وجد عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، في جلسة المساءلة الشهرية بمجلس النواب، المنعقدة صباح أمس الجمعة، الفرصة لمهاجمة منتقدي إقدامه على اتخاذ قرار الزيادة في أسعار المحروقات، وتوجيه رسائل مشفرة إلى خصومه السياسيين، داعيا المغاربة إلى «شد الحزام» لمواجهة مديونية تقدر ب15 ألف درهم لكل مواطن. وقال بنكيران الذي كان مؤازرا ب 12 من وزرائه: «الشعب ديالنا فهمنا والدليل أن كل محاولات الاحتجاج بطريقة ما متبعهاش، رغم أن الشعب تحمل ذلك بصعوبة»، متسائلا في معرض رده على انتقادات فرق المعارضة لقراره الزيادة في أسعار المحروقات: «واش على ريال غادي نديرو ثورة إلا بغيتو نديروها نديروها». رئيس الحكومة ذهب بعيدا حين كشف أنه لن يخفض من أسعار المحروقات، رغم انخفاضها في السوق العالمية، لأن المغرب اشترى ما سيستهلكه لمدة 4 أشهر بثمنه السابق 126 دولارا، ولرغبته في استرجاع ديون الدولة. ووصف بنكيران التوترات التي عرفها المغرب بعد قرار الزيادة في ثمن المحروقات وقادها أرباب الطاكسيات ب «الضجيج»، مشيرا إلى أن المجتمع قبل قرار حكومته الزيادة، وأنه «على استعداد لتأدية ثمن تلك القرارات، واللي ما عجبتوش سياستي ما صوتش علي ما عندي غرض، الحكومة تحلت بالشجاعة وغادي تدير اللي عليها». وشدد رئيس الحكومة على أن لجوء الحكومة إلى السوق المالي لاقتراض الأموال التي يحتاجها صندوق المقاصة لدعم المواد الاستهلاكية الأساسية سيكون كارثيا، إذ كان سيرهن مستقبل البلاد، ويفقدها الاستقلالية والسيادة على نفسها، ما سيفسح المجال لتدخل الصناديق الدولية لترسيم السياسات العمومية. ولم يفوت بنكيران، فرصة مثوله أمام الغرفة الأولى للدفاع عن موقف حكومته الرافض لفرض الضريبة على أغنياء المملكة، وقال:» لسنا ضد الضريبة على الثروة، لكن لا يمكن أن نقدم في آخر لحظة على إصلاح يحتاج إلى دراسة من قبل الخبراء، وبعيدا عن خلق أزمات سياسية». إلى ذلك، لم يتأخر رد المعارضة على هجوم بنكيران، إذ فتح عبد الهادي خيرات، القيادي الاتحادي النار على بنكيران، متهما إياه بالإقدام على خطوات خطيرة، في إشارة إلى دعوته الطبقات الفقيرة إلى فتح حسابات بنكية في انتظار إقبار صندوق المقاصة، وقال:»كلشي فتح حساب بنكي وتيتسنو بنكيران راه مشكلة درتي.. هل تدركون خطورة الأشياء التي تقدمون عليها؟». خيرات انتقد بشدة قرار الرفع من أسعار المحروقات، معتبرا خلال تدخله أن «الظرفية والتوقيت وأسعار النفط في الأسواق الدولية لم تكن تسعف لاتخاذ ذلك القرار». من جهته، اتهم عبد اللطيف وهبي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، ب»الارتباك»، وبالتنصل من الوعود الانتخابية التي كان يطلقها إبان الحملة الانتخابية. إلى ذلك، أضاع بنكيران ووزراؤه وعدد من النواب في الأغلبية والمعارضة أكثر من ربع ساعة من عمر الجلسة التي كان المفروض انطلاقها على الساعة العاشرة، في تبادل القبل، وأخذ الصور، ولولا تدخل كريم غلاب لإيقاف مسلسل القبل لما انطلقت جلسة المساءلة. وكان لافتا، حرص رئيس الحكومة على إبداء حفاوة خلال سلامه على وزيره في الداخلية امحند العنصر، في ما يبدو أنه محاولة لتبديد كل الأقاويل التي تحدثت عن غضب رئيس الحكومة من العنصر على خلفية إصدار الداخلية بيانا يطالب بفتح تحقيق في تصريحات النائب الإسلامي عبد العزيز أفتاتي، من أجل توضيح المقصود من «الأجهزة المعلومة». احتفاء بنكيران بالعنصر لم يقف عند ذلك الحد، بل ذهب إلى حد الثناء عليه وتهنئته على وقوفه بمعية الشرقي الضريس، الوزير المنتدب في الداخلية، في وجه المضاربين. من جهة أخرى، تناسى نور الدين مضيان، رئيس الفريق الاستقلالي بالغرفة الأولى، نفسه خلال جلسة الأسئلة الشفوية، بعد أن تقمص دور المعارض للحكومة «الملتحية»، متسائلا:» ألم يكن هناك أمام الحكومة طريقة أخرى غير الزيادة في المحروقات؟»، مطالبا بنكيران وحكومته بالإسراع بإصلاح صندوق المقاصة. بدورها نزهة الصقلي، عن الفريق التقدمي، تقمصت الدور ذاته لكن بشكل أقل حدة، حينما عارضت رئيس الحكومة فيما ذهب إليه بشأن التأثير الضعيف للزيادة في ثمن المحروقات، معتبرة أن الواقع يؤكد غير ذلك، وأن المواطنين اكتووا بنار الزيادة في الخضر ووسائل النقل العمومي.