تقديم: بتاريخ 19 شتنبر 2016 صدر بالجريدة الرسمية عدد 6501 الظهير الشريف رقم 1.18.127 ( 25 غشت 2016 ) بتنفيذ القانون رقم 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر. وبهدف تسليط الضوء على هذا القانون نظرا لأهميته في اللحظة الراهنة التي تتميز بهيمنة اقتصاد السوق الذي يتمتع فيه الأفراد والشركات بحرية المبادرة وحرية تبادل السلع والخدمات وتنقلها دون عوائق وهو ما أدى إلى ظهور أنماط جديدة للتشغيل وأشكال جديدة من الاستغلال. وجاء اعتماد هذا القانون على اعتبار أن المغرب لم يعد في مأمن من هذه الجريمة وتداعياتها المختلفة، سواء تعلق الأمر بالاستغلال في العمل أو الاستغلال الجنسي؛ وهي المعطيات التي سبق أن أكدتها دراسات متعددة من بينها تلك التي أعدتها وزارة العدل بتعاون مع منظمة الأممالمتحدة. ويزداد الوضع سوءاً مع تكاثر أفواج المهاجرين الراغبين في العبور إلى أوروبا، وتفشي وكالات الوساطة في التشغيل (وكالات التشغيل الخصوصية أو مقاولات التشغيل المؤقت) التي قد تستعمل في الاتجار في العمالة المنزلية، القادمة من الدول الإفريقية وكذلك من الدول الأسيوية، كما هو الأمر أيضاً بالنسبة لوضعية المغربيات المتجهات إلى دول الخليج، واللواتي يسقطن ضحايا شبكات الاتجار بالبشر. وفي هذا السياق سأحاول من خلال هذه الإضاءة المتواضعة تناول موضوع قانون الاتجار بالبشر في العلاقة مع مدونة الشغل في الجوانب المتعلقة بالوساطة بالتشغيل وفي العلاقة مع الفئات الهشة، الأطفال، النساء، المعاقين، وعمال وعاملات المنازل مع وإبراز دور مفتش الشغل في الجوانب المتعلقة باختصاصاته المتمثلة في السهر على تطبيق الأحكام التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالشغل. المحور الأول: تعريف الاتجار بالبشر. المحور الثاني: مؤشرات وجود مظاهر الاتجار بالبشر. 1- الوساطة في التشغيل 2- العمل الموسمي و العمل المؤقت و المقاولات من الباطن المحور الثالث: أي دور مفتش في الوقاية من جريمة الاتجار بالبشر؟ . خاتمة: المحور الأول: تعريف الاتجار بالبشر يقصد بالتجار في البشر تجنيد شخص أو استدراجه أو نقله أو تنقيله أو إيوائه أو استقباله، أو الوساطة في ذلك، بواسطة التهديد بالقوة أو باستعمالها أو باستعمال مختلف أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع، أو إساءة استعمال السلطة أو الوظيفة أو النفوذ أو استغلال حالة الضعف أو الحاجة أو الهشاشة، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو منافع أو مزايا للحصول على موافقة شخص له سيطرة على شخص أخر لغرض الاستغلال. لا يشترط استعمال أي وسيلة من الوسائل المنصوص عليها في الفقرة الأولى أعلاه لقيام جريمة الاتجار بالبشر تجاه الأطفال الذين تقل سنهم عن ثمان عشرة سنة بمجرد تحقيق قصد الاستغلال. يشمل الاستغلال جميع أشكال الاستغلال الجنسي، لا سيما استغلال دعارة الغير والاستغلال عن طريق المواد الاباحية بما في ذلك وسائل الاتصال والتواصل المعلوماتي، ويشمل أيضا الاستغلال عن طريق العمل القسري أو السخرة أو التسول أو الاسترزاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو نزع الأعضاء أو نزع الأنسجة البشرية أو بيعها، أو الاستغلال عن طريق إجراء التجارب والأبحاث الطبية على الأحياء، أو استغلال شخص للقيام بأعمال إجرامية أو في النزاعات المسلحة. لا يتحقق هذا الاستغلال إلا إذا ترتب عنه سلب إرادة الشخص وحرمانه من تغيير وضعه وإهدار كرامته الإنسانية، بأي وسيلة كانت ولو تلقى مقابلا أو أجرا عن ذلك. يقصد بالسخرة في مفهوم هذا القانون جميع الأعمال أو الخدمات التي تفرض قسرا على أي شخص تحت التهديد، والتي يكون هذا الشخص قد تطوع لأدائها بمحض اختياره. ولا يدخل في مفهوم السخرة الأعمال المفروضة لأداء خدمة عسكرية إلزامية، أو نتيجة إدانة قضائية، أو أي عمل أو خدمة أخرى تفرض في حالة الطوارئ. انطلاقا من هذا التعريف كما ورد في الفصل 1-488 الفرع السادس من الظهير الشريف رقم 1.18.127 ( 25 غشت 2016 ) بتنفيذ القانون رقم 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر، نستنتج مايلي: في الفقرة الأولى عرف المشرع مفهوم فعل جريمة الاتجار بالبشر التي تشمل التجنيد، الاستدراج نقل، تنقيل، إيواء أو استقبال، لأي شخص أو الوساطة في هذا الفعل؛ عبر مختلف الوسائل منها القسر، الاختطاف، الاحتيال، الخداع، التهديد أو استعمال النفوذ و السلطة و الهدف من كل هذا هو الاستغلال بجميع أشكاله، الاستغلال عن طريق الدعارة، الاستغلال عن طريق وسائل التواصل، الاستغلال عن طريق مختلف أعمال العمل القسري، الاستغلال عن طريق الارتزاق، أو التسول، الاستغلال عن طريق المتاجرة في الأعضاء البشرية أو إجراء الأبحاث الطبية عن الأحياء، أو استغلال شخص للقيام بأعمال من إجرامية في النزاعات المسلحة من أجل المتاجرة في الأعضاء البشرية. بالنسبة للقيام بجريمة الاتجار بالبشر تجاه الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ثمان عشرة سنة لا يشترط استعمال أي وسيلة من قبيل القسر أو الاختطاف أو … فمجرد وجود طفل في وضع عمل كيف ما كان نوعه يعني شروط قيام جريمة الاتجار بالبشر قائمة. وتجدر الإشارة أن مفهوم السخرة في منطوق هذا القانون كل عمل فرض على أي شخص بالتهديد بمختلف أشكاله سواء كان تهديدا ماديا أو معنويا، غير أن الشخص الذي يمارس عملا بمحض إرادته و بشكل تطوعي و في إطار احترام مقتضيات قانون الشغل لا يعتبر سخرة إضافة إلى الأعمال ذات البعد الوطني كالخدمة العسكرية، أو أعمال نتيجة إدانة قضائية أو في حالة الطوارئ. المحور الثاني: مؤشرات وجود مظاهر الاتجار بالبشر من خلال تعريف مفهوم الاتجار بالبشر وفي العلاقة مع مدونة الشغل التي تناولت الحقوق الواردة في اتفاقيات العمل الدولية المصادق عليها من طرف المغرب والحقوق التي تقرها الاتفاقيات الأساسية لمنظمة العمل الدولية التي تتضمن بالخصوص: – الحرية النقابية والإقرار الفعلي لحق التنظيم والمفاوضة الجماعية؛ – منع كل أشكال العمل الجبري؛ – القضاء الفعلي على تشغيل الأطفال؛ – منع التمييز في مجال التشغيل والمهن؛ – المساواة في الأجر. كما انه لا يجوز لأي شخص أن يمنع الغير من العمل أو يرغمه على العمل ضد مشيئته، وفي حالة المنع بواسطة قرار تتخذه السلطة المختصة طبقا للقانون وذلك في حالة المس بحقوق الغير أو الإخلال بالأمن والنظام العامين. وفي هذا الصدد، فإن مدونة الشغل ألزمت وكالات التشغيل الخصوصية ومقاولات التشغيل المؤقت، بعدد من الشروط من أجل ممارسة الوساطة في التشغيل بين طالبي الشغل و المشغلين؛ وذلك من خلال عدد من المقتضيات الحمائية للحد والوقاية من جريمة الاتجار بالبشر و حددت شروط للشغل و التشغيل و الحماية الاجتماعية للعمال في تناغم مع الاتفاقية الدولية للشغل رقم 181 المتعلقة بوكالة الاستخدام الخاصة لسنة 1997 و التي صادق عليها المغرب ونشرت بالجريدة الرسمية في 01/03/2001. 1- الوساطة في التشغيل أو الاستخدام: يعرف مؤتمر العمل الدولي (الاتفاقية 181) عبارة وكالات الاستخدام الخاصة أي شخص طبيعي أو اعتباري، مستقل عن السلطات العامة، يقدم خدمة أو أكثر من خدمات سوق الشغل التالية: (أ) خدمات ترمي إلى التوفيق بين عروض الاستخدام و الطلب عليه، دون أن تصبح وكالة الاستخدام الخاصة طرفا في علاقات الاستخدام التي قد تنشأ عن ذلك، (ب) خدمات تتمثل في توظيف العمال بغية إتاحتهم لطرف ثالث، قد يكون شخصا طبيعيا أو اعتباريا (ويشار إليه أدناه بعبارة "المنشأة المستخدمة") يحدد مهامهم ويشرف على تنفيذهم لهذه المهام، (ت) خدمات أخرى تتعلق بالبحث عن وظائف، تحددها السلطة المختصة بعد استشارة أكثر المنظمات تمثيلا لأصحاب العمل والعمال، من قبيل توفير المعلومات، جون أن يهدف ذلك إلى التوفيق بين عروض و طلبات عمل محددة. وفي نفس هذا التعريف كان اتجاه المشرع المغربي، حيث عرفت مدونة الشغل في موادها من 475 الى477، حيث ورد أن المقصود بالوساطة في التشغيل أو الاستخدام تعني جميع العمليات الهادفة إلى تسهيل التقاء العرض و الطلب في مجال التشغيل، وكذا جميع الخدمات المتقدمة لطالب الشغل و المشغلين من أجل إنعاش التشغيل و تنشيط الإدماج المهني. و يقصد بوكالات التشغيل الخصوصية، كل شخص اعتباري يقوم بالتقريب بين طلبات و عروض الشغل دون أن يكون القائم بالوساطة طرفا في علاقة الشغل التي قد تنشأ عن ذلك؛ و تقديم أي خدمة أخرى ترمي إلى الإدماج المهني لطالبي الشغل؛ و تشغيل أجراء بهدف وضعهم، مؤقتا، رهن إشارة شخص آخر ثالث يسمى "المستعمل" يحدد مهامهم و يراقب تنفيذها. وكالات التشغيل الخصوصية: قبل ظهور مدونة الشغل كانت الوساطة في التشغيل تتم عبر مؤسسات الدولة وتكون الخدمات التي تقدمها لطالبي الشغل والمشغلين مجانية. ومع مدونة الشغل إضافة الوساطة في التشغيل التي تقوم بها الدولة من خلال الوكالة الوطنية لانتعاش التشغيل و الكفاءات، تم الترخيص لوكالات التشغيل الخصوصية للقيام بعملية الوساطة في التشغيل، شريطة احترام عدد من المقتضيات القانونية و المنصوص عليها في مدونة الشغل في المواد من 478 إلى 491 التي تلزم وكالات التشغيل الخصوصية و التي ترغب الاشتغال في ميدان الوساطة في التشغيل احترام عدد من المعايير، منها على سبيل الذكر لا الحصر تكافئ الفرص بين طالبي الشغل بمنع التمييز على أساس العرق أو اللون أو الدين … احترام الحياة الخاصة لطالبي الشغل أثناء معالجة بياناتهم الشخصية ، إلزامية تأشير السلطة الحكومية المكلفة بالشغل على جميع عقود الشغل بالخارج المبرمة من طرف وكالات التشغيل الخصوصية، عدم أخد أي أتعاب أو مصاريف أو تسلم ودائع أو كفالات عند قيامهم بعملية التشغيل… مقاولات التشغيل المؤقت: يقصد بمقاولات التشغيل المؤقت كل شخص اعتباري مستقل عن السلطة العمومية يقوم بتشغيل أجراء بهدف وضعهم، مؤقتا، رهن إشارة شخص ثالث يسمى "المستعمل" يحدد مهامهم ويراقب تنفيذها. غير أن المستعمل لا يلجأ إلى خدمات مقاولات التشغيل المؤقت في الحالات التي حددتها المادة 496 فيما يلي: 1- إحلال أجير مجل أجير آخر في حالة غيابه، أو في حالة توقف عقد الشغل، ما لم يكن التوقف ناتجا عن الإضراب؛ 2- التزايد المؤقت في نشاط المقاولة؛ 3- إنجاز أشغال ذات طابع موسمي؛ 4- إنجاز أشغال استقر العرف على عدم اللجوء فيها إلى عقد شغل غير محدد المدة بسبب طبيعة الشغل. كما أنه لا يمكن اللجوء إلى خدمات مقاولات التشغيل المؤقت من أجل إنجاز أشغال خطرة. وفي حالة اللجوء يجب أن يبرم مع المستعمل عقدا كتابيا يحدد سبب اللجوء إلى أجير مؤقت ومدة المهمة ومكان تنفيذها وأجرة الأجير؛ إضافة إلى ضمانات قانونية أخرى والمتعلقة بحقوق الأجير المؤقت وأساسا مدة العمل وفترة التجربة والتأمين عن حوادث الشغل والأمراض المهنية والتي يجب على المستعمل التقيد بها. 2- العمل الموسمي والعمل المؤقت والمقاولات من الباطن: يعرف العمل المؤقت، أحيانًا باسم العمل الموسمي، وهو تعبير يصف نوعًا من علاقة الشغل بين الأجير والمشغل. ولا يوجد إجماع متفق عليه دوليًا حول طبيعة تصنيف العمل المؤقت، ولكنه بصفة عامة يتميز بعدم الاستمرار والاستقرار ويطرح أسئلة متعلقة بالحماية الاجتماعية والسلامة المهنية لهذه الشريحة من الأجراء. نصت المادة 16 من مدونة الشغل و في فقرتها الأخيرة على أنه يمكن إبرام عقد شغل محدد المدة في بعض القطاعات و الحالات الاستثنائية التي تحدد بموجب نص تنظيمي بعد الاستشارة مع الفرقاء الاجتماعيين و الاقتصاديين؛ وذلك بهدف تحديد القطاعات و الحالات الاستثنائية التي يمكن فيها إبرام عقد الشغل محدد المدة، تحديد الحالات التي يمكن فيها إبرام هذا النوع من العقود، تحديد مفهوم العمل الموسمي، وضع مجموعة من الضوابط التي تحول دون التعسف في اللجوء إلى هذا النوع من العقود، تحديد البيانات التي يجب أن يتضمنها عقد الشغل محدد المدة. وفي هذا السياق يمكن التمييز بين عقد شغل محددة المدة والعمل الموسمي، فلا يعتبر في حكم عقود الشغل محدد المدة العقود المبرمة لانجاز عدة أنشطة مختلفة ومستقلة أو متداخلة ذات طابع موسمي على مدار السنة من قبل الأجير لفائدة مشغل واحد. ويعتبر عملا موسميا كل عمل محدد المدة ينجز خلال نفس الفترات من السنة بكيفية دورية تبعا لطبيعة النشاط. إن الإشارة إلى هذا النوع من العمل؛ العمل الموسمي والعمل المؤقت والمقاولات من الباطن وإلى طبيعة عقود الشغل المؤطرة لهذا النوع من النشاط في بعض القطاعات الإنتاجية التي من المحتمل أن تستقطب ضحايا الاتجار بالبشر؛ ويكون الأطفال والعمال المنزليين والأجراء بالقطاع الغير المهيكل من الشرائح الأكثر هشاشة والمعرضة للسقوط في هذه الظاهرة اتجار بالبشر. (سأعود لتسليط الضوء في مقالات قادمة على كل هذه المواضيع: الأطفال والاتجار بالبشر؛ العمال المنزلين و الاتجار بالبشر؛ الهجرة الغير الشرعية و تهريب الأشخاص في العلاقة مع الاتجار بالبشر) المحور الثالث: أي دور لمفتش الشغل في المساهمة من أجل الوقاية من جريمة الاتجار بالبشر؟ وكما هو معلوم أن مدونة الشغل تضمنت عدد من الحقوق الواجب ضمانها داخل المقاولة في انسجام مع اتفاقيات العمل الدولية المصادق عليها و خاصة الاتفاقيات الأساسية في العمل و التي تمنع كل أشكال العمل الجبري؛ و تضمنت كذلك عدد من المقتضيات الحمائية بغرض التصدي و الوقاية من جريمة الاتجار بالبشر و التي يمكن أن يكون مكان العمل محتضنا لها؛ عبر آليات الحرية النقابية و الإقرار الفعلي لحق التنظيم و المفاوضة الجماعية، منع كل أشكال العمل الجبري، القضاء على تشغيل الأطفال، منع التمييز في التشغيل و المهن و الأجر، حماية المرأة ، تقنين الوساطة في التشغيل، و تقنين تشغيل الأجانب، منع أي نوع من أنواع العنف كان رمزيا أو ماديا الموجه ضد الأجير، منع التحرش الجنسي و التحريض على الفساد… و لمحاصرة ظاهرة الاتجار بالبشر في أماكن العمل المفترضة أو إمكانية استغلال وسائط التشغيل من أجل هدف الاتجار بالأشخاص، هناك عدد من الضمانات القانونية التي أقرتها مدونة الشغل في الجوانب التي تمت الإشارة إليها من قبيل الوساطة في التشغيل، العمل الموسمي و العمل المؤقت و المقاولات من الباطن، المهاجرون، النساء و الأطفال و العمال المنزليون. إذن هل يمكن الحديث عن دور مفتش الشغل باعتباره مكلف بمراقبة مدى تطبيق الأحكام التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالشغل داخل مختلف الوحدات الإنتاجية و الخدماتية و في القطاع الفلاحي، و خاصة في إمكانية وجود نوع من أنواع الاتجار بالبشر في بعض أماكن العمل و بعض أنماط التشغيل وكيفية التعاطي معها ؟ يحدد الكتاب الخامس من مدونة الشغل و المتعلق بأجهزة المراقبة المهام المنوطة بالأعوان المكلفون بتفتيش الشغل، و منها على سبيل الحصر: – السهر على تطبيق الأحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالشغل؛ – إعطاء المشغلين والأجراء معلومات ونصائح تقنية حول أنجع الوسائل لمراعاة الأحكام القانونية؛ – إحاطة السلطة الحكومية المكلفة بالشغل علما بكل نقص أو تجاوز في المقتضيات التشريعية والتنظيمية المعمول بها؛ – إجراء محاولة التصالح في مجال نزاعات الشغل الفردية. (المادة 532 من مدونة الشغل) – منع عدد من التراخيص و التأشيرات و الموافقات كالترخيص بتشغيل الأحداث في بعض الأشغال و باتخاذ العقوبات التأديبية ضد مندوبي العمال أو ضد الممثلين النقابيين أو ضد طبيب الشغل أو باستعمال نظام معلوماتي لأداء الأجور أو بالموافقة على الاختصاص الترابي و المهني للمصلحة المشتركة.(الفقرة 8 المادة 3 من النظام الأساسي الخاص بهيئة تفتيش الشغل) – بمعاينة المخالفات المتعلقة بأحكام قانون الشغل، و المقتضيات التنظيمية الصادرة بتطبيقه، و تثبيتها في محاضر يوثق بمضمونها إلى أن يثيت عكس ما فيها. (المادة 539 من مدونة الشغل) إذن أهم وظيفة لدى مفتشو الشغل هي التأكد من مدى التقيد واحترام و تطبيق قانون الشغل، أما فيما يتعلق بالاتجار بالبشر فهناك غياب الصلاحيات الواضحة؛ و يعود السبب في هذا الوضع إلا أن هذا النوع من الجرائم تحقق فيه الشرطة القضائية؛ إضافة إلى وجود ثغرات بين الأحكام القانونية و تطبيقاتها في الممارسة العملية. هذا الوضع يتطلب تمكيمن مفتشي الشغل من صلاحيات واضحة و حماية قانونية تضمن لهم ممارسة مهامهم الرقابية و الرصدية و الزجرية باستقلالية، حينما يتم ضبط جرائم الاتجار بالبشر وهم ما يتطلب إيجاد صيغ قانونية للتنسيق و التعاون ما بين هيئة تفتيش الشغل والسلطة القضائية. كما يتطلب إرادة سياسية قوية لتعزيز النظام الأساسي لهيئة تفتيش الشغل بما يضمن فاعليته و قوته في مجال المراقبة و ضبط مختلف المخالفات و الجرائم المرتبطة بالشغل و التشغيل ؛ وهو الدور المطلوب من مفتش الشغل الذي لازال دون مستوى المهام الموكولة لمهنة مفتش الشغل كما تعرفها اتفاقيات منظمة العمل الدولية. خاتمة: الاتجار بالبشر أصبح يمثل تحديا خطيرا للإنسانية، ويتطلب استئصاله والقضاء عليه مجهودا على المستوى الدولي عن طريق تعاون حقيقي متعدد الأطراف بين البلدان الأصلية وبلدان العبور والمقصد. وبموجب قرار مجلس حقوق الإنسان 8/12 الذي قرر فيه تمديد ولاية المقررة الخاصة المعنية بالاتجار بالبشر ولاسيما النساء والأطفال. وكان هذا التقرير الأول الذي قدم لمجلس حقوق الإنسان من طرف السيدة جوي نوغوزي إيزليمو التي كلفت في ولايتها بتاريخ 18 يونيو 2009 بإعداد تقرير في موضوع الاتجار بالبشر. وقد تناول هذا التقرير الأول حول الاتجار بالبشر عدد من المحاور الخاصة بالنساء والأطفال، باستعراض عام لمشكلة الاتجار بالبشر وبالأشخاص التي أصبحت تواجه العالم المعاصر وهي الإشكالية المرتبطة بالعولمة بما تعنيه من عولمة الأسواق التي أصبحت تخضع لمنطق العرض والطلب، (تشييئ الإنسان) وبدرجات مختلفة لما أصبح يعرف بتجارة رقيق عصرية. وباعتبار الاتجار بالبشر أحد الأنشطة الإجرامية الأسرع نموا وانتشارا في العالم، فإنها تسفر عن انتهاكات خطيرة لحقوق الأشخاص المتاجر بهم وبكرامتهم. ونشير أنه رغم أن الدراسات التي تناولت موضوع الاتجار بالبشر لأعراض الاستغلال الجنسي، لازالت هناك جوانب أخرى لا تقل أهمية وتشمل العمل الجبري أو الخدمة العسكرية، أو الرق أو الممارسات المماثلة للرق والعبودية أو نزع أعضاء الجسم؛ ويكون الأشخاص المهربون و المهاجرون الغير الشرعيين أكثر عرضة للاتجار بالبشر. وفي الممارسة الوطنية نجد مدونة الشغل وكذلك النظام الأساسي الخاص بهيئة مفتشي الشغل بالمغرب،يكرسان تعدد مهام مفتشي الشغل مما يؤثر سلبا و يشوش على الوظيفة الأساسية لمفتش الشغل و المتمثلة أساسا في مراقبة مدى تطبيق التشريع الاجتماعي في المؤسسات الإنتاجية و الصناعية و الخدماتية و القطاع الفلاحي. ناهيك عن قلة الموارد البشرية التي لا تكفي لتلبية الخصاص الكبير في كل المصالح اللاممركزة لوزارة الشغل والإدماج المهني رغم بعض المجهودات التي بذلت في السنتين الأخيرتين في توظيف عدد من المفتشين و إدماج بعض المتصرفين في هيئة تفتيش الشغل غير أن مشكل الخصاص لازال قائما. وفي سياق الواقع لموضوعي الذي يمارس من داخله مفتش الشغل مهام المراقبة اليومية في حدود المجال الترابي المحدد له، عليه أن يتحلى بدقة الملاحظة خاصة وهو يتفقد و يراقب بعض المقاولات من قبيل المشار إليه أعلاه و التي يحتمل أن تحتضن ظاهرة الاتجار بالبشر في انتظار مراجعة شاملة لمدونة الشغل من أجل مواكبة مجموعة القانون الجنائي الذي عزز بقانون الاتجار في البشر؛ وتعزيز دور هيئة تفتيش الشغل عبر تأهيلها و تحصينها قانونيا و ماديا. المراجع: ظهير شريف رقم 1.16.127 صادر في 21 من ذي القعدة (25 اغسطس 2016) بتنفيذ القانون رقم 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر؛ الاتجار بالنساء و الأطفال في المغرب وزارة العدل و الحريات –هيئة الاممالمتحدة للمرأة، 2015؛ قانون الشغل رقم 65.99؛ مرسوم رقم 2.08.69 صادر في 1429 (9 يوليو 2008) بشأن النظام الاساسي الخاص بهيئة تفتيش الشغل. *إطار بوزارة الشغل والإدماج المهني/مفتش شغل