إحتفل الشعب المغربي الأربعاء 6 نونبر بعيد المسيرة الخضراء وهي مناسبة لاستحضار الدلالات التاريخية لهذا الحدث التاريخي الذي حسم الوحدة الترابية للمملكة. في سنة منتصف السبعينات دعا الحسن الثاني الى المسيرة الخضراء مستندا الى أفراد الشعب البسطاء الذين لبوا الدعوة بكل تلقائية وعفوية. لقد وعى الملك الراحل الحسن الثاني أن الإنحياز الى الشعب هو الوسيلة الأنجع لاسترجاع الأراضي المستعمرة وهو الخارج لتوه من حالة استثناء وما تلاها من انقلابين عسكريين فاشلين وصعود مد اليسار الجديد في البلاد الذي يطالب جهرا بتغيير نظام الحكم. وجزء منه، حركو الى الأمام، أعلن صراحة لا مغربية الصحراء مما أدى الى اصطدامات بين قوى اليسار الجديد نفسه وبين أجهزة أمن النظام. لكن الحسن الثاني استطاع كسب عطف القوى الوطنية خصوصا أحزاب الإستقلال والإتحاد الإشتراكي وحزب التقدم والإشتراكية وأطلق المسلسل الديمقراطي تحت شعار "المغرب الجديد"، وانطلق مسلسل ديمقراطية "حسنية شكلية" مبنية على تزوير الانتخابات وصناعة الخرائط السياسية واعتماد اقتصاد الريع وتنصيب حكومات موالية لدار المخزن، واستمر هذا الوضع لعقدين قبل أن تصل الديمقراطية"المخدومة" الى نهايتها حيث أعلن عن قرب السكتة القلبية في منتصف التسعينات. واعترف الحسن الثاني أن نموذجه التنموي فشل وأن من منحهم ثقته من خدام الدولة خذلوه ودفعوا بالبلاد الى الحائط. مناسبة هذا الكلام أن المسيرة الخضراء لم تكن معزولة عن سياقها السياسي الوطني والدولي لكونها شكلت اللبنة التي استعاد فيها الحكم أنفاسه وأسباب وجوده. وانحاز الى صوت الشعب، وبذلك رمم شرعيته التي تضررت بفعل قمع السلطة الحاكمة لكل معارض للسلطة باستعمال كل وسائل الوعد والوعيد والقمع وتوزيع الامتيازات على النخبة الموالية للسلطة وأعيان المجتمعات المحلية. وكانت الوحدة الترابية مشجبا لتأجيل الإصلاحات الديمقراطية التي يحتاجها المغرب في عهد الحسن الثاني. لكن في عهد محمد السادس قل هذا التوجه نسبيا. ودخل المغرب في سلسلة من الإصلاحات الديمقراطية تجاوبا مع حراك عشرين فبراير، ومطالب الشعب في التنمية وحقوق الإنسان. ولم يمس ذلك من قوة موقف المغرب حول وحدته الترابية في المحافل الدولية. فالمسيرة الخضراء درس ديمقراطي لا بد من استوعاب أبعاده المختلفة لكون الإنحياز الى الشعب والإستماع الى نبض الشارع يمكننان السلطة، أية سلطة، من إنجاح مشاريعها التنموية والديمقراطية. ونتمنى أن يكون النقاش العمومي حول النموذج التنموي الجديد في المغرب مناسبة لتجاوب السلطة في المغرب،سلميا، مع تطلعات الشعب الى الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان بدون تصرف. كما تجاوبت في منتصف السبعينات مع تطلعات الشعب المغربي وقواه الحية في الوحدة الوطنية والترابية من خلال تنظيم المسيرة الخضراء التي أبهرت العالم.