فوجئ المغاربة ملكا وشعبا وحكومة بحادثة أليمة بل هي فاجعة كبيرة بالنسبة للمغاربة أودت بحياة 44 قتيلا، هذه الفاجعة تعيد لنا الصورة القاتمة والمريعة التي تودي بحياة مجموعة من المواطنين في المغرب وفيما تم تسميته بحرب الطرقات في ظل صمت الجهات الرسمية واكتفائها بالتبرير، الحصيلة السنوية التي يذهب بسببها المئات من الضحايا. وفي هاته الفاجعة "فاجعة الحوز" انتظرنا من السيد الوزير عزيز الرباح أن يعطينا تدابير من أجل الحد من هاته الحرب أكثر من تبريرها، فإذا كانت مرحلة المغرب والمتمثلة في حكومتها دقيقة جدا وتحتاج إلى العمل أكثر من الخطابات والتبريرات، فإن مثل ردود فعل كهاته قد تجعل المواطن المغربي يفقد الثقة في حكومته التي انتخبها ديمقراطيا، حيث أن شرعية هاته الحكومة تستمد قوتها من الشعب. خرج السيد الوزير بدراسات قامت بها الوزارة تقول أن أزيد من 80 في المائة من حوادث السير راجع بالأساس إلى السلوك البشري، وهي دراسات تلقي باللوم على المواطنين وسلوكاتهم في تعاملهم مع وسائل النقل وترخي بظلالها حول الدور المناط من طرف جميع الأطراف المتداخلة في هذا وذاك بما فيها الحكومة، حافلة الركاب التي كانت قادمة من مدينة زاكورة كانت تقل حوالي 67 راكبا حسب الجهات الرسمية، كما أن حمولة الأمتعة ولوازم المسافرين فاقت القدرة الإستيعابية العادية، ناهيك عن أن السائق كان مرهقا بسبب قلة النوم مما أفقده وعيه، وفي ظل غياب السلامة الطرقية في نقل المسافرين يثور التساؤل حول دور الدولة في مراقبة الطرق السيارة والطريق العام بدل التبرير في كل مرة، حيث أن مدونة السير التي صادق عليها البرلمان في نسختها المعدلة في ظل الحكومة الحالية لم تضف الجديد فقد استمرت حرب الطرقات وسقط المئات من الضحايا حتى الآن. أكيد أن الحكومة في ظل هاته الفترة الحساسة والمصيرية التي يعيشها المغرب تزامنا مع الأزمة الإقتصادية العالمية وفي ظل الفساد الذي ينخر المنظومة السياسية والتدبيرية للمغرب ينبغي دعمها مبدئيا، لكن من الدعم أيضا أن نقف على العثرات وأن نقول لا في حالة الخطأ، مهما كانت الحقيقة مرة، حتى يكون دم المغربي غاليا على جبيننا ولا أن نسترخصه حتى لا يسترخصه غيرنا، إذا كانت المسؤولية ملقاة على عاهل السلوك البشري ويجب تأطيره وتوجيهه وتوعيته ومراقبته ومحاسبته، فكذلك السلوك الحكومي يجب أن يعي جيدا أن عليه مسؤولية كبيرة في أي حدث ينعكس على المغرب بالسلب أو بالإيجاب وعليه أن يقرأ قراءة متأنية وصحيحة لكل محطة من المحطات، ويقوم بإصلاح العيوب التي يتحمل عبئها أكثر من التبرير، فالحكومة التي تبرر الأخطاء التي يتعدد فيها الأطراف من حيث المسؤولية وتلقي باللوم فقط على غيرها فهي حكومة فاشلة.