رصد تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، غياب شروط مزاولة التدريس الناجع في المناطق النائية والصعبة، موضحا أن ذلك من ضمن العوامل التي ساهمت بشكل كبير في تدني الصورة القيمية والمكانة الاعتبارية للفاعل التربوي لدى المجتمع، وفي شيوع تمثلات وأحكام تضعف الثقة في المدرسة والهيئات المهنية العاملة بها. وسجل تقرير المجلس حول "الارتقاء بمهن التربية والتكوين"، وجود صعوبة ومشقة بالنسبة للعاملين بالتعليم المدرسي في المناطق القروية والنائية والمعزولة والهامشية، داعيا إلى جعل المؤسسة التربوية فضاء خدماتيا بالنسبة للمحيط القريب، خاصة بالنسبة للمؤسسات في المناطق القروية وشبه حضرية، على المستوى الثقافي والرياضي، والعمل على انفتاح أنشطتها الداعمة تعليميا وتربويا وثقافيا وبيئيا على الساكنة، والاستفادة من خبراتها. تعويضات للعاملين بالمناطق النائية واقترح تقرير المجلس حول "مهن التربية والتكوين"، إيلاء عناية خاصة بالفاعلين العاملين بسلكي التعليم الإلزامي العاملون في المناطق ذات الظروف الصعبة والنائية، عن طريق (تعويضات مادية، السكن، التنقل وباقي الخدمات الاجتماعية، تجهيز البنيات والفضاءات…). ودعا إلى الاهتمام الخاص بوضعية المؤسسات التربوية بالقرى والمناطق الصعبة، والنظر في تطوير نظام التدريس بها، مع إيلاء عناية متزايدة للتأطير التربوي والمساعدة البيداغوجية في هذه المناطق، مشددا على ضرورة إنجاز دراسة، تشمل هذه المناطق، لتحديد الصعوبات والحاجيات والأولويات. وطالب المجلس بالاهتمام بالمدرسيين بالمناطق النائية، بعد ملاحظته أن المجال القروي يستقطب أكبر عدد من هيئات المدرسين والمدرسات بالتعليم العمومي، خصوصا المدرسين بالتعليم الابتدائي بما يناهز 64 بالمائة من مجموع العاملين بهذا السلك، في حين سجل التقرير أن أعداد المدرسين في التعليم الثانوي بسلكيه والعاملة بالوسط القروي تشكل حوالي 28 في المائة. ولاحظ التقرير وجود تطور ملحوظ في أعداد أساتذة الوسط القروي بلغت نسبته 5 في المائة بين موسمي 2009-2010 و2016-2017، موضحا أن ذلك بمثابة تطور يظهر المجهودات المبذولة لتغطية الخصاص وتوسيع التمدرس في العالم القروي، مستنتجا أنه في نفس الوقت، يلاحظ تراجع في أعداد المدرسين العاملين في الوسط الحضري بنسبة تقارب 12 بالمائة خلال نفس الفترة. منح تمييز إيجابي للأطفال القرويين وأكد تقرير مجلس "عزمان" أنه بخصوص التوزيع المجالي للمربين، يلاحظ أن المجال القروي لا يستقطب سوى 36 في المائة من المربين مقارنة بالمجال الحضري، موضحا أن ذلك بمثابة واقع لا يواكب تطلعات المنظومة التربوية في ترسيخ مبدأ الإنصاف، ومنح تمييز إيجابي لأطفال المجال القروي، مضيفا أنه على مستوى مقاربة النوع، اكتشف أن المربيات يشكلن الغالبية العظمى للعاملين بهذا القطاع بنسبة تبلغ 72 بالمائة. وأكد التقرير أن الإنصاف وضمان الحق في التربية والجودة للجميع، يقضي التلاؤم مع الوضعيات الاجتماعية والنفسية المختلفة للمتعلمين، والعناية المستمرة بالفئات ذات الاحتياجات الخاصة أو الهشة أو الحاملة للهشاشة كالأطفال في وضعية إعاقة، وأطفال المجال القروي والمناطق النائية وصعبة الولوج والوسط شبه الحضري، والأطفال المهددون بالعودة إلى اللاتمدرس. وأوضح التقرير أن من تلك الوضعيات الاجتماعية أطفال الرحل، والأحداث الجانحون الذين يتلقون تربية وتعليم خاصين في مراكز مختصة تحت الرعاية القضائية والاجتماعية، وأطفال الجاليات المغربية التي استقرت في الوطن، وشرائح من الأطفال في وضعيات صعبة جدا مثل أطفال الطلاق، بالإضافة إلى الأطفال متخلى عنهم، وأطفال الشوارع، وأيتام شديدو العوز، وأطفال في وضعيات العمل، وأطفال في وضعية هجرة شرعية أو غير شرعية.