قال التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي إن التعليم في المغرب أصبح من العوامل المؤدية إلى تفاقم الفوارق الاجتماعية في المغرب. وأوضح التقرير أن مخطط تعميم التعليم الأولي أطلق في غياب أي رؤية حول تكوين المربين والمربيات.
وأشار التقرير أنه من بين 27 ألف مربي في مجال التعليم الأولي، هناك 24 ألف منهم يعملون في التعليم الأولي التقليدي، الشيء الذي يقتضي إصلاحا جذريا للمنهجيات التربوية المعتمدة، والمقاربات التي ينتهجها المربون والمرتكزة عموما على التقويم والتصحيح. وأبرز التقرير أن وزارة التعليم لم توضح الآلية الخاصة بتكوين المربين والمربيات المختصين في التعليم الأولي ولا مدته ومضامينه، كما لم تحدد شروط الولوج إلى هذه المهنة. وأكد التقرير أن القدرة الاستيعابية لمراكز التكوين في المهن التربوية تبقى محدودة مقارنة بحجم الطموح في التعليم الأولي بحلول سنة 2021، كما أن تدبيرها يواجه مشكلة تعدد المتدخلين، مما يتسبب في الغالب في العديد من أوجه القصور على المديين المتوسط والطويل. وشدد التقرير على أن الجانب المتعلق بغياب رؤية واضحة وواقعية، هو سمة بنيوية تميز قطاع التربية والتعليم. وأوضح التقرير أن تكوين الأساتذة هو الحلقة الأضعف في مسلسل إصلاح قطاع التربية والتعليم. وانتقد التقرير اللجوء بشكل متسرع إلى توظيف 55 ألف أستاذ في السنوات الثلاث الأخيرة لسد الخصاص الحاصل بسبب إحالة العديد من المدرسين على التقاعد. وأكد التقرير أن توظيف الأساتذة وإدماجهم في الفصول الدراسية دون تمكينهم من تكوين رصين يشكل خطرا كبيرا محذقا بالمدرسة العمومية وبتلاميذها وبإنجاح عملية إصلاح القطاع ككل. وأضاف أن فترة التكوين التي تستغرق 3 أشهر في المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، لا تسمح للمدرسين الجدد باكتساب الكفايات التربوية والتعليمية اللازمة والإحاطة بمضامين الدروس، وتملك القدرة على إدارة الفصول الدراسية المكتظة في بعض الأحيان. وأكد التقرير أن تكوين هيئة التدريس هي الحلقة الأضعف في مختلف عمليات الإصلاح التي شهدها القطاع. وبالنسبة لبرنامج “مليون محفظة”، أشار التقرير أن الموسم الدراسي 2018/2019 سجل تأخرا في توزيع اللوازم الدراسية على المستفيدين البالغ عددهم 4.3 مليون مستفيد. ودعا التقرير إلى إعادة النظر في نظام إعارة الكتب المدرسية، لكون هذه الأخيرة قد تكون في حالة مهترئة عند إعادة تسليمها للتلاميذ، مما قد يؤثر سلبا على قدرتهم على التعلم. وشدد التقرير على أن الوسط القروي يعاني من أوجه قصور بنيوية في مجال التعليم، تشمل البنيات التعليمية وهيئات التدريس على حد السواء. وبحسب التقرير، فقد وصلت نسبة التمدرس في السلك الثانوي الإعدادي 74.9 في المائة في الوسط الحضري، مقابل 36.8 في المائة في الوسط القروي فقط، كما أن 32 في المائة فقط من المدارس في العالم القروي تتوفر على مراحيض ملائمة وعملية وسهلة الولوج وعلى الإنارة، في مقابل 77 في المائة من المدارس العمومية بالوسط الحضري. وفيما يتعلق بتحصيل التلاميذ، فإن من يتابعون دراستهم بالمدارس العمومية بالوسط القروي يحصلون على نتائج أقل من نظرائهم في المدارس العمومية في الوسط الحضري وفي المدارس الخاصة. وبخصوص زمن التدريس، فإن معدل غياب الأساتذة في المدارس العمومية بالقرى يبلغ 5.2 في المائة، مقابل 3.2 في المائة بالمدارس العمومية بالمناطق الحضرية، و1.7 في التعليم الخاص. وأشار التقرير أن ضعف التنسيق بين السياسات الاقتصادية القطاعية يضر بجودة العرض المقدم في إطار التكوين المهني. وقال التقرير إن منظومة التكوين المهني التي كان من المفروض أن تمتص جزءا من المنقطعين عن الدراسة، لكنها ظلت لفترة طويلة لا تملك أي رؤية تكفل لهذا القطاع الاضطلاع بدوره كميسر لإعادة الإدماج الاجتماعي والمهني. وأكد التقرير أن الاستراتيجية الوطنية للتكوين المهني تواجه مصاعب عدة في تنزيل التدابير الرامية إلى إنجاح هذا الورش وتحقيق نتائج تتجاوز مجرد الرفع من أعداد المسجلين في أسلاك التكوين المهني. ودعا تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى إعادة النظر في استراتيجية توظيف وتكوين الأساتذة بالمغرب، والقطع مع الطريقة المعتمدة في هذا المضمار منذ ثلاث سنوات. وأبرز التقرير أن اللجوء إلى التوظيف “بالعقدة” يعكس عدم قدرة السلطات العمومية على اعتماد تدبير توقعي للموارد البشرية العاملة بالقطاع، يأخذ بعين الاعتبار التوقعات المتعلقة بالأعداد المرتقبة للأساتذة المحالين على التقاعد، وتطور عدد التلاميذ الممدرسين، ومستلزمات التصدي للاكتظاظ في الأقسام الدراسية. وعبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عن خشيته في أن يؤدي التعاقد على المدى المتوسط والطويل إلى التأثير سلبا على منظومة التربية والتكوين بسبب تدني مستوى الأساتذة الذين التحقوا بالأقسام دون تكوين ملائم، وأن يؤدي بالتالي إلى تراجع مستوى التلاميذ. وأكد التقرير أن مسألة توظيف الأساتذة المتعاقدين بدون تكوين ملائم هو أحد المشاكل التي أضرت بقطاع التربية الوطنية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، الشيء الذي يعكس بجلاء أزمة الحكامة التي يعيش على إيقاعها القطاع. وأشار التقرير أنه كان من الأولى جعل مسألة تكوين الأساتذة قضية مركزية، على اعتبار أن التعبئة والانخراط القويين للأساتذة شرطان لا محيد عنهما من أجل تحسين تنفيذ هذا الإصلاح، غير أن ما وقع على الأرض بحسب التقرير، هو أن الأساتذة الجدد لم يمنحوا الوقت الكافي من أجل التأقلم مع التقنيات البيداغوجية والتعليمية الجاري بها العمل، مما قد يؤثر على قدرتهم على الإحاطة بالقدر الكافي برهانات الإصلاحي.