لعتيقي: السلطة التشريعية لا يمكن أن تكون خارج من انتخبه المواطنون المدني: المسألة الدستورية اليوم أصبحت شأنا «شارعيا» أو عموميا بالمعنى المعروف، وهذا شئ في حد ذاته إيجابي السعدي : إن نجاح ورش الإصلاح الدستوري رهين بمدى تملك مختلف فئات شعبنا له العوني : الإعلام لا يقوم بدوره في الكشف عن المفاسد وحالات الفساد انطلاقا من وضعه طارق: الأحزاب ظلت ولمدة عقود تعتبر أن العمل هو تدبير علاقتها مع الدولة وهو تدبير علاقتها اساسا مع المؤسسة الملكية في ندوة للفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية بمجلس المستشارين التي نظمتها الثلاثاء 12 أبريل، الفيدرالية الديمقراطية للشغل بمجلس المستشارين حول »الإصلاحات الدستورية والمسألة الاجتماعية« التي حضرها كل من محمد يتيم, الكاتب العام للاتحاد الوطني للشغل، وحميد شباط الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين، وزبيدة بوعياد رئيسة الفريق الاشتراكي، والكتاب العامون للنقابات القطاعية المنضوية تحت لواء الف. د. ش، أكد عبد الرحمان العزوزي, الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل في كلمة افتتاح الندوة على أن المدخل الأساسي للإصلاح الدستوري الشامل المرتقب هو أن يوضع المغرب على مسار أفق ملكية برلمانية اجتماعية وديمقراطية قادرة على توفير العدالة الاجتماعية لكل المواطنين، عبر إعادة توزيع عادل للثروة الوطنية، لكي يلج المغرب نادي الدول العصرية والديمقراطية، ويرى من جانب ثان، أن نجاح ورش الإصلاح الدستوري بالبلاد يبقى مقروناً بمباشرة إصلاحات سياسية اجتماعية عميقة تعيد الثقة للمواطنين في أهمية دور المؤسسات والأحزاب والنقابات في بلادنا، لتأخذ مفردات إشكالية الإصلاح الدستوري مقاربة شمولية من زوايا نظر سياسية، اقتصادية، اجتماعية، قانونية، فقهية ومقارناتية يلتقي النظر فيها، انطلاقا من سؤال الأستاذ محمد مدني في كيف يتم الانتقال من دستور سلطوي إلى دستور ديمقراطي، وعلاقة ذلك بالمسألة الاجتماعية، يفصل في الكثير من جوانبه المبحثية العميقة، الأستاذ عبد العزيز لعتيقي، وأستاذ القانون الدستوري وعضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي حسن طارق، والأستاذ سعيد السعدي الوزير السابق في حكومة التناوب، وعضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، ومشاركة الإعلامي محمد العوني. أدار أشغال الندوة عربي الحبشي عضو المكتب المركزي للف. د. ش، والفريق الفدرالي بالغرفة الثانية عبد العزيز لعتيقي: مما لاشك فيه أن الأداة القانونية هي الوسيلة الوحيدة لتحويل التأصيل الدستوري للحقوق كمبادىء، إلى قواعد قانونية ناظمة لهذه الحقوق والحريات، ومن هنا يأتي مبدأ سمو القانون وسلطة القانون، وأن الكل سواسية أمام القانون، يترتب إذن إقراراً لهذا المبدأ، وبالتالي هذا يؤدي حتماً إلى إلغاء كل أشكال الامتيازات أياً كان مصدرها مادامت لا تتأسس على الضوابط القانونية، إذن السلطة التشريعية لا يمكن، حسب هذا التحليل، أن تكون من خارج مَن انتخبه المواطنون أو كانوا يدافعون عنه في صفة تعاقدية مشروطة، وقابل للمراجعة والسحب كأسلوب رقابي ومحاسباتي، مع ملاحظة إمكانية تخويل حق التشريع لجهة أخرى، لكن عن طريق ضوابط دستورية، وليس عن طريق أي دلالات فيها الإيحاء أو الرمزية التي تبتعد عن سلطة القانون وضوابطه، والتي لا يمكن أن تكون على أية حال المسألة الاجتماعية من بينها. وعليه، وبناء على هذا المبدأ، فإن سلطة القانون والتشريع بالضرورة، يجب أن تكون أوسع مدى في المجال التنظيمي للتدبير الحكومي اليومي، وثانياً هذا يتطلب أن نُقر بتوسيع دائرة مراقبة دستورية القوانين، لأن الاعتراف بسلطة التشريع يقتضي حتماً وبسمو القانون، الاعتراف بسمو القانون الدولي والمعايير الدولية، ونحن في المسألة الاجتماعية يهمنا هذا الإقرار بسمو المعايير الدولية، لأن التطور الدولي الآن يسير في اتجاه إقرار المعايير الدولية، ولاحظوا كيف تطورت فلسفة حقوق الأجراء من خلال الإعلان الأساسي عن الحقوق المرتبطة بالشغل بعد الاجتماعات الماراطونية في سنغفورة وغيرها. إذن سلطة التشريع تمتد إلى الاتفاقيات الجماعية والاتفاقيات الدولية. انطلاقاً من هذا المنظور، لا يمكن أن تقع المصادقة عليه من خارج السلطة التشريعية، بطبيعة الحال، يمكن أن ندخل هنا في تفاصيل تقنية في التمييز بين الاتفاقيات الثنائية ذات التدبير السياسي اليومي الحكومي وهي غالباً ما تكون إطارا تعبيريا عن نوايا التعاون، الذي يُفَصِّل هو الدستور، إذن النقاش حول السيادة والاتفاقيات الدولية والنظام العام إلى غير ذلك، بطبيعة الحال، هو نقاش لا يبدو ذا أهمية، على اعتبار أن التوقيع على الاتفاقية الدولية فيه تعبير عن السيادة وفيه تعبير عن وجود أهلية لمن يوقع، ولا يمكن بالتالي أن يدعى بالقصور في نظرته، وأنه لم يقم بمسألة الملاءمة في إطار التشريع وفي إطار السلطة التشريعية للبرلمان، لابد من قواعد دستورية تحترم مبدأ التمثيلية، لأننا سوف نعتمد من المؤكد طبقاً للمنهجية الديمقراطية، سواء من يشكل الحكومة ومن سيفوز بالأغلبية، لكننا إذا أردنا أن نحترم التمثيلية الحقيقية للشعب، لابد أن يكون هناك موقع للأقلية، وأن تكون هناك مرونة على الأقل في تدبير أساليب الرقابة والمحاسبة ولجان التقصي. بسرعة، آتي على كثير من الأمور فيما يتعلق بالسلطة التنفيذية، انسجاماً مع الترابط الذي اتفقنا عليه، أو على الأقل الذي اقترحته لأبقى منسجماً معه، هو أن الحكومة هي منتوج من نفس المصدر، وبالتالي فإنها يجب أن تكون ناتجة عن السلطة التشريعية. السلطة القضائية وهي آخر ما أتناوله، وانسجاماً مع هذا التصور مع سلطة القانون، لابد أن نتفق على أن للسلطة القضائية مكانة تخرج عن دائرة التوازن بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، إنها خارج عن هذا الرهان في التوازن، لأنها تسمو بسمو القانون، ولأن وظيفتها بالأساس، مراقبة سلطة القانون. ومن هذا المنظور، لابد أن نؤكد دستورياً على الكثير من الأمور، أولها، أن السلطة القضائية، لا يمكن أن تسير من طرف إدارة تتبع التدبير الحكومي، أي وزارة العدل، لابد أن يكون جهازاً من قبيل المجلس الأعلى هو الذي يؤثث في تعيين القضاة وتكوينهم ومراقبتهم وتأديبهم وترقيتهم وانتدابهم وتنقيلهم الى غير ذلك، وأن يكون هنا للقضاة إمكانية في أن يتمتعوا بكامل وسائل وضمانة الاستقلال والحياد بما في ذلك، وهنا لابد أن نستعمل خطابنا النقابي، وهو أن للقضاة حقهم في أن يمارسوا العمل النقابي المهني، انطلاقاً من الاتفاقيات الدولية المصادق عليها، والمتعلقة باستقلالية السلطة القضائية، وهذا يقتضي على أن هذا الاستقلال لا يمكن أن يكون كاملا، إلا إذا كان القضاء هو المشرف على المؤسسة التي تراقب دستورية القوانين، فالمجلس الأعلى أو لنسمه ما شئنا لمراقبة دستورية القوانين، لابد أن يتضمن ارتباطه بالسلطة القضائية واستقلاله باستقلالها، وإشراف السلطة القضائية عليه، ثانيا، أن تتوسع إمكانية اللجوء في تثبيت عدم دستورية القوانين. عربي الحبشي: شكراً ذ. العتيقي، العرض الثاني نطرح فيه كيف يمكن الانتقال من دستور ينظم ويؤطر السلط إلى دستور ينظم ويكرس حقوق الحريات، هذا ما سيعمل ذ. المدني على مناقشته. أستاذ مدني: كيف يمكن أن ننتقل من دستور إلى دستور ديمقراطي، هذا في نظري هو الإشكال الأساسي، وما علاقة ذلك بالمسألة الاجتماعية، يبدو لي هنا من الضروري توضيح نقطتين أساسيتين بالنسبة إلي لهما علاقة بالدستور والمسألة الاجتماعية. المسألة الأولى وهي متعلقة بتعريف الدستور من وجهة نظر المسألة الاجتماعية، وهنا أرجع بما أنني مع النقابيين، أعود الى أحد زعماء الاشتراكية الاجتماعية فردناند لاسال الذي كتب مقالة معروفة تحت عنوان»ما هو الدستور« وعرفها من الناحية الاجتماعية إذن كان هو يعيب على الفقهاء الدستوريين أمثالي وأمثال آخرين تناولهم للدستور من الزاوية الشكلية، من زاوية وثيقة مكتوبة بشكل معين إلخ.. وفي مقالته، قال حذار من هذا النوع من التعريف، لأنه يبقى شكلاني لا ينفذ إلى العمق، وعرف الدستور الألماني بالخصوص على الشكل التالي: «إن الدستور في ألمانيا هو بالضرورة وبالأساس، موازين قوى، وأعطي كمثال، وليس مجرد ورق ووثيقة مكتوبة بشكل معين، وقال بما أن التعريف كان في إطار محاضرة أمام العمال الألمان»، انتبهوا أيها السادة، نفترض أنه في ألمانيا احترقت الجريدة الرسمية، واحترقت كل الوثائق التي تتضمن المقتضيات الدستورية، هل هذا يعني أن ألمانيا لن تبقى تتوفر على دستور، الجواب لا، إن ألمانيا سيبقى لها دستور، لأن بإمكان الملك أن يحرك الجيش، وأن يحرك القوة المادية وأن يقنع المتظاهرين إلخ... الخلاصة هي أن الدستور هو بالأساس موازين قوى اجتماعي. ما معنى موازين قوى اجتماعي، أي موازين قوى بين أرباب المقاولات والشغيلة، موازين قوى داخل النسق المقاولاتي، موازين قوى بين فئات اجتماعية وما بينته حركة 20 فبراير هو أن مقولة موازين القوى هي متحركة، وأننا نعيش اليوم تحولا على مستوى موازين القوى بين الفئات الاجتماعية، بحيث أن مجموعة من الفئات الاجتماعية، خصوصاً في المدن لم تبق تسمع لنوع معين من القيادة السياسية ولنوع معين من الحكم، وهذا يدل أن ما يسمى بموازين القوى بين القوى الاجتماعية عرفت تغييراً مهما وستبين الأيام مدى هذا التغيير. إذن فتعريف الدستور في الأصل له ارتباط وثيق بالمسألة الاجتماعية. لماذا أثرت هذه النقطة، أوضح فقط واسمحوا لي لأنني لم أنظم أفكاري لأنني لست في محاضرة بالجامعة، ولكني أحاول أن أولي ببعض الأفكار التي أنا في طور التفكير فيها. لماذا هذه المسألة، لأنه لاحظنا في هذه المرحلة، عملية جميلة ومثيرة وهي محاولة دسترة كل شيء، عملية جميلة، لأنها تبين بأن المسألة الدستورية امتلكتها فئات واسعة وهو شيء جديد في المغرب، لأن المسألة الدستورية كانت تناقش في إطار مغلق، يهم خبراء أجانب في الخصوص ثم مغاربة يُعَرِّبون إن لم نقل يترجمون ما يفتي به هؤلاء، وكانت تهم القيادات الحزبية، وفي بعض الأحيان، بعض أعضاء الأحزاب، ولكنها لم تكن شأناً يهم المئات أو الآلاف من الأشخاص. الآن، أصبحت شأناً »شارعياً« إن صح التعبير، أو عمومياً بالمعنى المعروف، وهذا شيء إيجابي. لكن في نفس الوقت، بما أن هذه المسألة طرحت على الأجندة، هناك محاولة لتمييعها وخلق نقاشات تُغَلب في بعض الأحيان ما هو ثانوي، على ما هو أساسي. صحيح أنه مثلا دسترة الوقت الحر شيء جيد، لكن داخل حزمة من الإصلاحات من الضروري وهذا شأن النقاش العمومي الذي يحدد ما هو الأساسي وما هو الثانوي، هل الأساسي يتعلق بدسترة المجالس رغم أهميتها، أم أن الأساسي هو خلق برلمانية اجتماعية، سأوضح ما معنى الملكية البرلمانية الاجتماعية بحمولتها الديمقراطية وبحمولتها الاجتماعية العريضة، وهذا يدفعني إلى النقطة الثانية المتعلقة بتعريف الدستور أيضاً، وهو، كما تعلمون، تعريف يحيل على شيئين. الدستور بالمعنى السياسي، أي الذي ينظم العلاقات بين السلط، والدستور بالمعنى الاجتماعي الذي تحدثت عنه. في دستورنا هناك إحالة على الملكية الاجتماعية التي هي ترجمة لمصطلح أتى من ألمانيا، وهو مصطلح الدولة الاجتماعية وهذا شيء قد يبدو مفيداً، ولكن إذا تمعنا فيه، فإنه يطرح مجموعة من المشاركة داخل الدولة الاجتماعية وهذا يعرفه الاقتصاديون الحقوقيون، الدولة الاجتماعية أنواع، ولكن يمكن التمييز بشكل عريض بين نوعين أساسيين، هناك النوع الديمقراطي الموجود في الأنظمة الديمقراطية، أي الدولة الاجتماعية لصالح فئات واسعة وتشرك فئات واسعة وتأخذ بعين الاعتبار مصالح فئات واسعة من المواطنين والشغيلة والفئات المعوزة، المرضى، المتقاعدون، وكل ما يتعلق بالتعويضات الاجتماعية... إلخ. هذا النوع الأول وهو النوع الديمقراطي الموجود في الدول الديمقراطية، وهناك نوع ثاني ارتبط بأنظمة فاشيستية في أوربا مثلا الدولة الاجتماعية التي عرفتها دول مثل البرتغال، وهذا النوع من الدولة الاجتماعية ليس غرضه هو توسيع قاعدة المستفيدين من الخدمات الاجتماعية، ومن التأمين ومن الضمان الاجتماعي، ولكن تشكيل فقط ما يسمى بالحرفية، أو التوزيع الحرفي الذي يلبي مطالب بعض الفئات المعزولة ويدمجها في حوارات اجتماعية، وهذا النوع يتميز بإشراك ما يسمى بالقوى الحية، خصوصاً النقابات، الغرف المهنية إلخ... إشراكها في النظام التمثيلي، وهذا يطرح مجموعة من التساؤلات. هل هذا هو النوع من الدولة الاجتماعية الذي نبحث عنه، أم أننا نبحث عن دولة اجتماعية ذات قاعدة عريضة واسعة تسمح لفئات واسعة بالاستفادة من خدمات الدولة التي لا يمكن أن تبقى دولة متفرجة أو محايدة إلخ. إذن هاتان الملاحظتان كان من الضروري الإدلاء بهما للخلاصة بأن مسألة شكل النظام تتضمن الجانب البرلماني الديمقراطي والجانب الاجتماعي بارتباط بهذا الجانب الديمقراطي. فيما يخص الدستور الموجود الذي نريد أن ننطلق منه، هو يتضمن مجموعة من التصورات للمسألة الاجتماعية التي تطرح أيضاً مشاكل، سنبدأ بما يسمى بالتصدير أو بما أسماه الأستاذ لعتيقي ب »الديباجة«، أي تلك المقدمة التي ترد في الدستور، والتي في المغرب هي مقدمة قصيرة، الشيء الذي يطرح مشكل غياب إعلان حقوق الإنسان، وأعتقد أننا في المغرب ليس مسألة نقل أو شيء من هذا القبيل، بل إن مسألة ضرورة إعلان للمبادىء دولي أو داخلي يكون كجزء من هذ الوثيقة أو يحيل عليه التصدير، والتصدير عندنا يمكن تقسيمه في هذا المجال إلى جزءين. هناك الإحالة على الدور النشيط للمملكة المغربية في المنظمات الدولية وتعهدها بالالتزام بمواثيقها، وهذا كما أشار إلى ذلك الأستاذ لعتيقي، يطرح مشكل أن الالتزام بالمواثيق يبقى فضفاضاً، ونعلم أن الالتزام بالمواثيق يدخل في بعض الأحيان في استراتيجيات المصادقة التي تقوم بها الدولة، والتي يكون لها دور إعلامي أو دور إشهاري أكثر مما هو دور فعلي للتطبيق. نعلم بأن التعهد بالمواثيق الدولية لا يُلزم بإقامة إصلاحات عميقة للقانون الداخلي إلخ... إذن فهذا مشكل، هذا المشكل يتعلق كذلك بالفقرة المرتبطة بتثبيت المغرب بحقوق الإنسان، كما هو متعارف عليها عالمياً، هذا بالنسبة إلي يطرح مشكلا مهماً، وهو مشكل التصدير في حد ذاته في المغرب. في المغرب، هناك مشكل قيمة هذا التصدير، هل هو فقط مجموعة من الأفكار، مقدمة ثم بعد ذلك تدخل إلى صلب الموضوع. والجواب، كما تعلمون، لأن هناك نقاش فقهي لن نعود إليه، لأننا لا يهمنا، ولكن ما يهمنا فيه هو الجانب العملي. هو أنه لحد الآن، أن القضاء خصوصاً القضاء الدستوري لا يعتمد على التصدير، وهذا مشكل، لأن المقتضيات الأساسية المتعلقة بالمسألة الاجتماعية متضمنة في التصدير، وإذا لم يكن هناك مقتضى يقول إن للتصدير نفس القيمة القانونية لجسم الدستور، سنبقى نكتب إلخ... رب قائل إن المغاربة عندما يصوتون على الدستور، لا يميزون بين التصدير وبين إلخ.... ولكن في الواقع، هناك هذا التمييز لأن القاضي لم يقم بذلك. أذكر فقط، أنه بالنسبة للقضاء الدستوري قرارين يتيمين. قرار 1963 وهو الأساسي، وقرار يناير 1964، الأول حول مجلس النواب، والثاني حول مجلس المستشارين، وفيه القاضي الدستوري عند مراقبته لمطابقة لما يسمى بالقانون أو النظام الداخلي أو نظام الغرفتين، وهذه هي التسمية، اعتمد على التصدير، ولكن المشكل هو أن هذا الاعتماد لم يصبح اجتهاداً مستمراً يسمح لنا بالقول بأن التصدير أصبح جزءاً من الدستور. فيما يخص البنود الأخرى من الدستور، هناك مجموعة من الحقوق يحيل عليها الدستور تهم المسألة الاجتماعية، هناك واجبات وهناك حقوق تهم المسألة الاجتماعية، حقوق معطاة للمغاربة، وحقوق للجميع، بمعنى أنها تهم حتى غير المغاربة، المشكل في هذه الحقوق، هو أنها مرتبطة أولا، كما قال ذ. لعتيقي في تفصيل، ينبغي أن تفصل بشكل دقيق، لأن التفصيل يسمح بتأويل دقيق، والجانب الثاني، يتعلق بالضمانات، والضمانات للحقوق تطرح قضية الفصل 19، لأن في الدول الديمقراطية حماية الحقوق تكون من طرف القضاء خصوصاً القضاء الدستوري، مثلا في ألمانيا الذي يحمي الدستور هو المحكمة الدستورية، بينما عندنا، الفصل 19 هو الضمانة الأساسية، أي أن الملك هو الضمانة الأساسية للحقوق الفردية والجماعية، وهذا يطرح مجموعة من المشاكل، لأن القضاء هو الهيأة المؤهلة، نظراً لأنها محايدة، أقول مؤهلة للفصل والحسم، ولضمان الحقوق الفردية والجماعية، سيما وأنه في المغرب، الملكية الموجودة هي ملكية فاعلة، وبالتالي يطرح مشكل ضمان الحقوق. على مستوى القضاء الدستوري، نعلم تشكيلة المجلس الدستوري ووظائفه إلخ... في حين أن من بين وظائف القضاء الدستوري هو صيانة الحقوق الاجتماعية... هذا النوع الأول وهو النوع الديمقراطي الموجود في الدول الديمقراطية، وهناك نوع ثاني ارتبط بأنظمة فاشيستية في أوربا مثلا الدولة الاجتماعية التي عرفتها دول مثل البرتغال، وهذا النوع من الدولة الاجتماعية ليس غرضه هو توسيع قاعدة المستفيدين من الخدمات الاجتماعية، ومن التأمين ومن الضمان الاجتماعي، ولكن تشكيل فقط ما يسمى بالحرفية، أو التوزيع الحرفي الذي يلبي مطالب بعض الفئات المعزولة ويدمجها في حوارات اجتماعية، وهذا النوع يتميز بإشراك ما يسمى بالقوى الحية، خصوصاً النقابات، الغرف المهنية إلخ... إشراكها في النظام التمثيلي، وهذا يطرح مجموعة من التساؤلات. هل هذا هو النوع من الدولة الاجتماعية الذي نبحث عنه، أم أننا نبحث عن دولة اجتماعية ذات قاعدة عريضة واسعة تسمح لفئات واسعة بالاستفادة من خدمات الدولة التي لا يمكن أن تبقى دولة متفرجة أو محايدة إلخ. إذن هاتان الملاحظتان كان من الضروري الإدلاء بهما للخلاصة بأن مسألة شكل النظام تتضمن الجانب البرلماني الديمقراطي والجانب الاجتماعي بارتباط بهذا الجانب الديمقراطي. فيما يخص الدستور الموجود الذي نريد أن ننطلق منه، هو يتضمن مجموعة من التصورات للمسألة الاجتماعية التي تطرح أيضاً مشاكل، سنبدأ بما يسمى بالتصدير أو بما أسماه الأستاذ لعتيقي ب »الديباجة«، أي تلك المقدمة التي ترد في الدستور، والتي في المغرب هي مقدمة قصيرة، الشيء الذي يطرح مشكل غياب إعلان حقوق الإنسان، وأعتقد أننا في المغرب ليس مسألة نقل أو شيء من هذا القبيل، بل إن مسألة ضرورة إعلان للمبادىء دولي أو داخلي يكون كجزء من هذ الوثيقة أو يحيل عليه التصدير، والتصدير عندنا يمكن تقسيمه في هذا المجال إلى جزءين. هناك الإحالة على الدور النشيط للمملكة المغربية في المنظمات الدولية وتعهدها بالالتزام بمواثيقها، وهذا كما أشار إلى ذلك الأستاذ لعتيقي، يطرح مشكل أن الالتزام بالمواثيق يبقى فضفاضاً، ونعلم أن الالتزام بالمواثيق يدخل في بعض الأحيان في استراتيجيات المصادقة التي تقوم بها الدولة، والتي يكون لها دور إعلامي أو دور إشهاري أكثر مما هو دور فعلي للتطبيق. نعلم بأن التعهد بالمواثيق الدولية لا يُلزم بإقامة إصلاحات عميقة للقانون الداخلي إلخ... إذن فهذا مشكل، هذا المشكل يتعلق كذلك بالفقرة المرتبطة بتثبيت المغرب بحقوق الإنسان، كما هو متعارف عليها عالمياً، هذا بالنسبة إلي يطرح مشكلا مهماً، وهو مشكل التصدير في حد ذاته في المغرب. في المغرب، هناك مشكل قيمة هذا التصدير، هل هو فقط مجموعة من الأفكار، مقدمة ثم بعد ذلك تدخل إلى صلب الموضوع. والجواب، كما تعلمون، لأن هناك نقاش فقهي لن نعود إليه، لأننا لا يهمنا، ولكن ما يهمنا فيه هو الجانب العملي. هو أنه لحد الآن، أن القضاء خصوصاً القضاء الدستوري لا يعتمد على التصدير، وهذا مشكل، لأن المقتضيات الأساسية المتعلقة بالمسألة الاجتماعية متضمنة في التصدير، وإذا لم يكن هناك مقتضى يقول إن للتصدير نفس القيمة القانونية لجسم الدستور، سنبقى نكتب إلخ... رب قائل إن المغاربة عندما يصوتون على الدستور، لا يميزون بين التصدير وبين إلخ.... ولكن في الواقع، هناك هذا التمييز لأن القاضي لم يقم بذلك. أذكر فقط، أنه بالنسبة للقضاء الدستوري قرارين يتيمين. قرار 1963 وهو الأساسي، وقرار يناير 1964، الأول حول مجلس النواب، والثاني حول مجلس المستشارين، وفيه القاضي الدستوري عند مراقبته لمطابقة لما يسمى بالقانون أو النظام الداخلي أو نظام الغرفتين، وهذه هي التسمية، اعتمد على التصدير، ولكن المشكل هو أن هذا الاعتماد لم يصبح اجتهاداً مستمراً يسمح لنا بالقول بأن التصدير أصبح جزءاً من الدستور. فيما يخص البنود الأخرى من الدستور، هناك مجموعة من الحقوق يحيل عليها الدستور تهم المسألة الاجتماعية، هناك واجبات وهناك حقوق تهم المسألة الاجتماعية، حقوق معطاة للمغاربة، وحقوق للجميع، بمعنى أنها تهم حتى غير المغاربة، المشكل في هذه الحقوق، هو أنها مرتبطة أولا، كما قال ذ. لعتيقي في تفصيل، ينبغي أن تفصل بشكل دقيق، لأن التفصيل يسمح بتأويل دقيق، والجانب الثاني، يتعلق بالضمانات، والضمانات للحقوق تطرح قضية الفصل 19، لأن في الدول الديمقراطية حماية الحقوق تكون من طرف القضاء خصوصاً القضاء الدستوري، مثلا في ألمانيا الذي يحمي الدستور هو المحكمة الدستورية، بينما عندنا، الفصل 19 هو الضمانة الأساسية، أي أن الملك هو الضمانة الأساسية للحقوق الفردية والجماعية، وهذا يطرح مجموعة من المشاكل، لأن القضاء هو الهيأة المؤهلة، نظراً لأنها محايدة، أقول مؤهلة للفصل والحسم، ولضمان الحقوق الفردية والجماعية، سيما وأنه في المغرب، الملكية الموجودة هي ملكية فاعلة، وبالتالي يطرح مشكل ضمان الحقوق. على مستوى القضاء الدستوري، نعلم تشكيلة المجلس الدستوري ووظائفه إلخ... في حين أن من بين وظائف القضاء الدستوري هو صيانة الحقوق الاجتماعية... الحبشي: شكراً أستاذ مدني، لولا ضيق الوقت، لكنا طلبنا منه المزيد من التفصيل في باقي الإشكالات. وقد ركز أستاذنا على أن الدستور هو بالأساسي موازين قوى اجتماعية، كما أكد على أن التصدير يجب أن يتضمن ضرورة الإعلان للمبادىء يكون جزء من الوثيقة الدستورية، كما أكد على ضرورة تفصيل الحقوق المتعلقة بالمسألة الاجتماعية داخل الدستور، وعلى الضمانات لهذه الحقوق التي يجب على القضاء أن يحسم فيها. المداخلة الثالثة أيها الإخوة هي للأستاذ سعيد السعدي، حيث يدور عرضه حول كيف يمكن للدستور أن يجعل المسألة الاجتماعية في قلب السياسات العمومية. سعيد السعدي: شكراً السيد الرئيس، حضرات الأخوات والإخوة، أشكر أولا الفريق الفيدرالي على هذه الدعوة الكريمة لمناقشة موضوع، لاشك أنه من المواضيع الأساسية اليوم، سواء لدى الفاعل السياسي أو النقابي أو الاجتماعي، ولربما في المقاربة المطروحة، رسمياً، لابد لي أن المسألة الاجتماعية تحظى بنفس الاهتمام كقضايا فصل السلط وسلطة الحكومة والملك، والبرلمان والقضاء إلخ....والحال أن نجاح ورش الإصلاح هذا، رهين بمدىء تملك مختلف فئات شعبنا له، ومشاركة هذه الفئات في الاستفتاء، فمن الأهمية بمكان، أن نلح على الفوائد التي يمكن أن تنجم عن دستور جديد بالنسبة للفئات الاجتماعية المهمشة والمستقلة، لأنه إذا لاحظنا في المطالب المقدمة من قبل حركة 20 فبراير، هناك مطالب مرتبطة بالديمقراطية، بفصل السلط، بسلط الملك، الحكومة، ولكن هناك مطلب العدالة الاجتماعية، وليس المسألة الاجتماعية... والفرق جوهري. إذا أردنا فعلا أن يكون هناك تقدم في هذا المجال، لأن ما لاحظناه هو أنه لدينا خصاص اجتماعي مهول، وفوارق اجتماعية واقتصادية كبيرة، وفوارق جهوية هي الأكبر في العالم العربي. المغرب يعتبر من الدول الأكثر نسبة في الفوارق على المستوي المجالي والجهوي في العالم، وبالتالي هذه عوامل تجعلنا ندفع في اتجاه إعادة صياغة الدستور، ليس فقط في اتجاه توازن السلط، وهذا مهم بدوره، هذا مبدأ الديمقراطية، والديمقراطية أساسها مبدأ المشاركة الشعبية، وبالتالي حل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، ولكن يجب أن نذهب بعيداً وأنا في اعتقادي، ما يجب أن نطرحه أولا، النموذج الاقتصادي والاجتماعي، الذي يجب أن نعمل به. 30 عاماً من النيو ليبرالية بينت على قصورها، وبالتالي كيف يمكن لنا أن نُضَمِّن مبادىء النموذج الاقتصادي والاجتماعي الذي نبغيه في الدستور، تطرح قضية المِلْكية أشكال المِلْكية، هل يتعلق الأمر فقط بالمِلْكية الخاصة، الملكية العامة، الملكية التعاونية، المسؤولية الاجتماعية للمِلْكية الخاصة، المسؤولية المجتمعية، ليس فقط الربح، قضايا الاحتكار وقضايا زواج المتعة بين السلطة والثروة، هذه أشياء يجب أن تكون متضمنة في الدستور، وهذا لا يتضمنه الدستور الحالي، وهذه معركة. النقطة الثانية هي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، يجب التنصيص عليها صراحة حتى لا يتم الالتفاف عليها، يعني المرور عليها من خلال القول فقط بحقوق الإنسان. ما هي الحقوق؟ أعطي أمثلة. الحق في التغذية المستدامة، الحق في الماء، الحق في أجر لائق، وهذه أشياء متضمنة في دساتير العديد من البلدان. لما أقول الحق في الماء، أفكر في جنوب إفريقيا، لما أقول الحق في تغذية سليمة ومتوازنة، أفكر في البرازيل، والبرازيل يربطون بين الحق في التغذية السليمة، وما بين الحد الأدنى للأجور، ربط وثيق، فبالتالي التنصيص على هذه الحقوق، يبدو لي شيئاً أساسياً. المشكل المطروح الآن، ما هي هذه الحقوق؟ وكما قال الأستاذ مدني، هل يجب دسترة كل شيء...؟ أما انطلاقاً من المرحلة الأساسية التي نعيشها، يجب أن نطرح الأولويات والبحث في الحقوق الأساسية، وهنا المجال مفتوح طبعاً للاجتهاد، لكن لاشك أن هناك حقوقاً ترتبط بمجالات التعليم، الصحة، الشغل اللائق، الأجر المحترم، ومرتبطة أيضاً بالمساواة بين الجنسين، لأنه لا يمكن أن نفكر فقط في اتجاه مجتمع ذكوري، لأنه حين نطرح مسألة الحق في التعليم، الحق في التعليم يهم ربما أكثر، الفتاة القروية بالمقارنة مع الطفل في المدينة وقس على ذلك. ربما كذلك، حين نتحدث عن قضية العدالة الاجتماعية، يتبين لي أن العدالة الضريبية تنص على »أن اللي تايدير البزنس خصو يخلص«. يجب أن تكون السلطة عند الحكومة والبرلمان لا يعقل أن تكون هناك أنشطة معينة في القطاع الفلاحي تذر مئات الملايين ولا يؤدى عنها، وهي أنشطة موجهة معظمها إلى التصدير، وليس لها علاقة بالأمن الغذائي الذي نحتاجه اليوم، خاصة وأن أثمنة المواد الفلاحية في ارتفاع مهول. إذن هذه نقطة أساسية ربما أضيف، ونظراً لضيق الوقت، أؤكد على أهمية مأسسة الحوار الاجتماعي، ودور الأطراف التي تحمل هذا الهم الاجتماي، يجب أن نمنح هذه الأطراف دوراً أساسياً، وذلك من خلال مأسستها، بما فيها دور المجتمع المدني، الحركات الاجتماعية، كيف يكون لها دور معترف به من خلال الدستور. يبدو لي أن التفعيل لن يكون بالأمر السهل، ولو يتم التنصيص على هذه الحقوق، أعطي مثالا بسيطاً. في جنوب افريقيا، الحق في الماء مضمون من طرف الدستور ومنصوص عليه، ومنصوص كذلك على أن الدولة تلتزم بالتطبيق التدريجي لهذا الحق في نص الدستور. لكن حين أتوا إلى التطبيق، وجدوا مثلا أن المواطن يستفيد مجاناً من 6 أمتار مكعبة، وما فوق يؤدى عنه، وتم وضع بطائق خاصة للقاطنين في مدن القصدير بجوهانسبورغ، حيث بمجرد أن يتجاوز المواطن ال 6 أمتار مكعبة، يتم قطع الماء عليه. فقامت الحركات الاجتماعية بمناهضة الموقف، حيث وصل الأمر إلى عرض القضية على أنظار المجلس الدستوري، الذي لم يكن اجتهاده في صالح هذه الفئة من المعوزين. للأسف، وهنا يأتي دور القضاء الدستوري، وهنا اسمحوا لي أن أطرح المسألة وفي جانب آخر، لدى دولة الهند، وفي جانب التغذية، حيث قالت المحكمة العليا، إن ما هو مقرر على الدولة الاضطلاع به هو التزام حتمي عليها وليس محض توجيه لها، تضطلع به في حدود استطاعتها إلخ..... إذن أهمية المنهج العملي لتفسير الدستور إما أن يجعل المسألة الاجتماعية أن تكون لها ترجمة في الحياة اليومية للمواطنين أو تبقى مجرد كلام في كلام وحبراً على ورق. النقطة الثانية بالنسبة للتفعيل، هو أنه يمكن أن تكون لدينا انتخابات وتأتي قوى محافظة لا تدخل المسألة الاجتماعية في قلب اهتماماتها إذن ولو أنه يتم التنصيص، لا يجب أن يتوقف الأمر عند هذا الحد، الحراك الاجتماعي، المعركة، التحالف، التعبئة، تقوية دور النقابات، الحركات الاجتماعية. أظن أن هذه جميعها من العوامل التي تساعد على وجود سياسات عمومية التي تترجم الالتزامات في الدستور، من خلال قانون إطار، من خلال الميزانيات. النقطة الأخرى بخصوص التفعيل، هو أهمية التملك من طرف الفئات المحتاجة، لأن العدالة الاجتماعية لا تعني الجميع، تهم الفئات المستضعفة والمستغلة، وبالتالي، فالقدرة على تملك هذه الحقوق، وإمكانيات المقاضاة، ووجود آليات للمقاضاة، ثم قضية التتبع من قبل الفاعلين السياسيين والاجتماعيين لمراقبة مدى تطابق التزامات الدولة مع ما هو منصوص عليه في الدستور، وطبعاً ما هو منصوص عليه في الاتفاقيات الدولية، كما أوضح ذلك الأستاذ لعتيقي والمتدخلون الآخرون. وأخيراً دور القضاء، ويتمثل في إلى أي حد القضاة لهم وعي وفهم عميق بأهمية الحقوق الاجتماعية وضرورة التعامل معها بالإيجابية الضرورية، لأنها تهم أغلب فئات المجتمع المغرب. حبشي: شكراً أستاذ السعدي على هذا العرض القيم، الذي أكد على ضرورة إعادة صياغة الدستور في اتجاه هدف وضع نموذج اقتصادي واجتماعي يخدم العدالة الاجتماعية، كذلك أكد على ضرورة أن ينص الدستور على مجموعة من الحقوق، كالحق في التغذية السليمة وفي الماء وفي عمل لائق وفي أجر محترم، كذلك أكد على تفعيل النصوص، وتفعيل النصوص بنظره، لا يمكن أن يأتي إلا عبر مواصلة الحراك الاجتماعي، ومواصلة الحركات الاجتماعية والنقابية في مواصلة النضال من أجل الدفاع عن العدالة الاجتماعية. والآن أعطي الكلمة للسيد محمد العوني، الذي سوف يتحدث في هذه الندوة، كيف تساهم آليات الحكامة الديمقراطية إيجاباً في تفعيل التنمية الاجتماعية. محمد العوني: شكراً، تحية للأخوة في الفريق الفيدرالي، تحية للأخوات والأخوة في الحضور,حركة المطالبة بدستور ديمقراطي، أشير بسرعة إلى أنها نتيجة مخاض نهاية التسعينيات, المنظمات الشبابية الديمقراطية آنذاك، وهي تتابع دخول جزء من المعارضة السابقة إلى الحكومة، وتعيش أوضاعاً فيها الكثير من الاستفهامات طرحت على نفسه كيف تجابه هذا الوضع باستمرار عملها الوحدوي وضمنها شبيبات أحزابها دخلت للحكومة، الشبيبة الاتحادية، الشبيبة الاستقلالية والشبيبة الاشتراكية، وشبيبات أحزابها بقيت في المعارضة، حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية، الشبيبة الطليعية آنذاك، فيما بعد التحقت أيضاً منظمات الشباب الاتحادي، هذه المنظمات الشبابية طرحت على نفسها هذا السؤال الكبير، واعتبرت أنه لا يمكن للإجابة عن هذه الاستفهامات أن تكون قضية الشباب وحدهم، بل ينبغي أن توجه الاستفهامات لكل القوى الديمقراطة بالمغرب، وفي محاولة الإجابة على هذه المهمة التي طرحتها المنظمات الشبابية على نفسها، التي كانت تسمى آنذاك اللجنة التنسيقية الوطنية للشبيبات الديمقراطية. باختصار الديمقراطيون جميعهم متبشبثون بالإصلاحات السياسية والدستورية، وهذا مدخل للاستمرار في الصف الديمقراطي بهذا العمق وهذا الوضوح، واقترحت أن تحاور المنظمات الديمقراطية السياسية والنقابية والحقوقية والمجتمعية بمختلف انشغالاتها، وحددت 40 تنظيماً توجهت إليه، لكن مع الأسف، لم تتمكن من الوصول إليهم جميعاً، ولكنها خاطبت وجالست حوالي 30 تنظيماً ديمقراطياً، وكانت تطرح هذا السؤال مع العمل من أجل بقاء جدوة النضال الديمقراطي حاضرة بكل العنفوان والفتوة الضرورية، وخلصت في الختام بعد هذه النقاشات إلى ضرورة تأسيس حركة المطالبة بدستور ديمقراطي التي تأسست ليس من قبل منظمات وإنما من قبل لجنة تحضيرية تكونت من كل المنظمات التي استجابت للمنظمات الشبابية. إذن، هذا المخاض هو الذي أسس لحركة المطالبة بدستور ديمقراطي، رسمياً تأسست سنة 2002، لكن بعد تحضير ونقاش وحوار وطني من نماذج الحوارات القليلة بين الديمقراطيين المغاربة.. وهكذا بقيت الحركة طيلة سنوات الألفين ماسكة بمشعل الإصلاح الدستوري ودور الدستور الديمقراطي الذي كان يبدو بعيداً جداً بالنسبة للعديد من الفاعلين، وبالطبع، سجلنا آنذاك كحركة، أنه إذا كانت القوى الديمقراطية تسطر على أولوية الإصلاحات الدستورية والسياسية، فهي لا تقوم عمليا بما يوازي اختيار هذه الأولوية، أي أنه عملياً ليست هناك أولوية الإصلاحات الدستورية والسياسية وعلى الخصوص الدستورية، وطبعاً هذا مع الأسف، ما جعل القوى الديمقراطية متأخرة في موضوع بلورة الأفكار الكبرى حول الدستور الديمقراطي، حاولنا في الحركة أن ننطلق من هذا العمل المشترك للوصول إلى أرضية المبادىء الكبرى للدستور الديمقراطي، بدأنا العمل في ذلك، لكنه توقف نتيجة هذه الوضعية التي أشرت إليها. الآن، عادت الحركة الى العمل، وقد قمت بتوزيع بلاغ يتضمن العديد من الأنشطة، الهدف بالنسبة للحركة الآن، أنها في نهاية ماي أو بداية يونيو، ستعقد لقاء وطنياً للمنظمات المنضوية تحت لواء الحركة، وهي أزيد من 70 منظمة، بما فيها منظمات سياسية وحقوقية وأمازيغية وثقافية وإعلامية إلخ... هذا اللقاء الوطني يتضمن ثلاثة روافد تتضمن لقاءات وعروض حول قضايا متعددة، وفي مقدمتها منهجية بلورة وإعداد واعتماد الدستور، إلى جانب تشكيل لجنة وطنية لصياغة مشروع هذه الأرضية، وأيضاً لتجميع المقترحات التي يمكن أن تقدم للقاء الوطني، وهذه اللجنة مكونة من العديد من فقهاء القانون الدستوري، وفعاليات سياسية ومجتمعية من مختلف المشارب والانشغالات. وقد بدأت هذه اللجنة تشتغل وسنعلن عن تشكيلتها قريباً، وهذا كل يصب في أن يكون لدينا في الختام، تتويج للقاء الوطني للحركة والمتفتح على كل الفعاليات الديمقراطية. الآن، الموضوع المقترح من قبل الإخوة أظن أنه من القضايا التي يمكن أن نقول، وإن كنت لا أفضل كلمة إجماع، يمكن أن أقول داخل حركة المطالبة بدستور ديمقراطي تتضمن نوعاً من الإجماع، طبعاً هناك عدة نقاط في المراجعة الدستورية، وفي نقط الدستور الديمقراطي تتضمن خلافات وتفاوتات داخل مكونات حركة المطالبة بدستور ديمقراطي، لكن ما يمكن أن نسميه بآليات الدمقرطة ومحاربة الفساد، هي من النقاط التي يوجد بشأنها تلاقي كبير بين المكونات، وبالتالي، فأنا سأتحدث بكل راحة، انطلاقاً من أن واجب التحفظ هنا ليس لدي كثيراً، لأنه ليست لدي مراعاة الاختلافات والتفاوتات الحاصلة بين مكونات الحركة. عناوين كثيرة يمكن أن تدخل ضمن إطار هذا الموضوع، آليات الدمقرطة ومحاربة الفساد، ويمكن أن ندخلها في العديد من المظاهر السلبية التي تفيد بأن هناك فساداً كبيراً، الرشوة، نهب المال، التدبير وسوء التدبير، التملص الضريبي، الاستيلاء على الممتلكات، استغلال مواقع السلطة المعينة أو المنتخبة للصالح الخاص، المحسوبية، الزبونية، الاحتكار بكل أنواعه، اقتاصد الريع، نظام الامتيازات، غياب الشفافية في المعلومات وفي توفير المعلومات، في الصفقات إلخ... إذن هذه عناوين، ولكن يمكن أن ندرج عناوين أخرى ضمن هذا المجال الذي يفرض عملا من أجل محاربة الفساد، وطبعاً هذا يفرض ونحن بصدد دستور جديد، أ نطرح كيف تكون الآليات مدسترة لتأسيس ما يمكن أن أن نسميه بالتخطيط الراشد أولا، والترشيد ثانيا، المراقبة، المحاسبة والمساءلة. كنت أود الإشارة إلى أن الدستور هو مجال لتحديد طبيعة النظام السياسي، ولكن أيضاً، بطبيعة النظام الاقتصادي والاجتماعي. وقد أعفاني الأستاذ سعيد السعدي لما وقف عند هذه النقطة، فقط أشير إلى أنه، مع الأسف، الدستور المغربي الحالي لا يقف فقط يشرعن ل »النيو ليبرالية«، وإنما ينص عليها، هناك في تعديل 1996 إدماج لنقطة تشير، كما لو أن هناك تقديس للطبيعة الليبرالية بين قوسين للدولة المغربية، وهذا وحده يحتاج إلى عرض. إذن ضرورة تأصيل، بناء مؤسسات في الدستور، بناء المؤسسات، ودولة المؤسسات، ومؤسسات المجتمع مرتبط بمحاربة هذا الفساد بشكل مباشر، لأن هناك آليات في البلدان الديمقراطية، هناك آليات المراقبة التابعة للدولة، ولكن هناك أيضاً آليات المراقبة الشعبية، وهذا الجانب قليلا ما نوقش في المغرب، على اعتبار أن التركيز على آيات المراقبة التابعة للدولة، بتشتتها وبتنوعها بمحاولة تقليص صلاحياتها وتغييب آليات المراقبة الشعبية، وهي ذات أهمية كبيرة، وبالتالي، عندما نتحدث عن الآليات الدستورية لمحاربة الفساد، فهي متنوعة وينبغي أن تؤسس بشكل متكامل وبنظرة شاملة. لا يكفي أن نتحدث مثلا الآن عن دسترة هيأة محاربة الفساد. نحن لدينا الآن الهيأة المركزية للوقاية من الرشوة طبعاً، الطريقة التي تأسست بها هذه الهيأة، والصلاحيات التي لا تتوفر عليها، أو تلك التي تتوفر عليها وتابعة بين قوسين للوزير الأول، للوقاية من الرشوة يتبين بأن هذه المؤسسة ولدت لخلق شعار فقط ومتابعة الموضة وليس للاتجاه إلى العمق، بينما يجب أن ينص الدستور الآن على هيأة لمحاربة الفساد، كذلك بالنسبة للمجلس الأعلى للحسابات والأدوار المفتقدة بالنسبة للمجالس الجهوية على الخصوص، وكذلك المجلس الأعلى الذي يأخذ طابعاً قضائياً مفروض أن ترقى إلى المجلس الدستوري، ولكن في إطار من الوضوح وتعميق الصلاحيات. مجلس المنافسة، الوسيط، المجلس الاقتصادي والاجتماعي وغيرها... ثم الآليات المرتبطة بالهيأة التشريعية بالبرلمان، وطبعاً البرلمان، ليس هيأة للتشريع فقط، إنه هيأة للتشريع والمراقبة، وبالتالي تطرح هنا مسألة تقييم تجربة لجان التقصي بين قوسين، وما كان مفتقد فيها، كيف يمكن أن يقوم البرلمان بالمراقبة بالفعل وبالقوة، ثم الهيأة التنفيذية أي الحكومة التي ينبغي أن ينص على أنه ي التي تقود السياسة العامة دستوريا، لأنه لاحظنا أنه في غياب الآليات لدى هذه الحكومة، ولدى الهيأة التنفيذية بكل إداراتها ومؤسساتها، وكانت حالات خطيرة وضعت معها أسئلة حول هذا الموضوع بدون أن تكون الإجابة عليها. فقط حالة الزاهدي ومن معه، والملفات التي فجرت، ولكنها بقيت محاطة بنوع من التستر على أن تصل الى مداها، ولكن الزاهدي في الحالات التي تطرح بشكل مباشر، بأنه لم يكن هو الذي يدبر حتى إعطاء الديون، وإنما كان يتلقى التعليمات خارج المؤسسة الحكومية. إذن هناك حالات كثيرة أظن تحيل على ما يجب عمله... بقيت آليات المراقبة الشعبية أو المجتمعية، والتي يجب إعطاؤها أهميتها، وهي حين نقول الحريات، حريات الإعلام مثلا، حرية التجمع، تأسيس الجمعيات، فإنه مرتبط بهذه الجوانب، الإعلام لا يقوم بدوره في الكشف عن المفاسد وحالات الفساد، انطلاقاً من وضعه، انطلاقاً من أنه ليس مخولا له دوره. ففي البلدان الديمقراطية لم يصبح الإعلام سلطة رابعة فقط، وإنما أصبح السلطة الأولى، لأنه لم يعد يفصل بين السلط فقط، وإنما أصبح يجسد المراقبة الشعبية بشكل واقعي. أشير فقط أنه حين أتحدث عن الآليات المجتمعية، لا أعني فقط الإعلام والجمعيات، وإنما أيضاً البحث الجامعي والبحث بشكل عام، المؤسسات مثلا المندوبية السامية للتخطيط وغيرها من الآليات، هناك الكثير ما يقال. وشكراً. الحبشي: شكراً محمد العوني الذي قام بالتعريف بحركة المطالبة بالدستور الديمقراطي، والذي ركز على أشكال الفساد التي تعرفها بلادنا، والتي توحد بشأنها العديد من المطالب بدسترة مجموعة من آليات الردع والتقصي بما فيها، التخطيط الرشيد والترشيد والمراقبة والمساءلة. آخر محور يتعلق بما هي الضمانات الدستورية، لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية هذا العرض يؤطره الأستاذ حسن طارق. الأستاذ محمد مدني: الذي لاحظناه في المغرب وفي عدد من الدول العربية، أنه الآن هناك نوع من التوازن بين فئات اجتماعية، خصوصاً المهمشة، والفئات المتوسطة الحقيقة، أن السؤال المتعلق بالعلاقة بين الإصلاح وميزان القوى بسرعة، هذا نقاش طويل جداً، أريد فقط أن أشير أولا إلى أن مسألة ميزان القوى ليس مسألة ستاتيستيكية، بل إنها مسألة أساسية. ثانياً أنها مسألة تدمج بين الخارجي والداخلي، هناك أحزاب استمراراً لأحزاب دولية وتيارات ومصالح دولية، وهناك تداخل بين الاقتصاد الوطني والاقتصاد الدولي، والاختلالات التي تتم على المستوى الجهوي والعالمي لها تأثير أيضاً على المستوى. ميزان القوى لا نريد أن نفصل فيه، يجب أن نشير فقط إلى جزء منه، يمكن أن نلمسه، لأن هذا يحتاج إلى دراسات ميدانية إلخ.... فيما يتعلق بتوزيع السلطة بين الفئات الاجتماعية، ليس فقط توزيع السلطة بالمفهو القانوني الرسمي للسلطة القضائية، والذي لاحظناه في المغرب وفي عدد من الدول العربية، أنه الآن هناك نوع من التوازن بين فئات اجتماعية، خصوصاً المهمشة، والفئات المتوسطة إلخ.... بمعنى أنه لاحظنا أن هناك أفراداً يفضلون في بعض الأحيان إحراق أنفسهم، على أن يصفعوا أحداً، هذا معطى أساسي، أفراداً يرفضون أن يُشحنوا مثلا في شاحنات إما للتصويت أو للتصفيق للرئيس الفلاني أو العاهل الفلاني إلخ... هذه معطيات ملموسة، يعني هناك تغير، بمعنى أن هناك مسائل لم تعد تقبل، وهذا شيء مهم، وليس مسألة عابرة، بل مسألة ستستمر إلخ... السؤال حول هل ستتوقف المؤسسات؟ أعتبره سؤالا خطيراً جداً، وفي المغرب كان هناك سؤال رئيسي في القضية الدستورية، من يدبر المرحلة الانتقالية، سأعطي هنا أمثلة للتوضيح حلو هذه النقطة التي بدت جزئية، ولكنها رئيسية، عندما وضع الدستور الأول سنة 1962، مباشرة سنة 1965، أعلنت حالة الاستثناء. كانت هناك حاجة إلى فصل يدبر المرحلة الاستثنائية، كان هناك الفصل 35 الذي اتضح أنه يطرح عدة مشاكل. فيما بعد، ولن أتحدث هنا عن سنة 1970، لأنها كانت فترة قصيرة، في 1972 كان هناك فصل مهم هو الفصل الثاني بعد المائة. هو الذي يدبر المرحلة الانتقالية، كيف ذلك، كان يقال لنا بأن هذا الدستور الجديد إيجابي، لأنه كان فيه اتفاق بين الكتلة ومتعاقد بشأنه، ولكن في انتظار إلى أن يتم تنصيب المؤسسات، سيمارس الملك كل الصلاحيات المعطاة لهذه المؤسسات. بمعنى كان في الأصل الفصل 19. هذا هو الفصل 19 الحقيقي، لأنه يسمح بجمع السلط في يد الملك، واستعمل من 72 إلى 77 من بعد، لم يتخل المغرب عن ما يسمى بالمقتضيات الانتقالية، في سنة 1992، كان الفصل 101، الذي سمح للملك بجمع السلط، في 1996، لم يعد الأمر كذلك، ومن تمة، بدأ يظهر الفصل 19 بقوة. المشكل الذي يطرح الآن هو أن ما هو موجود هو البرلمان، يقوم بهذه العملية. غير أن المشكل هو هل سيقوم البرلمان بمجلسيه بهذه العملية، آنذاك ينبغي توضيح مجالات تدخله، هل سيبقى يشرع عادياً أو فقط في بعض القضايا التي تهم الانتقال، مثلا كأن يصوت على القوانين الانتخابية، والقضايا الأخرى يجب تضمينها في فصول أخرى، هذا نقاش لازال مطروحاً، ويبدو لي أن الحلول جاهزة، إلا أن الحل إما أن يقتصر على التشريع في مجال الانتخابات، أو أن يبقى يقوم بالتشريع العادي، بمعنى أنه يمارس جميع الوظائف التي يمارسها البرلمان، وهذا هو الحل العادي. فيما يخص إصلاح الادارة، أعتقد أنها مسألة أساسية إذا ربطت بمبدأ المسؤولية والمحاسبة، وأقف عند هذا الحد. ذ. سعيد السعدي: بالنسبة لمسألة المبادرة الحرة والمقاولة شخصيا لا يبدو لي أن الفرق كبير، لأن المهم هو أشكال الملكية بالنسبة للنماذج الدستورية تكلم ذ. مدني على الوضعية المساعدة في البرازيل، قضايا الحماية الاجتماعية والتعويض. إلا أن ما يجب أن نفهمه هو أن الدستور على الأقل في الدول المتقدمة من الناحية الديمقراطية ليس قضية مساعدة، فإن القضية تعتبر مقاربة حقوقية، الإنسان كإنسان، والمفهوم الحقوقي هنا هو الأساس. بالنسبة لمسألة المبادرة الحرة والمقاولة شخصيا لا يبدو لي أن الفرق كبير، لأن المهم هو أشكال الملكية، هو الذي يحتاج الى إعادة الصياغة، إذا أردنا من منظور الصراع الاجتماعي، نريد أن نطرحه نحن، كيف تكون لنا أشكال ملكية متنوعة بهدف الدمقرطة ومنع الاحتكار والعدالة الاجتماعية، وهنا نأتي لمسألة التدبير المفوض، لا يمكن أن تكون لنا حقوق اقتصادية واجتماعية مصانة، إذا لم يكن لنا مرفق عمومي ناجع وديمقراطي وكذا الخوصصة، فهذه أشياء يجب إعادة النظر فيها جيداً. بمعنى أن الإرث إذا أردنا أن نقوم بفتحه، يجب أن تكون لنا الجرأة حتى لا يقتصر النظر فقط على صلاحيات الملك. هناك إشكال آخر يرتبط بالاختيارات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، والجهة التي تحدد سياساتها وموازين القوى فيها، فهاجسي اليوم هو كيف نُغلب كفة هذا التغيير الاجتماعي العميق والديمقراطي، مع الأسف، يبدو لي أن المقاربة التي تم إعمالها من قبل الدولة لا تشجع مبدأ التآزر، الآن، ربما وللتأثير في موازين القوى، هو كيف نبني تحالفات، لأن هناك قوى غير راضية على هذا المخطط، لأنه كيف نعزز هذا الموقع، لأن هذه فرصة تاريخية صراحة، لأن الأحزاب بما فيها الأحزاب الديمقراطية التقدمية التي فقدت الاتصال بالحركات الاجتماعية، يجب أن تقوم بنقدها الذاتي. نعم فقدنا الاتصال بالحركات الاجتماعية، ودخلنا في لعبة، حققنا فيها أشياء لبلادنا، يجب أن نقول بأننا ذهبنا بعيداً فيها، ولم نقم بخط الرجعة. الآن مُنحنا فرصة لم تكن واردة لدينا، فكيف نجعل هذه الكتلة الحرجة أن تظهر في إطار جبهة لتحقيق أكثر ما يمكن من الحقوق، لأن لا أحد يعرف ما قد يحصل في يناير. نقطة أخيرة، قضية التملك، أعتبرها شيئاً أساسياً وأنا أرى أنه يجب أن نذهب أبعد من الديمقراطية التمثيلية، وذلك من خلال البحث عن الآليات لوضع مبادىء الديمقراطية التشاركية، كآلية للعمل والنشاط اليومي لاستقطاب كافة شرائح المجتمع للاهتمام بالمجال السياسي، وبالتالي تملكهم لحقوقهم كاملة. حسن طارق: اليوم يجب أن نقول بأن الديمقراطية والتغيير مرتبطة في الحسم في هذين الأمرين. الإصلاح الدستوري للدستور، والإصلاح السياسي المتعلق بالانتخابات. أولا، أعتقد أن تمة عوامل قلق جماعي في عدم وضوح في المنهجية، لأنه ليس أمام الفاعلين خارطة طريق واضحة لتدبير هذا الإصلاح.الأحزاب لا تدري ما إذا كانت وظيفتها قد انتهت مع وضعها لمذكراتها، وفيما إذا كانت الخلاصات النهائية للنقاش ستعود للأحزاب من أجل شوط ثان للنقاش، وهل الصيغة التي ستعرض للاستفتاء ستكون بدورها محط نقاش، هذه جميعها أسئلة مطروحة، بما في ذلك المرحلة الانتقالية، لأن خطاب 9 مارس، تحدث عن المرحلة الحالية، وفي الحقيقة، لم يكن من الضروري أن تكون الإشارة، لأنه بقوة الأشياء وبقوة الدستور طبعاً، ستظل هذه المؤسسات قائمة إلى حين التصويت عن الوثيقة الدستورية الجديدة، التي ستبت في فصلها الأخير على طريقة تدبير المرحلة الانتقالية، المرحلة من التصويت على الدستور إلى تنصيب المؤسسات التي يتحدث عليها الدستور. وهنا لا أتصور أن يتم الرجوع إلى مرحلة ما قبل 1996. أتصور بأنه سيقال، بالاختصاص الانتقالي لفائدة السلطة التشريعية. أنا أعتقد أيضاً أن ميزان القوى مهم، لكن لابد من الانطلاق من جميع ملاحظات ذ. مدني، ولكن لابد من التمييز بين ميزان القوى السياسي وميزان القوى الاجتماعي، أعتقد أن المرحلة التي نعيشها اليوم، أنها مرحلة يظهر أنها تحمل تحولات عميقة على مستوى ميزان القوى الاجتماعي، القوى الاجتماعية الراغبة في التحرر، الراغبة في الديمقراطية التي ظهرت مع هذه التجربة الحضرية المدنية، هذا تحول اجتماعي ومجتمعي عميق، أكبر من ميزان القوى الذي تخلقه فقط التموقعات للأحزاب أو القوى السياسية. نحن أمام فاعلين جدد، خاصة في مجال الإصلاح الدستوري الذي كان مجال محاورة ثنائية بين الأحزاب وبين الدولة. اليوم هناك فاعل جديد يمتلك حضوراً قوياً، يمتلك الساحة العمومية، ويقدم لغة جديدة، وقوة هذا الفاعل الجديد هي اللغة الجديدة التي يطرح، لأن هذه اللغة الجديدة فيها نوع من البراءة السياسية. وهذه هي بالضبط هشاشتها وقوتها في نفس الوقت، لأن هؤلاء الفاعلين غير معنيين تماماً بالثقافة السياسية التي تدبر بها النخبة علاقتها مع الدولة، لأنهم يبدون متحررين ولا يفكرون في التوافق أو في أنصاف الحلول، ويطرحون الأشياء العالية والواضحة.. هذا جانب، ثم إن هذا العمل كسر نخبوية المطلب الدستوري، لأن أعداء الإصلاح الدستوري كان شعارهم الأول والأساسي هو أن هذا المطلب هو مطلب نخبوي، وليس مطلب اجتماعي ولا جماهيري. اليوم، هناك تكسير لهذه الأطروحة. أعتقد أننا على أبواب مرحلة سياسية جديدة، أنهينا مع مرحلة الانتقال في سنة 2002، بالرغم من أن الانتقال بقي حالة وفاة سريرية إلى 2007، ولكن اتضح في هذه السنة بأن هذه المرحلة قد انتهت واستنفدت. في الحقيقة، كان النقاش السياسي الحقيقي يجب أن ينطلق في 2007، لأنه من 2007 إلى اليوم، أضعنا ثلاث سنوات، لأن ما وقع في 2007، كان يسائل الجميع، وما وقع في 2007 كان مبعثاً لتأويلين: التأويل الذي انتصر للأسف، هو التأويل الذي اعتبر ما وقع في 2007 دليل على عجز الأحزاب وتم تركيب خطاب، وهذا الخطاب هو الذي أدى إلى ظهور حزب سياسي مهيمن، والاتحاد الاشتراكي كان قال في تقرير التقييم ل 2007، أن ما وقع في 2007 هو دليل على أزمة السياسية، وعلى أزمة الثقة في المؤسسات وعلى أزمة حكامة وعلى أزمة تدبير على مستوى السلط، إلا أن تأويلنا ظل ضعيفاً. إذن عشنا خلال هذه السنة 2011-2010، مرحلة عنوانها وهم حزب الدولة، وهذه مرحلة انتهت بدورها اليوم. اليوم، نحن في مرحلة يمكن أن يكون شعارها هو التغيير السياسي، والتغيير الاجتماعي وهي مرحلة علينا كفاعلين أن نفهمه جيداً، وذلك بالتفاعل معها بشكل سياسي، هذه مرحلة تقتضي إعادة تموقع سياسي اجتماعي، خط سياسي جديد، تقتضي أيضاً ثقافة تنظيمية جديدة، وتقتضي مبادرات وخطاب جديد، تفرض علينا عودة منظمة إلى المجتمع، وإعادة بناء علاقة مع هذه الحركات الاجتماعية والاحتجاجية. يجب أن نقول اليوم بأن اليسار مطالب بإعادة امتلاك الخطاب الاجتماعي، لأن اليسار في بلادنا وجد نفسه مطالب بوظيفة سياسية هي الدفاع عن الديمقراطية. وبالتالي، فإن هويته ظلت هي الديمقراطية والمطالب السياسية، كيف يمكن لنا اليوم أن نزاوج بين المطالب السياسية والهوية الاجتماعية. هذا ورش مطروح على النقابات والأحزاب. يجب أن نقول في كلمة أخيرة وأساسية، هو أن الديمقراطيين جربوا مدخلين من أجل الدمقرطة والانتقال الديمقراطي، جربوا المدخل الدستوري، وجربوا مدخل الانتخابات، وجربوا مدخل المشاركة الحكومية. اليوم يجب أن نقول بأن الديمقراطية والتغيير مرتبطة في الحسم في هذين الأمرين. الإصلاح الدستوري للدستور، والإصلاح السياسي المتعلق بالانتخابات. لا يمكن أن يكون لنا تغيير إذا لم نغير السياق التشريعي والسياسي والمؤسسي والاداري للانتخابات. واليوم، ولكي نقوم بحل إشكالية الانتخابات، يجب أن نقول بصراحة بوجوب حل إشكالية حزب الدولة. اليوم هذا مشكل، كان خطراً على الديمقراطية، وهو اليوم خطر على البلاد، ويجب أن يحل بشكل من الأشكال، لأن المغرب لم يعد قادراً اليوم على تحمل وجود حزب الدولة أو حزب الادارة.