في الحوار المطول الذي خص به مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، جريدة "أخبار اليوم"، برزت العديد من التناقضات في تصريحاته. فعندما كان يتحدث عن موضوع متابعة صلاح الدين مزوار، وزير المالية السابق، ونور الدين بنسودة الخازن العام للمملكة حول التعويضات التي صرفت لهما واعتبرتها الصحافة غير قانونية، قال الرميد إن الملف هو بين يدي الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وأن تأخر استدعائهما من قبل الشرطة القضائية راجع إلى كثرة الملفات الموجودة لدى هذه الشرطة! لكن الرميد لم يفسر كيف تم تسريع ملف الموظف المتهم بتسريب الوثيقة التي كشفت عن حصول هاذين المسؤولين على تعويضات شهرية ضخمة تفوق مرتباتهما الشهرية! أيضا عندما كان يتحدث الرميد عن حماية المبلغين عن الفساد، قال إن على المبلغين التوجه ببلاغاتهم إلى النيابة العامة من أجل حمايتهم، ومن يختار التوجه إلى وسائل الإعلام عليه تحمل مسؤولياته، أي أنه قد يجد نفسه معرض للمحاكمة والسجن مثلما هو الأمر بالنسبة لموظف وزارة المالية المتابع حاليا بتسريب الوثيقة التي تكشف عن تعويضات مزوار وبنسودة. لكن كلام الرميد هنا مردود عليه، ففي حالة المواطن الذي كشف عن قيام نائب برلماني بشراء أصوات الناخبين في دائرته بمنطقة أزيلال، تقدم بشكاية مكتوبة إلى النيابة العامة التي لم تحرك ساكنا. وعندما لجأ نفس المواطن إلى وسائل الإعلام تم اعتقاله وصدر حكم قاسي في حقه بثلاث سنوات سجنا نافذا! وعندما سئل الرميد عن موضوع الاعتقال السياسي الذي سبق أن أثارت تصريحات سابقة له ضجة كبيرة حولها عندما نفى وجود معتقلين سياسيين في المغرب، حاول الرميد التهرب من الاجابة عن السؤال بإثارة نقاش نظري حول تعريف مفهوم الاعتقال السياسي، وهو الذي كان، حتى الأمس القريب، يرأس جمعية حقوقية هدفها الأساسي هو الدفاع عن المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي في المغرب. ومما زاد من تناقضات الرميد، قوله للجريدة بأنه طلب البحث في المفهوم وليس في الحالات. وهذا تناقض صارخ مع ما سبق أن أعلن عنه الرميد نفسه، فقد سبق له أن أصدر بيانا رسميا ينفي فيه أن يكون قد تحدث عن عدم وجود معتقلين سياسيين في المغرب، وأنه بادر إلى "الأمر بجرد جميع الملفات ذات العلاقة المحتملة بالاعتقال السياسي ودراستها، على ضوء التعريف المعتمد للاعتقال السياسي والاعتقال بسبب الرأي، لتحديد اللائحة الكاملة للمعتقلين السياسيين". لكن من خلال حوار الرميد يبدو أن البحث الذي أمر به هو مجرد بحث نظري، بعدما كان يتحدث عن "جرد" لحالات بعينها وعن "تحديد اللائحة الكاملة للمعتقلين السياسيين". تصريحات الرميد الأخيرة تزيد من توسيع الهوة ما بين خطاب الحقوقي السابق والوزير الحالي الذي يتخلى عن مبادئه الحقوقية في عملية "ستريبتيز" تكشف عوراته الواحدة تلو الأخرى... تعليق حنظلة...