طبعا لا أحد منكم يعرف من هو محمد الجديدي، وهذا في حد ذاته دليل آخر على قيمة الانسان وحريته في مغرب اليوم. فمحمد الجديدي ليس نجما معروفا ولا إبن مسؤل كبير حتى يحظى باهتمام الرأي العام. محمد الجديدي مواطن بسيط، بائع متجول وابن جندي متقاعد فارق الحياة، كان يقطن مع أسرته الفقير في بيت تابع لمصالح القوات المساعدة بالناظور، حكم عليه بالسجن النافذ لمدة ستة أشهر من قبل المحكمة الابتدائية بالناظور، عندما احتج على حرمان بيته من الكهرباء برفع قطعة قماش بيضاء مرسوم عليها باللون الأزرق رمز علم دولة إسرائيل. احتجاج الجديدي جاء على إثر لامبالاة الجهات المسؤولة بخصوص مراسلاته العديدة، حول انقطاع الكهرباء والماء الصالح للشرب عن المنازل المجاورة للثكنة. وتمت متابعته وإدانته بتهمة "إهانة علم المملكة ورموزها"! يحدث هذا في الوقت الذي يستقبل فيه المغرب رسميا نائبا برلمانيا بالكنيسيت الإسرائيلي، ويدخله إلى البرلمان المفروض فيه أنه يمثل إرادة الشعب المغربي الذي عبر في أكثر من مناسبة عن رفضه للتطبيع مع الكيان الصهيوني في مسيرات شعبية. يحدث هذا أيضا في بلد يقوم فيه إبن مسؤول كبير هو مستشار الملك الطيب الفاسي باستضافة تسيبي ليفني، المسؤولة الاسرائلية المتورطة في مجازر غزة، وذلك بالرغم من احتجاج ممثلي المجتمع المدني المغربي على حضورها، وأكثر من ذلك إعلان دولة ديمقراطية ومعروفة بتأييدها لإسرائيل مثل بريطانيا عن عزمها اعتقالها في حالة زيارتها لبريطانيا بتهمة مشاركتها في ارتكابها جرائم حرب. لا يعقل أن يبقى بعد اليوم المواطن البسيط الجديدي وراء القضبان في الوقت الذي يستقبل فيه مسؤول صهيوني في الرباط تحت قبة البرلمان. فمثل هذا الاستقبال هو الذي يهين المغاربة ويهين رموزهم الحقيقية... لا يكفي أن يحتج برلمانيو "العدالة والتنمية" أمام البرلمان ضد وجود نائب إسرائيلي داخله، في الوقت الذي يوجد فيه حزبهم على رأس الحكومة. فمثل هذا التصرف أقل ما يمكن وصفه به هو أنه نفاق مفضوح وهذا شأنهم... لكن ما لا يمكن السكوت عنه هو حرمان مواطن بسيط من حريته فقط لأنه رفع خرقة ثوب فوق خربته (انظروا الفيديو لتتأكدوا من ذلك)، فهذا أقل ما يمكن أن يوصف به هو أنه تواطؤ... أما بالنسبة لمن يتحمل المسؤولية فهو جبن وعار... حنظلة...