أجل القضاء الجزائري إلى الأربعاء المقبل محاكمة غير مسبوقة في ملفات فساد تخص رئيسي حكومتين وعدة وزراء سابقين ورجال أعمال من رموز نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة يتواجدون حاليا في السجن على ذمة القضية. وقررت محكمة سيدي امحمد وسط العاصمة الجزائرية، الإثنين، تأجيل المحاكمة إلى 4 دجنبر بعد انسحاب هيئة الدفاع عن المتهمين بدعوى عدم توفر الظروف المناسبة لانطلاقها.
وشهدت محكمة سيدي امحمد وسط العاصمة توافد عشرات المواطنين لحضور المحاكمة وسط تعزيزات أمنية مشددة عند كافة مداخل الطرق المؤدية إليها. كما تم نصب شاشات كبيرة داخل وخارج قاعة الجلسات لتمكين الجميع من متابعة المحاكمة. وقبل انطلاق المحاكمة، قدم محامو الدفاع طلبا للمحكمة لتأجيل المحاكمة؛ “نظرا لعدم توفر شروط إجرائها في ظروف عادية”؛ حيث لا تتوفر المحكمة على قاعة كبيرة لاستيعاب عدد كبير من المواطنين ورجال الإعلام الذين احتجوا على ظروف العمل. وقال نجيب بيطام، أحد محاميي الدفاع، للصحفيين، قبل بداية المحاكمة، إن الدفاع سيطلب تأجيل المحاكمة لعدم توفر الظروف المناسبة لإجرائها، كما صرح محامون مثل عبد المجيد سيليني لوسائل إعلام محلية سابقا بأن برمجة قضية بهذا الحجم بسرعة عقد مهمة الدفاع في العمل عليها. لكن صرح وزير العدل بلقاسم زغماتي صرح، الأحد، بأن كل الظروف متوفرة لإجراء محاكمة في ظروف جيدة، وأن القانون ينص على محاكمة الوزراء في محكمة خاصة، لكنها لم تُشكل في العهد السابق لأسباب مجهولة، وبالتالي سيحاكمون في محكمة عادية. ومتهم في القضية عدة رجال أعمال فتحوا مصانع لتجميع السيارات من عدة علامات دولية وكلهم في السجن منذ أشهر. ومن المتهمين في القضية أيضا رئيسا الوزراء السابقين عبد المالك سلال وأحمد أويحي إلى جانب وزراء صناعة سابقين هم يوسف يوسفي وبدة محجوب وعبد السلام بوشوارب (متواجد بالخارج) ووزير النقل السابق عبد الغني زعلان ويمينة زرهوني والية سابقة. ويتابع هؤلاء بتهم “إساءة استغلال الوظيفة” و”الثراء غير المشروع” و”تبديد المال العام”، و”منح امتيازات غير مستحقة” و”الرشوة وتبييض الأموال”. كما يقول مسؤولون إن مصانع تجميع السيارات تلك كانت طريقة لتهريب العملة الأجنبية نحو الخارج. وبعد الإطاحة بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في أبريل الماضي على يد انتفاضة شعبية دعمها الجيش، تم سجن العشرات من رجال الأعمال وكبار المسؤولين في عهده، بينهم رئيسا الوزراء السابقين أويحي وسلال. وجاء هذا السجن المؤقت بعد فتح القضاء في مارس الماضي تحقيقات في قضايا فساد خلال المرحلة الماضية، بينها ملف مصانع تجميع السيارات. وتعد هذه المحاكمة الثانية التي طالت رموز نظام الرئيس السابق؛ حيث قضت محكمة البليدة العسكرية جنوب العاصمة نهاية سبتمبر بالسجن 15 عاما بحق سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق (عبد العزيز بوتفليقة)، وقائدي المخابرات السابقين محمد مدين المدعو توفيق) وعثمان طرطاق، إلى جانب لويزة حنون الأمينة العامة ل”حزب العمال” (يسار) بتهمة “التآمر على الجيش والدولة”. وتجري هذه المحاكمة قبل أيام من انتخابات الرئاسة المقررة في 12 دجنبر الجاري، والتي يتنافس فيها خمسة مترشحين، وخلفت انقساما في الشارع بين مؤيد لها يراها “حتمية” للخروج من الأزمة ورافضين يرون أن الظروف غير مناسبة لإجرائها.