تعج البطولة الوطنية لكرة القدم بقسميها الأول والثاني، بعشرات اللاعبين الأجانب من جنوب الصحراء على وجه الخصوص، خلال المواسم الأخيرة، حتى باتت جميع الأندية الوطنية تضمهم في صفوفها، رغم أن الكثير منهم لا يقدمون الإضافة المرجوة ولا يختلف مستواهم كثيرا عن اللاعب المغربي، إذ يعتبر الكثير من الملاحظين أن “تأثيث” اللائحة بأسماء أجنبية في بعض الفرق الوطنية “موضة” لا غير لسد الكوطة التي شرعتها الجامعة الملكية المغربية في قضية عدد الأجانب المسموح التعاقد مهم، إذ تعد دوريات الكونغو الديموقراطية وكوت ديفوار ومالي أهم مصدر للاعبين إلى البطولة الوطنية. فيتا الفريق 17 في البطولة ويعتبر فيتا كولوب هذا الموسم أكثر نادي أجنبي مد الفرق المغربية بلاعبيه كما أن هذا المد الأنغولي صاحبه الكثير من الجدل الصيف الماضي، حيث تفجرت قضية “هروب” أربعة لاعبين ينتمون إلى نادي فيتا إلى المغرب، بطريقة “غير شرعية”، سيما مع صدور بلاغ عن النادي أعلن فيه أن اللاعبين المذكورين “فرُّوا” إلى المغرب بغية التعاقد مع أندية وطنية، في الوقت الذي لازال فيه هؤلاء اللاعبون مرتبطون بعقود مع النادي” وكان الأمر يتعلق بكل من نيلسون مونغانغا ويانيك بانغالا ثم بادو بومبونغا وفرانسيس كازادي. الصحف الكونغولية، شنت هجوما على الأندية الوطنية، واتهمتها ب”سرقة” اللاعبين والقفز فوق القوانين الدولية التي تنظم الانتقالات بين دوريات القارة وطالبت الاتحاد الكونغولي لكرة القدم، بالتحرك واسترجاع حقوق الأندية مما اعتبرته “استغلالا” للوضعية المالية للدوري الكنغولي ولطموح اللاعبين في تحسين وضعهم الاجتماعي والمهني والبحث عن أفاق أرحب، خاصة أن المغرب بات محطة عبور نحو دوريات أخرى سواء في الخليج أو أوربا أو حتى في الدوري المصري والتونسي. وطالب فلوران إيبينغي مدرب فريق فيتا كلوب الكونغولي، على هامش الندوة الصحافية الخاصة بالمباراة التي جمعت فريقه بالرجاء الرياضي لحساب الدور الأخير من دور مجموعات مسابقة دوري أبطال افريقيا، الأندية المغربية بالدخول في مفاوضات مع نظيرتها الكونغولية، قبل انتداب أي لاعب من الدوري الكونغولي، مشددا أن على الأندية المغربية احترام الاندية في بلده، و مفاوضتها مباشرة في حال أرادت التعاقد مع أي لاعب كما هو الحال بالنسبة للرجاء الذي فاوض مسؤولي فيتا كلوب من أجل التعاقد مع اللاعب نغوما و مر كل شيء بخير، وزاد :”لكن بالمقابل تم انتقال مجموعة من اللاعبين دون العودة إلى أنديتهم، و هناك مجموعة من الأمثلة كموكوكو الذي انتقل لاتحاد طنجة، ومونغانغا إلى مولودية وجدة، و كازادي الذي رحل إلى شباب المحمدية”. واعتبر التقني الانغولي أن الأندية التي تسعى لتعزيز صفوفها دون الرجوع للأندية الأنغولية تسيء أولا إلى سمعة الكرة المغربية خاصة أن الجامعة الملكية للكرة تقوم بعمل كبير لتطوير اللعبة على المستوى المغربي والإفريقي. قوانين وشروط وجدل ساهمت القوانين التي سنتها الجامعة في فتح الباب أمام الوافدين من جنوب الصحراء نحو البطولة الوطنية، بعدما تم رفع الكوطة، حيث سمحت بانتداب سبعة لاعبين لكل فريق، على أن يتم تسجيل 4 لاعبين في الفريق الأول ويمكن إشراكهم دفعة واحدة على أرضية الملعب، ولاعب واحد بفئة الأمل أقل من 21 سنة ولاعبان بفئة الشباب. كما قيدت انتدابهم بقوانين وشروط محددة، فالنسبة للوافدين من البطولات الكبرى لدول أوروبا، ودول أمريكاالجنوبية، اشترطت التوفر على عقد احترافي لمدة ست سنوات، مع نادي يشارك في هذه البطولات الاحترافية، أو المشاركة خلال السنتين الأخيرتين على الأقل في 10 مباريات من البطولة الاحترافية لهذه الدول. أما بالنسبة لباقي اللاعبين الأجانب، فيتم التشديد على ضرورة المشاركة خلال السنوات الثلاث الأخيرة على الأقل، في 10 مباريات رسمية أو إعدادية مع منتخباتهم الوطنية، وكأس إفريقيا للأمم، وكأس العالم، وكأس إفريقيا للاعبين المحليين والألعاب الأولمبية. أما بخصوص الفئات أقل من 17 و20 و23 سنة، فيجب أن يكون اللاعبون شاركوا خلال الثلاث السنوات الأخيرة على الأقل في خمس مباريات رسمية مع منتخباتهم الوطنية الصغرى، والمشاركة في إقصائيات كأس إفريقيا للألعاب الأولمبية، وكأس العالم، في الوقت الذي لا يخضع فيه الأجانب المقيمون بصفة قانونية بالمغرب، والذين يمارسون بمختلف البطولات الوطنية، لشرط إثبات المشاركة رفقة منتخباتهم الأم، أو المنافسات الاحترافية. وحاولت بعض الأندية الضغط على الجامعة من اجل رفع الاستثناء عن جلب حراس مرمى أجانب، الذي سنه المكتب الجامعي في عهد الجنرال حسني بنسليمان، الذي فرضته أزمة حراسة المرمى التي عاشها المغرب لسنوات طويلة، كما اقترحت إسقاط شرط عشرة مباريات دولية، بعد الضجة التي احدثها اعتراض نهضة الزمامرة على لاعب الرجاء مالانغو، حيث رفض المكتب المديري للجامعة الملكية إمكانية جلب حراس مرمى أجانب إلى البطولات الوطنية، إثر مشاوراته مع الأطر التقنية والمدربين المغاربة وتقرر الإبقاء على أربعة لاعبين أجانب في البطولة الوطنية الاحترافية القسم الأول بشروط جديدة، لاعبان يتوفران على 10 مباريات مع المنتخب الأول أو منتخب اللاعبين المحليين وآخران يتوفران على 10 مباريات دولية لمنتخب أقل من 23 سنة، فيما تقرر بالنسبة لأندية البطولة الوطنية الاحترافية القسم الثاني الاحتفاظ بثلاثة لاعبين أجانب على أن يكون لاعب واحد مشارك مع منتخب بلاده 10 مباريات على الأقل مع المنتخب الأول أو منتخب اللاعبين المحليين ولاعبان شاركا على الأقل في 10 مباريات ضمن فئة أقل من 23 سنة. وقررت الجامعة، مراسلة الاتحاد الدولي للعبة “فيفا” للتأكد من توفر الشروط المذكورة في كل أجانب البطولة الوطنية، سيما في النقطة التي تهم المباريات الدولية، لسد الباب أمام كثرة الاحتجاجات والتشكيك في هذا المعطى، في ظل انتشار أخبار حول القيام “بتزوير” المعطيات في هذا الصدد والتحايل على القوانين لضم لاعبين لا يستوفون الشروط المطلوبة. محطة عبور يثير موضوع وجود اللاعبين الأجانب داخل كل فريق مغربي إشكالية مردوديتهم، خاصة وأن جل اللاعبين الأجانب غالبا ما يتم تسريحهم بعد موسم واحد، كما أن أغلبهم مغمورون في بلدانهم، وبالتالي يبقى البحث عن التوهج لجلب انظار وكلاء اندية اوروبا والخليج اكبر عامل ساهم في تحول المغرب قبلة للاعبين الاجانب، دون الأخذ بعين الاعتبار القيمة المضافة التي سيضيفونها للبطولة المغربية، فمعظم اللاعبين الأجانب محدودي العطاء، ولم يعطوا نقلة نوعية للبطولة وذلك لعدة اعتبارات أهمها ضعف قيمة الصفقة، والمشاكل الأمنية التي تعاني منها بعض البلدان الافريقية وبحث اللاعبين عن الأمن والاستقرار وهو ما يوفره المغرب، كما أن جل اللاعبين الأفارقة، يجعلون من الدوري المغربي قنطرة عبور نحو أوروبا وباقي الدوريات العالمية. ولا غرابة أن الكثير منهم يسكنون في دكة الاحتياط، كما أن أهم سبب يدفع الأندية المغربية نحو التعاقد مع لاعبين أجانب، هو عدم وجود عمل قاعدي في الفئات الصغرى لدى الأندية الوطنية، فضلا عن غياب الإمكانيات المالية لجلب أفضل اللاعبين المحترفين، فجل الفرق المغربية تستقطب لاعبين مغمورين، فتتاح لهم فرصة صقل مواهبهم وتطورها، على امل الاستثمار فيه وبيعه بثامنة كبيرة لدوريات خليجية، فينتفع اللاعب والنادي معا.