اتهمت السلفية الجهادية، مصطفى الرميد وزير العدل والحريات، بالتراجع عن مبادئه وقناعاته التي كان يدافع من خلالها عن المعتقلين الاسلاميين، وذلك مباشرة بعد توليه لمنصبه الوزاري. وتساءل السلفيون عبر بيان للجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين، عن سر "انصراف" الوزير عن كل ما كان يدافع عنه خلال الفترة السابقة، خاصة وأنه كان يقف وسط البرلمان ويواجه الجميع، مذكرين بتلك المداخلة التاريخية للرميد يوم كان في المعارضة، بشأن ما تعرض له المعتقل "بوشتى الشارف"، وقال الوزير حينها بلغة قوية مخاطبا وزير الداخلية: "ويمكن أن أؤكد لكم السيد الوزير أن عندي شهادات، وهذه الشهادات أطلب منكم أن تفتحوا بحثا حولها، وإن لم تفتحوا بحثا حولها، فإني أطالب كل البرلمان بتحمل المسؤولية، لأن هذه مصائر الناس". هذا، ووضع السلفيون علامات استفهام كبرى حول مآل ما كان يدافع عنه الوزير مصطفى الرميد سابقا، وطرحوا تساؤلا استنكاريا بهذا لشأن قائلين: "هل فتحتم تحقيقا في ما تعرض له المواطن المغربي "بوشتى الشارف"؟ أم أن "الله عفا عما سلف؟". وانتقد السلفيون، في بيانهم ذاته، الخرجات الأخيرة لوزير العدل والحريات على قناتي "الميادين" و"العربية"، حيث استفسروا عن المغزى الذي كان يرمي إليه الرميد عبر تصريحاته، حيث قالوا: "من خلال مداخلته على قناة "الميادين"، والتي نفى من خلالها وجود معتقلي الرأي بالمغرب، وأدرج المعتقلين على خلفية قانون الإرهاب ضمن معتقلي الحق العام، كنا ننتظر من الوزير أن يوضح ما معنى "المعتقلون السياسيون"، وما معنى "معتقلو الرأي" لنعلم هل فعلا عندنا معتقلو رأي في المغرب أم لا؟ فأن يقول إن 65 ألف سجين هم معتقلو حق عام، فذلك ظلم وإجحاف في القول. علما أن سعادة الوزير لا يخفى عليه هذا التقسيم القانوني". وفي هذا الإطار، أكد السلفيون أن الرميد أوقع نفسه في تناقضات وإجحاف في القول، مشيرين إلى أن اتفاق 25 مارس 2011، والذي كان الرميد مسؤولا عليه آنذاك بصفته رئيسا لمنتدى الكرامة، اعترفت فيه الجهات المعنية بمظلومية المعتقلين ووعدتهم بالإفراج عنهم عبر دفعات وفي آجال معقولة، مضيفين أنهم "في اللجنة المشتركة، ما زلنا متشبثين بهذا الاتفاق، ورافضين كل الدعاوى التي تحاول نسفه بحجج واهية، من قبيل أن أحداث 16و17 ماي 2012 بسلا أفسدت هذا الاتفاق. فنقول إن للمؤسسات السجنية قانونا ينظمها، ويكفي أن المعتقلين تعرضوا للمحاكمة". وفي نفس السياق، نفى مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، أن يكون قد صرح في حوار تلفزيوني بغياب وجود معتقلين سياسيين بالمغرب. وأكد الرميد، في بلاغ توصلت "الخبر" بنسخة منه أمس الأربعاء، "أنه تبعا لما ورد بالحوار الذي أجراه مع قناة "الميادين" مساء يوم الأحد 29 يوليوز 2012، في برنامج "حديث الساعة"، والذي تعرض لعدة مواضيع، من ضمنها موضوع الاعتقال السياسي، صدرت قصاصات وتعليقات صحفية أغلبها تحريف لتصريح مصطفى الرميد، حيث قدموه على غير الصيغة التي قيل بها، من قبيل النفي التام لوجود معتقلين سياسيين". وللتوضيح، فإن ما قاله الوزير حرفيا كان هو: "السجناء السياسيون بالمعنى المضبوط هذا فيه نقاش، على اعتبار أن السجناء ال 65 ألفا هم سجناء الحق العام، ضمنهم السجناء المعتقلون على خلفية مكافحة الإرهاب". وأضاف الرميد مؤكدا "وإنني في هذه اللحظة على الأقل لا يحضرني أي سجين للرأي". وبالفعل، فإن وزير العدل والحريات يؤكد مرة أخرى أنه لم يكن يخطر بباله، وقت تصريحه هذا، إلا ما قاله، لذلك بادر في اليوم الموالي للاستجواب المذكور، إلى الأمر بجرد جميع الملفات ذات العلاقة المحتملة بالاعتقال السياسي، ودراستها على ضوء التعريف المعتمد للاعتقال السياسي والاعتقال بسبب الرأي، بهدف تحديد اللائحة الكاملة لذلك.