لم تسعف العبارة هذه المرة وزير السياحة، الذي نصب ذات يوم كناطق رسمي لتحالف "جي 8"، للتعليق على الحكم الذي صدر ضد أحد معاونيه أثناء الحملة الانتخابية، بعد إدنته بتهمة الفساد الانتخابي. يتعلق الأمر هنا، بالأستاذ الجامعي، لحسن حداد، الوزير المثقف الذي كان يدبج المقالات النظرية، ويحاضر في المحافل الدولية دفاعا عن شئ اسمه "الاستثناء المغربي" في زمن "الربيع العربي" ! مطلوب اليوم من حداد التحلي بالشجاعة الأدبية، والخروج إلى الملأ للدفاع عن مدير حملته الانتخابية، لا التخلي عنه، فهذه ليست من المروءة في شئ ! الرجل يقبع اليوم في السجن بتهمة دفع المال لشراء ذمم الناخبين من أجل أن يتحقق "الاستثناء المغربي" الذي كان يدافع وينظر له الأستاذ الجامعي حداد! ليس من الأخلاق، ولا من الشجاعة الفكرية أن يصمت المثقف عندما يجب عليه أن يتكلم خاصة عندما يتعلق الأم بتبيان الحقيقة، وأكثر من ذلك عندما يكون لهذه "الحقيقة" ضحية يدفع ثمن خيانته لها من حريته وراء القضبان، قربانا لمنصب الوزير الذي أصبح يتبوأه المثقف! المسؤولية السياسية تقع، هنا أيضا، على رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، الذي رفعت حكومته كشعار لها محاربة الفساد، والحكامة الجيدة. على بنكيران ووزير عدله أن يخرجا عن حرجهما، ويفتحا تحقيقا في القضية التي تمس نزاهة ومصداقية العملية الانتخابية التي تستمد منها الحكومة وأغلبيتها شرعيتهما "الديمقراطية" المفترضة، مع كامل التحفظات، طبعا، على الأجواء والشروط والظروف وقواعد اللعبة المسطرة مسبقا للضبط والتحكم في النتائج وتوجيهها حسب أهواء السلطة ورغباتها ونزواتها... والمسؤولية تقع، أيضا، على رئيس الحزب والوزير في الداخلية محند العنصر، الذي ينتمى له حداد وترشح في صفوفه وتولى وزارة السياحة باسمه. على العنصر الذي وقف أمام البرلمان قبل أسبوع، وقد شرب من لبن السباع، يدافع عن هيبة السلطة أمام فقراء وبؤساء حي الكوشة بتازة، أن يتحلي بقليل من الشجاعة السياسية ويخرج للدفاع عن بياض الصفحة الانتخابية لوزير حزبه في السياحة أو للتبرؤ من فعلته وفصله من الحزب ويطلب عزله من الوزارة، بدلا من التستر على فعلته! لا يهم القراء أن يعرفوا عدد ساعات نوم وزير الداخلية، التي كشف عنها لصحيفة أجنبية، فسواء نام الوزير أو سهر الليالي، فالكل يعرف أنه مجرد "كومبارس" في وزارة تديرها الأجهزة التي تحسب وتحبس الأنفاس، بما فيها أنفاس وزير السياحة التي كتمها صاحبها بعد أن رفع القلم وجفت الصحف من تنظيراته حول "الاستثناء المغربي" الذي استحاله المثقف سياحة في دهاليز السلطة وبتذكرة قيمتها 500 درهم، فقط لاغير ! هي قيمة صوت الإنسان عند مثقف السلطة ! حنظلة...