثا، ضرورة الانتباه إلى ملحاحية واستعجالية تطوير برامج البحث العلمي وتعزيز مكانته في السياسات العمومية المتبعة في مختلف القطاعات، رابعا، هناك حاجة ماسة إلى تعزيز البنية التحتية الملائمة لصناعة وطنية متطورة قادرة على الإقلاع والصمود وقد أظهرت أزمة كورونا الإمكانيات المهمة التي يتوفر عليها المغرب في هذا الإطار، وأخيرا ضرورة الانتباه إلى التحول الرقمي كحاجة اجتماعية يومية، إننا ذاهبون بسرعة شديدة نحو ثورة صناعية رابعة وهو ما سيحدث فجوة اجتماعية هائلة ستطيح بالكثير من فئات المجتمع، وربما سنناقش غدا إشكاليات جديدة مثل الفقر الرقمي والأمية الرقمية والفجوة الرقمية، وستصبح الرقمنة خيارات مفروضة على جميع الفئات الاجتماعية مما يستدعي تدخل الدولة لخلق نوع من التوزيع العادل للخدمات الرقمية يما يحقق الحد الأدنى من العدالة في الاستفادة منها.
طبعا، كل هذه التحديات لا يمكن أن ننجح فيها إلا في ظل مؤسسات قوية منبثقة عن الاختيار الديموقراطي وتشتغل بشكل فعال، في إطار دولة القانون التي تحترم حقوق الإنسان، وفي هذا الإطار لا مناص من استثمار هذه اللحظة التاريخية للقيام بمصالحة وطنية حقيقية، وإطلاق مبادرة سياسية حقيقية قصد الطي النهائي لصفحة بعض الملفات الحقوقية العالقة والتوجه لبناء مستقبل أفضل بكل ثقة ووحدة وتضامن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.