بعد الإجهاز على مجانية الخدمات الصحية ورفع تكاليف التعليم و التنازل عن المؤسسات الوطنية الأكثر إنتاجية إلي الخواص، السيد بنكيران رئيس الحكومة المغربية الحالي يريد إلغاء صندوق المقاصة وتوجيه الدعم مباشرة إلي "الأسر الفقيرة" فماهو حجم الفقر بالمغرب: إذا كانت %11 من السكان النشيطين في حالة عطاله و اكثر من %62 منهم تمتد عاطلتهم لأكثر من سنة ومعدل %18 من المواطنين يعانون من الفقر والهشاشة ( هذه إحصاءات رسمية ). إذا كانت أغلبية المغاربة يعملون بالحد الأدنى للأجور 1800 درهم بالمدار الحضري و وحوالي نصف المبلغ بالمجال القروي مع العلم أن الأجرة يستهلك منها حوالي الثلث في واجبات الكراء وفاتورتي الكهرباء والماء، في المدن الكبرى التكاليف تتجاوز النصف من "الأجرة الشهرية" (مثلا في مدينتي الحالية طنجة حيث تعد شركة" امانديس" العدو الأول لجيوب المواطنين يليه السكن). إذا كان اغلب المتقاعدين و الأرامل المستفيدين من معاشات التقاعد يتقاضون في الأغلب اقل من 1000 درهم في الشهر. أيها السادة لا نحتاج لأي اجتهاد لنلمس الحجم الحقيقي للفقر بالمغرب الذي لا يصيب منعدمي الدخل بل يتجاوزهم إلى العمال بالأجرة و الفلاحين و العمال الموسميين و صغار الموظفين وغيرهم، ورغم كل هذا يقرر رئيس الحكومة إلغاء صندوق المقاصة لتصبح قنينة غاز بمبلغ 100 درهم وليرتفع سعر المواد الأساسية المدعمة مثل السكر و الزيت ... ناهيك عن ارتفاع أسعار كافة المواد الأساسية و الخدماتية باعتبار أن المحروقات يطالها أيضا الدعم المباشر من صندوق المقاصة. فما هو بديل الحكومة؟ إنه الدعم المباشر للأسر الفقير!!! أهلا أهلا !! فمن هو الفقير؟ أليس كل من حارس السيارات (كابوس الوزراء المغاربة حسب رئيس الحكومة) عاملة النظافة،موظفي الجماعات المحلية،"مول الديطاي"،ماسح الأحذية،بائع الخضر بالتقسيط،مساعد النجار و الخراز، المعطلون عن العمل،كافة العمال الموسميين، أغلب المتقاعدين و الأرامل .... -أليسوا جميعا- فقراء معدمين ارتباطا بتكلفة المعيشة المرتفعة حاليا الباهضة ابتداءا من اليوم الأول لاختفاء الدعم الحكومي للمواد الأساسية. إن الحكومة الحالية لا تنفصل من حيث الجوهر عن كل الحكومات السابقة في تاريخ المغرب، فهي خادمة أسيادها المخزنيين،تصر على تفقير الشعب وتغمض عينها عن تراكم الثروات لدى قلة قليلة من المغاربة، وتقترح لحل أزمات البلد التي هم مسببوها بوضع الفقراء تحت مقصلة جحيم الحياة التي لم نعد من اليوم أيها السادة "المتكرشون" بعرقنا الطاهر قابلون بها. إن أي حكومة تريد مصلحة الوطن عليها أن تزيل اقتصاد الريع، عليها أن تحارب الفساد المستشري في ألإدارات العمومية، عليها أن تمنحنا سلطة قضائية حقيقية وأن تكف عن الزج بالصحافيين في السجون، عليها أن تضع حدا لنزيف هدر الأموال العمومية وأن تعيد توزيع الثروة بوقف كل أشكال النفوذ و التسلط للبعض بدون أن تمسهم أيادي القانون، هذه الإجراءات هي حد أدنى مطلوب حاليا لتأسيس مناخ من الثقة بين المغاربة كي يندفعوا إلي إنتاج الثروة ثم الثروة ثم الثروة التي هي أساس الرقي بوطننا و ضمان حياة كريمة للمواطنين، عوض انتظار الاستثمارات الأجنبية الزائفة أو التعويل على بورجوازية مخزنية يعود أصل تأسيسها إلي الاستعمار فهي لا تسطيع العيش بدون التدخل الدائم للسلطة لدعمها عبر كل أشكال اقتصاد الريع و القرارات السياسية و الاقتصادية المتحيزة لهم. وختاما ما أبلغ كلمات الشاعر محمود درويش عندما يقول: « سجِّل.. برأسِ الصفحةِ الأولى أنا لا أكرهُ الناسَ ولا أسطو على أحدٍ ولكنّي.. إذا ما جعتُ آكلُ لحمَ مغتصبي حذارِ.. حذارِ.. من جوعي ومن غضبي !! »