هناك قولة شهيرة سجلها التاريخ للإمام الشعراوي وهو يقول في وجه الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك "إذا كنت قَدَرُنَا فليوفقك الله وإذا كنا قَدَرُك فليعنك الله على أن تتحمل"،هي كلمات عميقة في معناها ومركزة في مضمونها أستحضرها اليوم لوصف ما يقوله السيد بنكيران رئيس حكومتنا داخل قبة البرلمان وأمام الكاميرات. فالرجل لم يستوعب بعد أنه رئيس حكومة هذا البلد منذ ثمانية أشهر وأن دوره اليوم هو إيجاد الحلول للمشاكل، وما زال مستمراً في مسلسل النقد والمعارضة وكأنه زعيم المعارضة. وأجدُني لا أدري إن كان السيد بنكيران " قَدَرُنَا" فندعو له لأننا لا نملك غير ذلك أمام رئيس حكومة لا يريد أن يرى أو أن يسمع أي أحد، أم نحن " قَدَرُه" فعليه أن يتحملنا مهما كانت الظروف. ولا أظُنُّنَا نطلب المستحيل من السيد رئيس الحكومة ووزرائه، فالمغربيُّ يريد فقط أن يعيش وكرامته محفوظة وأن يوفي كل واحد بوعوده التي قطعها على نفسه أمام المغاربة. فالسيد بنكيران وعد المغاربة بالرخاء، و كان أول قراراته الملموسة هو الرفع من أسعار المحروقات وبالتالي الرفع من أسعار جميع المواد الأساسية. و وعد المغاربة ب"المعقول"، فكان أول قراراته في حق المفسدين هو "عفا الله عما سلف". ووعد السيد بنكيران المغربيات بالمناصفة وضمان الحقوق، فكان الوفاء بالوعد بإهانة المغربيات على قناة الجزيرة وهو يختزلٌهن في "الشجار داخل الحمامات العمومية". و وعد السيد بنكيران المغاربة بتعليم في المستوى، فكان جواب حكومته إلغاء مجانية التعليم. وعندما أراد السيد رئيس الحكومة تبرير زلة الرفع من أسعار المحروقات، عزا ذلك لكون حكومته لا تريد أن تفرط في استقلالية المغرب المالية. وبعد مرور شهرين على القرار هاهو السيد بنكيران يورط المغرب في أكبر قرض في تاريخه من صندوق النقد الدولي بقيمة تناهز 6 مليار دولار. لكن المثير في الأمر اليوم هو غياب الاستراتيجيات القطاعية الملائمة للخروج من الأزمة، و كل ما نراه ونقرأه هو مجرد تهريج للهروب إلى الأمام. فالحكومة الحالية لم تقدم أي جديد فيما يخص الصناعة والسياحة والخدمات والتعليم والصحة والرياضة والشباب والمرأة والثقافة والبيئة وغيرها من القطاعات، ولا ندري إلى يومنا هذا سبب وجود وزيرين في المالية والداخلية والخارجية مع أننا نعيش في أزمة خانقة وعجز في الميزانية. لا أدري هل يفهم السيد بنكيران ووزرائه معنى الأزمة والمسؤولية الملقاة على عاتقهم لأنهم لم يحركوا ساكناً إلى حد الساعة، وأصبحت قناعتنا كبيرة بوجود وزراء أشباح ومدراء أشباح لا يقدمون ولا يؤخرون. فإذا كنتم قَدَرُنَا فليوفقكم الله وإذا كنا قَدَرُكم فليعنكم الله على أن تتحملوا .. فهمتوني و لا لا ؟!