قالت المنظمة الدولية لحقوق الإنسان هيومن رايتس ووتش، الاثنين 24 يناير 2011، بمناسبة إصدار التقرير العالمي 2011 لحقوق الإنسان، إن المغرب قام بسجن أفراد انتقدوا الحكومة ومعارضين على خلفية تعبيرهم السلمي عن الرأي خلال عام 2010، رغم الصورة التي تتمتع بها الدولة المغربية بصفتها رائدة إقليميا في مجال حقوق الإنسان. وورد في الفصل الخاص بالمغرب/الصحراء الغربية في التقرير العالمي أن العديد من النشطاء الصحراويين المؤيدين للاستقلال والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين أمضوا فترات وراء القضبان عام 2010 جراء التعبير السلمي عن آرائهم. كما أدانت محاكم مغربية المدافعين عن حقوق الإنسان في محاكمات غير نزيهة، وأخفقت في ضمان حقهم في تقديم الأدلة وقبلت باعترافات انتُزعت إثر احتجازات غير قانونية أو تحت تأثير التعذيب. وصرحت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للمنظمة، قائلة: "المغرب يتمتع بمجتمع حقوقي ناشط وحي ويتمتع بحرية التعبير في جملة من القضايا، لكن عملية الإصلاح وبشكل عام تعطلت، خاصة ما يتعلق باستقلال القضاء". وأورد التقرير السنوي أنه تم القبض على أفراد بموجب قانون مكافحة الإرهاب بشكل متكرر، من قبل أعوان شرطة في ثياب مدنية لم يُعرّفوا بأنفسهم. وحسب التقرير فإن هؤلاء المعتقلين نُقلوا إلى مراكز احتجاز سرية، وتم استجوابهم بقسوة وأُجبروا على توقيع اعترافات كثيراً ما مُنعوا من قراءتها، مضيفا أنه فضلاً عن ذلك فقد أكدت محكمة الاستئناف الحُكم بالإدانة الصادر على جميع المدعى عليهم ال35 فيما يُعرف بقضية "بلعيرج" القائمة منذ عام 2008، ومنهم ستة شخصيات سياسية يبدو أن صلاتهم بالخلية الإرهابية المذكورة غير صحيحة ومثيرة للريبة، ويقضون حالياً الأحكام الصادرة بحقهم بالسجن عشرة أعوام. وجاء في التقرير حول الصحراء، أن التوترات تحولت حول المنطقة المتنازع عليها، إلى مواجهات، في 8 نونبر 2010، مشيرا إلى أنه عندما اقتحمت قوات الأمن المغربية مخيما احتجاجيا صحراويا شُيد على مشارف مدينة العيون قبل شهر من ذلك التاريخ، قام المتظاهرون بقتل عدد من أعوان الأمن غير المُسلحين في ذلك اليوم، أثناء تفكيكهم للمخيم، وأضاف أن الاضطرابات انتشرت في مدينة العيون، حيث أحرق المتظاهرون بنايات عامة واعتقلت قوات الأمن عدداً من المشتبهين. كما نبه التقرير ذاته أن قوات الأمن دخلت البيوت بالقوة وضربت عدداً من الصحراويين. وظل أكثر من 150 شخصاً رهن الاحتجاز في انتظار المحاكمة على دورهم المزعوم في المصادمات، و20 منهم يخضعون للمحاكمة أمام محكمة عسكرية. وسجلت هيومن رايتس ووتش في تقريريها أن عناصر الشرطة المشتبهين بالتعذيب أو إساءة معاملة المشتبهين في عهدتهم نادراً ما يُحقق معهم أو يُحاسبون، حتى عندما يشتكي المواطنون رسمياً أو يُسجل المدعى عليهم شكاوى في المحكمة. وبخصوص حرية الرأي والتعبير أشار تقرير المنظمة الدولية إلى تراجع حرية الصحافة خلال عام 2010، مسجلا رفض السلطات المغربية التصريح لعدة صحفيين بالعمل في منافذ إعلامية أجنبية، وتجميدها لمجريات عمل قناة الجزيرة في المغرب، بزعم أنها تضر ب"المصالح العليا" للمملكة. ولاحظت المنظمة الدولية أن المغرب فقد سنة 2010 ثلاثة من مطبوعاته المستقلة الأكثر جرأة: "الجريدة الأولى" والمجلة الأسبوعية "لوجورنال" الناطقة بالفرنسية و"نيشان"، جراء المضايقات المالية التي مرت بها المطبوعات المذكورة، وبسبب ضغوط سياسية أيضاً. ومن جهة أخرى، فأثناء عرض هيومن رايتس ووتش لتقريرها العالمي لعام 2011، ذكرت عدة أشخاص أمضوا فترات في السجون أثناء عام 2010 بسبب ما أسمته المنظمة تعبيرهم السلمي عن آرائهم. من بين الأسماء التي جاء ذكرها في التقرير اسم الحقوقي شكيب الخياري، رئيس جمعية حقوق الإنسان في الريف، الذي أمضى عاماً كاملاً في السجن، حيث سبق أن أيدت محكمة الاستئناف الحُكم الصادر في حقه بالسجن ثلاثة أعوام بسبب مخالفات صغيرة متعلقة بقانون العملة و"إهانة مؤسسات الدولة" وهو اتهام منبعه إدانته تخاذل مزعوم لبعض المسؤولين عن مكافحة الاتجار بالمخدرات في الناظور، حسب ما جاء في التقرير. وانتقدت سارة ليا ويتسن في تصريحها اعتقال شكيب الخياري قائلة: "يعرف الجميع المحرمات الثلاثة التي لا تشملها حرية التعبير في المغرب: الملك وسيادة المغرب على الصحراء الغربية والإسلام، لكن حبس الخياري جراء انتقاده لتعامل الدولة مع محاربة تجارة المخدرات غير القانوني يُثبت أن المذكور أعلاه ليست هي فقط الخطوط الحمراء القائمة ضد حرية التعبير في المغرب". كما أورد التقرير نفسه أسماء مجموعة التامك المكونة من كل من علي سالم تامك وإبراهيم دحان وأحمد الناصري، الذين أمضوا بدورهم عام 2010 رهن الاعتقال. وأشار التقرير إلى أنهم مثلوا أخيراً أمام المحكمة برفقة أربعة صحراويين آخرين في أكتوبر، بعد عام من الاعتقال الاحتياطي. مضيفا أن الجرائم الوحيدة المنسوبة إليهم تتمثل على ما يبدو في أنهم قابلوا في الجزائر علناً قيادة جبهة البوليساريو، وأوضح التقرير ان محاكمتهم بتهمة "الإضرار بالأمن الداخلي المغربي" تأجلت مراراً لكن متوقع صدور الحُكم في حقهم خلال أيام. كما جاء في نفس التقرير ذكر اسم مصطفى سلمى مولود، الصحراوي الذي قامت جبهة البوليساريو بحبسه في القطاع الذي تسيطر عليه من الصحراء، بعد أن أعلن على الملأ مساندته للاقتراح المغربي بالحكم الذاتي للصحراء الغربية تحت السيادة المغربية. أفرجت عنه البوليساريو، لكن فقط بعد حبسه لمدة أسابيع بتهمة "الخيانة" و"التجسس". واعتبرت سارة ليا ويتسن: "حبس البوليساريو لسلمى يُظهر أنها مثل الحكومة المغربية، تطبق خطوطاً حمراء على ما يمكن للمرء قوله حول المستقبل السياسي للصحراء الغربية". التقرير العالمي لمنظمة هيومن رايتس ووتش جاء في 649 صفحة، وهو التقرير السنوي رقم 21 المسجلة فيه ممارسات حقوق الإنسان من شتى أنحاء العالم، يُلخص قضايا حقوق الإنسان الكبرى في أكثر من 90 دولة في شتى أنحاء العالم، منها 16 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.