قضت محكمة تونس الابتدائية الخميس بتغريم نبيل القروي مدير تلفزيون "نسمة" التونسي 2400 دينار (1200 يورو) لعرض قناته في 7 أكتوبر 2011 فيلم الرسوم المتحركة الايراني الفرنسي "بيرسيبوليس"الذي اعتبرت انه تضمن "تجسيدا للذات الإلهية". وأدين القروي بتهمة "عرض شريط اجنبي على العموم من شأنه تعكير صفو النظام العام والنيل من الاخلاق الحميدة" حسب نص الحكم. وقضت المحكمة بتغريم هادي بوغنيم المسؤول عن البرمجة في تلفزيون "نسمة" ونادية جمال رئيسة جمعية "صوت وصورة المرأة" (غير حكومية) التي دبلجت الفيلم الى اللهجة التونسية 1200 دينار (600 يورو) لكل واحد منهما. واعتبرت المحكمة بوغنيم و جمال شريكين للقروي في "الجريمة". وقضت المحكمة ببطلان اجراءات تتبع المتهمين الثلاثة في جريمة "تعمد النيل من الشعائر الدينية". ولم يكن نبيل القروي حاضرا ساعة النطق بالحكم. وقال القروي لفرانس برس عبر الهاتف "أشعر بحزن عميق لصدور مثل هذا الحكم في اليوم العالمي لحرية الصحافة وأنا منشغل كثيرا لما آل إليه وضع الحريات في تونس" وأبلغ عبادة الكافي، محامي القروي، فرانس برس أن موكله سيطعن في الحكم بالاستئناف. وطالب محامو القروي بعدم قبول الدعوى في هذه القضية لأن فيلم "برسيبوليس" حاصل على ترخيص عرض من وزارة الثقافة وتم عرضه في قاعات سينما تونسية. في المقابل أعلن المحامي رفيق الغاق الذي أقام الدعوى القضائية ضد القروي مع عشرات من المحامين الآخرين, "سننظر في إمكانية استئناف القضية من جديد" ضد القروي. وقال رفيق الغاق لفرانس برس "نحترم القضاء لكن العقوبة في مثل هذه القضايا هي السجن بين 3 و6 أشهر نافذة". وأمام قاعة المحكمة التي أحيطت بتعزيزات أمنية، طالب محتجون بتشديد الحكم. وتساءل رجل غاضب "هل ثمن الاستهزاء بالذات الالاهية 2400 دينار (...) لا للاستهزاء بمقدسات الشعب". وصرخت سيدة محجبة "يستهزئون بالله ثم يتحدثون عن حرية التعبير". وقال غوردن غراي السفير الأميركي بتونس "أشعر بقلق بالغ وخيبة أمل عقب ادانة بث قناة نسمة لفيلم صور متحركة سبق الموافقة على توزيعه من قبل الحكومة التونسية". واعتبر أن إدانة القناة بسبب بث هذا الفيلم "تطرح مخاوف جدية حول التسامح وحرية التعبير في تونسالجديدة". وأضاف أن لنبيل القروي "الحق في استئناف الحكم ونأمل أن تجد هذه القضية طريقها الى الحل بطريقة تضمن حرية التعبير وهو حق من حقوق الأنسان الأساسية لم يتمتع به التونسيون في عهد (الرئيس المخلوع) زين العابدين بن علي". ويروي فيلم "برسيبوليس" الذي أخرجته الفرنسية من أصل إيراني مرجان ساترابي طفولة فتاة إيرانية من عائلة متحررة عايشت أجواء الثورة الاسلامية الايرانية التي اندلعت سنة 1979 وأوصلت الإمام الخميني إلى الحكم. وتضمن الفيلم لقطة بدقيقتين لفتاة صغيرة تتحدث مع شخص وصف بأنه الله. وتسبب عرض الفيلم في أعمال عنف، قادها متشددون دينيون، استهدفت القناة وصاحبها. وحاول متشددون في 9 أكتوبر 2011 اقتحام مقر التلفزيون في العاصمة تونس ثم هاجموا بعد خمسة أيام منزل نبيل القروي بالزجاجات الحارقة. وتظاهر آلاف من التونسيين في عدد من محافظات البلاد احتجاجا على عرض الفيلم. وقدم نبيل القروي، تحت هذه الضغوط، اعتذارا علنيا عن بث برسيبوليس. وطالبت جماعات سلفية متشددة بإغلاق تلفزيون نسمة وب"إعدام" نبيل القروي بسبب "استهزائه بالمقدسات الإسلامية". ويقول مراقبون إن عرض فيلم "برسيبوليس" قبل أيام من اجراء انتخابات 23 أكتوبر 2011 رجح كفة حركة النهضة في الانتخابات. وينظر إسلاميون إلى النهضة على أنها مدافع عن القيم الاسلامية في تونس بخلاف الأحزاب اليسارية العلمانية. ونددت منظمات حقوقية دولية بالتضييقات التي يمارسها إسلاميون متشددون على حرية التعبير في تونس منذ وصول حركة النهضة إلى الحكم. ووصفت منظمة العفو الدولية الملاحقة القضائية لمدير قناة تلفزيونية بسبب عرض فيلم بأنه أمر "غير مقبول". وقالت هيومن رايتس ووتش إن محاكمة القروي تمثل "انحرافا مقلقا تشهده الديموقراطية الوليدة في تونس". وتأسس تلفزيون "نسمة" في 2007 وهو ثاني تلفزيون خاص يطلق في تونس. وتطلق "نسمة" على نفسها اسم "تلفزيون المغرب العربي" وتلتقط برامجها في الجزائر والمغرب. ويملك الأخوان نبيل وغازي القروي 50 بالمائة من رأسمال القناة بينما يملك رئيس الوزراء الإيطالي السابق سلفيو برلسكوني 25 بالمائة من رأس المال ورجل الأعمال . --- تعليق الصورة: نبيل القروي