ضاع عدد كبير من الشباب لأنهم لم يكونوا ضمن اهتمامات الدولة إلا في حدود ضيقة وتم اختزال قضاياهم في قطاعات محددة ،مع تشتت في الرؤية و المجهودات والإمكانات، وكان الشباب يحضر في الخطابات من منظور وزاوية معينة لا تخرج عن الترفيه والتنشيط والتعليم والتشغيل، و بالرجوع إلى البرامج الحكومية للعشرية الأخيرة يتضح حجم السطور التي تناولت الشباب. إن التأخير في بلورة قضايا الشباب في بعد استراتجي مندمج يزيد عن عقدين، وبالرجوع إلى التشريعات الدولية ذات الصلة بالشباب التي كانت تطالب الحكومات من أجل إعداد هذه الإستراتجية ، فان المغرب كان يتفاعل معها من منظور احتفالي. إن الاقتناع التام بأن قضايا الشباب ينبغي أن تأخذ حضورا متميزا من خلال تبني إستراتجية وطنية للشباب، تم إفشالها من طرف وزارة الشباب والرياضة حاملة المشروع في عهد الوزير السابق منصف بلخياط لأنها كانت عبارة عن مشروع عادي لا يرقى أن يواكبها الوزير عن قرب، وإنما أوكل الأمر إلى تدبيرها إلى مدير الطفولة والشباب بالوزارة ،الذي عبت في توجهاتها يمينا ويسارا ، وسارت مشروعا مربحا لمكتب الدراسات وشركة التواصل ، و تسويق الوهم للشباب واتفاقيات تم تحريرها في الدقائق الأخيرة لتكون جاهزة للتوقيع فقط وليس للتفعيل. للإشارة هناك اتفاقيات كان فيها الشونتاج من قبل تنظيمات حيث ربطت حضورها للمناظرة بربح اتفاقية من الاتفاقيات. ليتم اختزال مشروع كبير للشباب المغربي في توزيع الأرباح . إن اليوم وأمام توجهات جديدة و بتحديات كبرى تحضر فيها قضايا الشباب براهنتيها تجعل اليوم جميع المؤسسات معنية بخلق دفعة قوية لتبني سياسة وطنية للشباب قادرة على تقديم حلول واقعية للشباب المغربي، وبنتائج ملموسة تتجاوز طابع المسكنات لأن الجروح عند الشباب عميقة في المجال الحضري و القروي . بغض النظر عن مجال التأخير والأخطاء التي أجهزت على مشروع ، لم يكتب له النجاح فإن مداخل بلورة هذه السياسة الوطنية للشباب أصبحت لها دعامة من طرف الوثيقة الدستورية، و من طرف الفاعلين في السياسات العمومية المؤسسة الملكية و الحكومة و مؤسسة البرلمان و المجتمع المدني يبقى مجال التفعيل هو المقياس الحقيقي فيما مدى الرغبة في التجاوب مع قضايا الشباب ، ومدى إشراك الشباب ومشاركتهم في بلورة هذه السياسة من خلال خلق المجلس الاستشاري للشباب و العمل الجمعوي الذي سيتكلف بوضع المحاور هذه الإستراتجية، غير أنه لا ينبغي اختزال قضايا الشباب في هذه المؤسسة الدستورية لأن قضايا الشباب حلها يوجد عند جميع الفاعلين في السياسات العمومية على مستوى الشأن العام و المحلي وعند الشباب أنفسهم. إن توحيد الإرادات ووضع المصلحة العامة لإنجاح مشروع الشأن الشبابي بالمغرب هو نجاح لحاضر البلاد ومستقبلها ومن تم لم يعد مقبولا المزيد من التأخير في إنصاف الشباب في حقوقهم مع ثقافة الواجب طبعا.