المعرض الدولي للفلاحة بباريس 2025.. المغرب وفرنسا يعززان تعاونهما في مجال الفلاحة الرقمية    وزيرة الفلاحة الفرنسية: اختيار المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس يعكس جودة التعاون الثنائي    إصابة نايف أكرد تقلق ريال سوسييداد    فتح بحث قضائي بخصوص قتل سبعيني لابنته وزوجها ببندقية صيد    اختتام النسخة الأولى لبرنامج الدبلوم الجامعي في تقييم التكنولوجيات الصحية بفاس    البيضاء.. توقيف 5 أشخاص للاشتباه في تورطهم في السرقة باستعمال العنف    الملك يأمر بنقل رئيس جماعة أصيلة إلى المستشفى العسكري بعد تدهور حالته الصحية    اتحاد طنجة يسقط أمام نهضة الزمامرة بثنائية نظيفة ويواصل تراجعه في الترتيب    السعودية تطلق أول مدينة صناعية مخصصة لتصنيع وصيانة الطائرات في جدة    الصين: "بي إم دبليو" تبدأ الإنتاج الضخم لبطاريات الجيل السادس للمركبات الكهربائية في 2026    غوتيريش: وقف إطلاق النار في غزة "هش" وعلينا تجنب تجدد الأعمال القتالية بأي ثمن    طقس بارد نسبيا في توقعات اليوم الإثنين    الداخلة تحتضن مشروعًا صحيًا ضخمًا: انطلاق أشغال بناء المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بسعة 300 سرير    الوزير يدعم المغرب في الحفاظ على مكسب رئاسة الكونفدرالية الإفريقية للمصارعة وانطلاقة مشروع دراسة ورياضة وفق أفق ومنظور مستقبلي جديدة    آزمور.. مولود نقابي جديد يعزز صفوف المنظمة الديمقراطية للشغل    غياب الإنارة العمومية قرب ابن خلدون بالجديدة يثير استياء وسط السكان    قاضي التحقيق بالجديدة يباشر تحقيقًا مع عدلين في قضية استيلاء على عقار بجماعة مولاي عبد الله    مناقشة أول أطروحة تتناول موضوع عقلنة التعددية الحزبية في المغرب بجامعة شعيب الدكالي    نقابة UMT تختم المؤتمر الوطني    وفد برلماني فرنسي يزور العيون    قطار يدهس رجل مجهول الهوية بفاس    نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي يدعو إلى قتل الفلسطينيين البالغين بغزة    انتخاب محمد انهناه كاتبا لحزب التقدم والاشتراكية بالحسيمة    بدء أشغال المؤتمر السابع للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية بالقاهرة بمشاركة المغرب    اختيار المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس يعكس جودة التعاون الثنائي (وزيرة الفلاحة الفرنسية)    صدمة كبرى.. زيدان يعود إلى التدريب ولكن بعيدًا عن ريال مدريد … !    حديقة المغرب الملكية في اليابان: رمز للثقافة والروابط العميقة بين البلدين    الملك محمد السادس يهنئ سلطان بروناي دار السلام بمناسبة العيد الوطني لبلاده    ألمانيا.. فوز المحافظين بالانتخابات التشريعية واليمين المتطرف يحقق اختراقا "تاريخيا"    نجوم الفن والإعلام يحتفون بالفيلم المغربي 'البطل' في دبي    المغربي أحمد زينون.. "صانع الأمل العربي" في نسختها الخامسة بفضل رسالته الإنسانية المُلهمة    الإمارات تكرم العمل الجمعوي بالمغرب .. وحاكم دبي يشجع "صناعة الأمل"    الكاتب بوعلام صنصال يبدأ إضرابًا مفتوحا عن الطعام احتجاجًا على سجنه في الجزائر.. ودعوات للإفراج الفوري عنه    إسرائيل تنشر فيديو اغتيال نصر الله    لقاء تواصلي بمدينة تاونات يناقش إكراهات قانون المالية 2025    مودريتش وفينيسيوس يقودان ريال مدريد لإسقاط جيرونا    هذه هي تشكيلة الجيش الملكي لمواجهة الرجاء في "الكلاسيكو"    تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس : الجمعية المغربية للصحافة الرياضية تنظم المؤتمر 87 للإتحاد الدولي للصحافة الرياضية    تقرير.. أزيد من ثلث المغاربة لايستطيعون تناول السمك بشكل يومي    جمال بنصديق يحرز لقب "غلوري 98"    عودة السمك المغربي تُنهي أزمة سبتة وتُنعش الأسواق    حماس تتهم إسرائيل بالتذرع بمراسم تسليم الأسرى "المهينة" لتعطيل الاتفاق    هل الحداثة ملك لأحد؟    مسؤول أمني بلجيكي: المغرب طور خبرة فريدة ومتميزة في مكافحة الإرهاب    سامية ورضان: حيث يلتقي الجمال بالفكر في عالم الألوان    نزار يعود بأغنية حب جديدة: «نتيا»    نجاح كبير لمهرجان ألوان الشرق في نسخته الاولى بتاوريرت    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    الصين تطلق قمرا صناعيا جديدا    الشاذر سعد سرحان يكتب "دفتر الأسماء" لمشاهير الشعراء بمداد الإباء    فيروس غامض شبيه ب"كورونا" ينتشر في المغرب ويثير مخاوف المواطنين    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الحاجة إلى تشخيص أدواء المنظومة التربوية
نشر في لكم يوم 30 - 08 - 2012

قبيل انتهاء "العشرية الوطنية للتعليم" التي اعتبرت كشعار وكهامش زمني كافي لتفعيل وتنزيل بنود ومقتضيات "ميثاق التربية والتكوين"، وبعد الوقوف عمليا على الفشل الذريع الذي لقيته عمليات أجرأة هذا الميثاق وما عرفه من غربة واغتراب بفعل وقوعه في وهم الانفتاح الانبهاري على ما سمي آنذاك "بالتجارب التربوية الرائدة" ، كان لزاما على العقل الإصلاحي التعليمي التربوي أن يتدخل على وجه السرعة تدخلا استعجاليا لإيقاف النزيف الذي كاد أن يفضي بخصوص حالة منظومتنا التربوية إلى ما سمي بالسكتة القلبية، وذلك وفق ما ورد في تقريرين متقاربين في المدة الزمنية وهما التقرير الصادر عن البنك الدولي الذي رتبنا ذلك الترتيب المهين ، والتقرير الأخير للمجلس الأعلى للتعليم الذي دق ناقوس الخطر وإن بشكل محتشم بالدعوة الاستعجالية للانكباب على " خمس محددات أساسية ، شكلت مصدر اختلالات المنظومة، وهي : 1) "إشكالية الحكامة ، 2 ) انخراط المدرسين أمام ظروف صعبة . 3) نموذج بيداغوجي أمام صعوبات الملائمة . 4) الموارد المالية 5) مسالة التعبئة والثقة الجماعية " (أنظرالحقيقة الصادمة ضمن التقرير الإجمالي 2008 للوقوف وبالأرقام على حصيلة ثمان سنوات من الأجرأة والتنزيل لميثاق التربية والتكوين)
وهي المحاور نفسها التي تم التدخل بشأنها حسب ما ورد في وصفة البرنامج ألاستعجالي التي قررت بدورها إدخال المنظومة التربوية مدة ثلاث سنوات إلى غرفة الإنعاش من أجل إيقاف النزيف وإنقاذ ما يمكن إنقاده. حيث صرفت مبالغ مالية باهظة فيما سمى بالتكوينات وكادت العملية أن تشمل جميع الفئات التعليمية التي برمجت لها فترة زمنية ووسط السنة الدراسية وعلى حساب إنجاز المقررات، حيث فرض على المدرسين ترك الأقسام والخضوع لتكوين نظري في ظروف شبه احتفالية، يروم سد الخصاص البيداغوجي والديداكتيكي، وذلك استجابة لاتهام مبطن يقرأ في ثنايا التقرير الأخير للمجلس الأعلى ،ومفاده أن أزمة التعليم في بلدنا تعود في جانب كبير منها إلى العامل البشري ، وهو ما يعني أن المعوقات هي ذاتية ممثلة في واقع التدبير الإداري و الأداء التعليمي التربوي وليست موضوعية ممثلة في واقع الخصاص المركب على مستوى البنيات والتجهيزات والموارد البشرية .وبانتهاء السنواث الثلاث يعلن رسميا عن فشل هذا التدخل الاستعجالي بعد الإعلان عن فشل الميثاق ، وأن حالة المنظومة التربوية زادت استفحالا ، وليقف الجميع على أن العقل الإصلاحي التربوي ظل يسوق مجموعة شعارات طنانة من قبيل:"الشراكة مع المحيط" "المدرسة والأسرة معا " "مدرسة الاحترام" "جميعا من أجل مدرسة النجاح" "تأمين الزمن المدرسي" طيلة عشرية بكاملها أضيفت لها ثلاث سنوات استعجالية لتكون الحصيلة اليوم هي الحاجة للبدء من جديد لأننا نسير في الطريق المسدود . كل هذا تم في إطار مغرب ما قبل خروج فئة عريضة من المتضررين،في إطار حركة 20 فبراير وفي طليعتهم الشباب للتعبير عن حاجتهم للتغيير وبناء مجتمع يقطع مع الفساد والاستبداد ويؤسس لقيم الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ،وداوم الناس على الخروج للتعبير عن انتظاراتهم طيلة سنة كاملة ومن بينها الحاجة إلى تعليم منصف تتكافأ فيه الفرص أمام الجميع . وبتضافر مجموعة من العوامل ليس هنا مجال التفصيل فيها، انبثقت حكومة آلت على نفسها الاستجابة لهذه الانتظارات وعلى رأسها تدبير الاختلالات الخطيرة التي تعانيها منظومة التربية والتعليم. وفي سياق ذلك تم تعيين وزير جديد في إطار حكومة جديدة قديمة وهي حكومة الربيع المغربي المشكلة من أربعة أحزاب ثلاثة منها يتحملون المسؤولية المباشرة في ما آلت إليه أوضاع التعليم بحكم تعاقبهم على الحكومات السابقة وبقيادة حزب رفع شعار المعقول ،إلا أن هذا الحزب لم يستطع كحزب قائد للأغلبية الحكومية ان يغامر بتحمل مسؤولية حقيبة التربية والتعليم حيث فطن بحسه البرغماتي وبالمعنى السلبي،إلى استحالة توفير الفاتورة الباهظة التي حددها تقرير المجلس الأعلى في خصاص مهول إذ يقول بالحرف "إن ما ينفق على المتعلم عندنا لا يمثل إلا نصف ما ينفق عليه في بلدان مماثلة" . فما العمل إذن أمام هذا الواقع، وفي إطار الشروط التي أختار ضمنها حزب العدالة والتنمية المشاركة في تدبير الشأن العام ؟ أمام كل ذلك، لم يجد الحزب المذكور أي خيار غير إسناد حقيبة التعليم لحزب ليس لديه ما يخسره طالما أنه الحزب الذي اقترن في الذاكرة الجماعية للمغاربة باتخاذه قرارات خلفت معظم ما يعانيه الخريجون والمتعلمون اليوم من أعطاب وعوائق فظيعة مزمنة وعلى أكثر من صعيد، قرارات لاتختلف عما اتخذته وتتخذه الحكومة الحالية من قرارات لايتردد السيد رئيس الحكومة بوصفها ب :"القرارات الشجاعة". أليس في التلويح بضرب المجانية في التعليم الجامعي ،و بفتح خط أخضر من أجل التبليغ عن غياب المدرسين، وتوظيف ما يتقاضاه المعلم شهريا والذي يصل إلى 5000 درهم كمثال لارتفاع الأجور في بلدنا، أليس في ذلك الدليل القوي على مدى توفر الانسجام الحكومي من حيث تحلي الحكومة بقيمة "الشجاعة" في اتخاذ القرارات والتصريحات الجريئة دون أية مخاوف؟ ، أليست شجاعة من هذا القبيل تشكل دليلا قاطعا على مدى وفاء العقل الإصلاحي التعليمي لعاداته القديمة الموروثة عن السلف باختزال كل معضلات التربية والتعليم في العوامل الذاتية وبعيدا عن معضلات الخصاص الفظيع على مستوى البنيات.
وماذا بعد؟
بعد الخطاب الملكي الأخير حظي موضوع التربية والتعليم باهتمام خاص من طرف صحف الأغلبية الحكومية التي فطنت إلى الحاجة الملحة لإصلاح منظومة التربية والتعليم، ففي عمود مع الحدث، كتب السيد بلال التليدي عضو المجلس الوطني للعدالة والتنمية في جريدة التجديد بتاريخ 22غشت 2012 مقالا تفسيريا تأويليا للخطاب الملكي تحت عنوان: "في الحاجة إلى إصلاح المنظومة التربوية" وتكون بذلك هذه الصحف الحكومية ومن خلال كتبة أعمدتها تمارس دورا ليس هو الدورالمنوط بها، وتتملص من مسؤوليتها الحقيقية وذلك بانصرافها نحو التفسير والتأويل عوض التفكير في خلق وإبداع وابتكار الحلول للمعضلات وما أكثرها . أليس المطلوب مما يفوق 100 برلماني للعدالة والتنمية والذين أهلوا حزبهم لموقع الريادة الحكومية أن يتقدموا لرئيسهم بما يفوق 100اقتراح بخصوص السؤال المعضلة : كيف يمكن توفير فاتورة الإصلاح الباهظة التي قد تصل إلى مضاعفة ميزانية التعليم الحالية حسب تقرير المجلس الأعلى ؟ ولقد علمتنا كل التجارب الإصلاحية والشعارات المرافقة لها أن لامصداقية لأي حديث عن الإصلاح في غياب الإجابة الصريحة عن سؤالين أساسيين هما : هل هناك إرادة حقيقية في الإصلاح؟ ومن وكيف ستسوى فاتورة الإصلاح؟ علما أن الفاتورة المطلوبة لاتتعلق فقط بأشكال التدخل المنتظرة داخل حدود المدرسة، بل تمتد إلى الخصاص المريع والانتظارات المزمنة لمحيطها وما يعانيه من أعطاب مزمنة، بالمعنى الذي يفيد استحالة تأهيل المدرسة دون تأهيل المحيط ، وأن أي رهان على إصلاح منظومة التربية والتكوين في غياب الربط الجدلي بين المدرسة ومحيطها هو مجرد رهان خاسر. أليس في استعارة الميثاق الوطني مقولة "الانفتاح على المحيط وعلى الفاعلين والشركاء" كمقولة جاهزة معلبة من التجارب الرائدة،وإسقاطها على واقعنا التربوي ودون الأخذ بعين الاعتبار للهوة السحيقة بين المحيط هنا والمحيط هناك أحد معوقاته التي عجلت بوفاته قبل الأوان؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.