قرر الرئيس المصري حسني مبارك مساء الجمعة بصفته الحاكم العسكري للبلاد فرض حظر التجول في جميع محافظات البلاد وكلف الجيش النزول إلى الشارع لحفظ الأمن بعد تظاهرات شعبية واسعة طالبت بإسقاطه. وكان مبارك قرر في وقت سابق مساء الجمعة 28 يناير 2011، قصر حظر التجول على ثلاث محافظات فقط هي القاهرة الكبرى والإسكندريةوالسويس التي شهدت اعنف التظاهرات والتي أكدت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية أن وحدات من الجيش بدأت تنتشر فيها بالفعل. كما اصدر مبارك بصفته الحاكم العسكري "قرارا بان تقوم القوات المسلحة بالتعاون مع جهاز الشرطة لتنفيذ هذ ا القرار وللحفاظ على الأمن وتأمين المرافق العامة والممتلكات الخاصة". واصدر الرئيس المصري هذا القرار بموجب حالة الطوارئ السارية في البلاد منذ 30 عاما وبعد أن عجزت الشرطة عن السيطرة على مئات الآلاف من المتظاهرين في مناطق مختلفة من البلاد رغم استخدامها القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي ما أسفر عن مقتل متظاهر على الأقل وإصابة العشرات. وقال صحافي من وكالة فرانس برس إن سيارة تابعة للجيش تمركزت أمام مبنى التلفزيون المصري الذي تظاهر أمامه الآلاف مساء الجمعة ودعوا رجال الجيش إلى دعم مطالبهم، بحسب ما أفاد شهود. واخذ المتظاهرون يهتفون "الجيش والشعب يد واحدة". وكان المتظاهرون قد حيوا قوات الجيش عندما بدأت بالنزول إلى الشوارع إذ أن المؤسسة العسكرية، وخلافا لجهاز الأمن، تحظى بالتقدير من قبل المواطنين. وكانت التظاهرات التي دعت إليها حركة شباب 6 ابريل الاحتجاجية وانضمت إليها قوى المعارضة الأخرى بدأت سلمية فور انتهاء صلاة الجمعة في معظم محافظات مصر ورفعت شعارا مستوحى من الثورة التونسية هو "الشعب يريد إسقاط النظام". لكن قوات الشرطة تصدت لها بالعصي والقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي ما أدى إلى سقوط قتيل على الأقل وإصابة العشرات. واتخذت الاشتباكات قبيل مساء الجمعة منحى عنيفا وفشلت قوات الأمن في السيطرة على الموقف خصوصا في القاهرةوالإسكندريةوالسويس حيث جرى إحراق مراكز للشرطة ومباني حكومية من بينها خصوصا مبنى محافظة الإسكندرية في قلب المدينة المطلة على البحر المتوسط والمقر المركزي للحزب الوطني الحاكم المطل على النيل في وسط القاهرة. وجاء في قرار الرئيس مبارك، الذي بثته وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية, "نظرا لما شهدته بعض المحافظات من أعمال الشغب والخروج على القانون وما شهدته من أعمال النهب والتدمير والحرق والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة بما في ذلك بع ض البنوك والفنادق، اصدر الحاكم العسكري قرارا بحظر التجول بمحافظات القاهرة الكبر ى والإسكندريةوالسويس من الساعة السادسة مساء (00.16 ت غ) حتى الساعة السابعة صباحا (الخامسة ت غ) اعتبارا من اليوم الجمعة ولحين إشعار آخر". وكانت الشرطة عجزت عن السيطرة على مئات الآلاف من المتظاهرين الذين انطلقوا من المساجد عقب صلاة الجمعة في غالبية محافظات مصر للمطالبة بإسقاط نظام الرئيس حسني مبارك. وأدت المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين إلى مقتل متظاهر على الأقل في مدينة السويس وإصابة عشرات آخرين بجروح من جراء إطلاق الرصاص المطاطي, وفق صحافيي وكالة فرانس برس. ولا تزال خدمات الانترنت والهواتف المحمولة مقطوعة في مصر. وتم تعطيل خدمة الانترنت عند منتصف ليل الجمعة-السبت بينما تم صباح الجمعة قطع خدمة الهاتف المحمول التي تقدمها الشركات الثلاث العاملة في مصر. وجاء قطع خدمات الاتصالات في محاولة لإجهاض التظاهرات التي تتم الدعوة إليها أساسا عبر المواقع الاجتماعية على الانترنت خصوصا الفيسبوك وتويتر ومن خلال الرسائل النصية على الهاتف المحمول. ونزل المعارض البارز المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة النووية محمد البرادعي إلى الشارع تلبية لدعوة الحركات الشبابية وأدى الصلاة في ساحة إمام مسجد الاستقامة بميدان الجيزة (جنوب العاصمة) وظل محتميا بالمسجد لمدة ساعتين تقريبا مع اندلاع اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة فور انتهاء الصلاة. وفي إجراء استباقي، أوقفت قوات الأمن فجر الجمعة 20 على الأقل من قيادات وكوادر جماعة الإخوان المسلمين، اكبر حركات المعارضة المنظمة في مصر، من بينهم ستة من أعضاء مكتب الإرشاد (المكتب السياسي) للجماعة وعدد من النواب السابقين. وأعرب البيض الأبيض مساء الجمعة عن "قلقه الشديد" إزاء الأوضاع في مصر وطالب السلطات باحترام حقوق المصريين وإعادة خدمة الانترنت والمواقع الاجتماعية. ودعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون السلطات المصرية إلى بذل "كل ما في وسعها" للجم قوات الأمن، مطالبة بإعادة تشغيل وسائل الاتصالات والبدء بتطبيق إصلاحات فورية. ودعت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل من دافوس الرئيس المصري حسني مبارك وحكومته إلى السماح بقيام "التظاهرات السلمية".