يبدي المسيحيون في شمال السودان حيث يشكلون أقلية قلقا على مستقبلهم بعد تعهد الرئيس عمر البشير بالتوسع في تطبيق الشريعة الإسلامية في حال انفصال جنوب السودان حيث تستمر عمليات الاقتراع حتى السبت المقبل ليختار السكان ما بين الاستقلال أو البقاء ضمن السودان الموحد. ويقول طبيب مسيحي طلب عدم ذكر اسمه "قبل الاستفتاء كان هناك نوع من التوازن في البلاد بين المسيحيين والمسلمين. أما بعد الانفصال فلن نشكل سوى أقلية صغيرة". ويضيف "أخشى أن يأتي وقت يتم فيه التعامل معنا كغرباء، من يضمن ألا يطلبوا منا الرحيل؟". ويغترف الدستور السوداني المؤقت الذي أقر في العام 2005 بعد انتهاء الحرب الأهلية بين الشمال حيث غالبية إسلامية والجنوب حيث غالبية مسيحية والذي سيظل ساريا حتى يوليو المقبل، ب"التعددية الإثنية والثقافية والدينية" للسودان". وبحسب آخر إحصاء، يقيم 520 ألف جنوبي، غالبيتهم من المسيحيين، في شمال السودان. غير أن الجنوبيين المقيمين في الشمال يؤكدون أن عددهم مليون ونصف مليون شخص. ويضاف إلى الجنوبيين المسيحيين أقلية قبطية متركزة في الخرطوم وفي بعض مناطق جبال النوبة وولاية النيل الأزرق. وفيما يبدو انفصال الجنوب محتوما، وعد البشير بانه سيجعل من الشريعة "المصدر الوحيد للدستور". ورسميا، يقول المسؤولون المسيحيون إنهم ليسوا قلقين ويشيرون إلى أنهم يعيشون في ظل الشريعة منذ أن بدأ العمل بها في العام 1993 في عهد الرئيس الأسبق جعفر النميري. ويقول أسقف الكنيسة القبطية في الخرطوم الانبا ايليا "إننا لا نتوقع أن تطبق الشريعة بشكل يضر بغير المسلمين". ويخشى البعض مع ذلك من أن تضطرهم الأوضاع الجديدة إلى أن يكونوا أكثر حذرا مع أنهم يشعرون بالفعل بأنهم يعاملون كمواطنين من "الدرجة الثانية". ويشكو المسيحيون من تمييز ويشيرون على سبيل المثال إلى أن عدد الكنائس التي يتم تشييدها محدود. ويقول حافظ رمسيس حكيم وهو مسؤول عن الشؤون الإدارية لثلاث كنائس، من بينها كنيسة مار جرجس انه لا يخشى على رعاياه لكنه لا يستبعد انحسار الوجود المسيحي. ويوضح "لم نكن في الماضي ندخل مصرفا بدون أن نجد فيه خمسة أو ستة مسيحيين على الأقل. أما اليوم، فقد تراجع وجودهم بشكل كبير". وقال مسؤول عن المجموعة القبطية فضل عدم كشف اسمه "للتكلم بحرية" "بالطبع نشعر بالقلق، غير إننا لسنا خائفين. لكن لا يمكن أن ننكر أننا مواطنون من الدرجة الثانية". كذلك أعلن البشير أن الجنوبيين سيعاملون بمثابة أجانب في الشمال في حال الانفصال، وقال جيمس اوكوك وهو جنوبي شاب يعمل في الخرطوم معقبا على ذلك "هذا منطقي. في حال الانفصال، سوف أشعر بأن علي الرحيل". لكن البعض يعتقدون أن تصريحات البشير حول الشريعة لها هدف آخر وقال المسؤول القبطي "إنها رسالة غير مباشرة للولايات المتحدة. الرئيس يريد أن يقول لواشنطن "إن أصررتم على عدم رفع العقوبات عن السودان، هذا هو الاتجاه الذي سنسلكه، اتجاه التطرف". لكن أستاذ العلوم السياسية الطيب زين العابدين يرى أن النظام "يبحث عن شعارات جديدة" في هذه المرحلة الصعبة. ويقول إن خطاب البشير "هو مجرد رد فعل متشنج على الانفصال. وحتى لو تم تعديل الدستور، فلن يتغير شيء على الأرض". ودعا عبد الواحد نور الزعيم التاريخي لحركة التمرد في دارفور (غرب) الثلاثاء إلى وضع حد "لنظام طالبان" في الخرطوم، مشددا على أن وحدها دولة علمانية في الشمال يمكن أن تحافظ على وحدته بعد انفصال الجنوب. *أ ف ب