دفاع عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة أمام البرلمان عن التعيينات الأخيرة للولاة والعمال، على اعتبار أنه هو ووزيره في الداخلية من اقترحا أسماءهم لم يقنع حتى أقرب الناس إليه بما فيهم عضو الأمانة العامة لحزبه عبد العالي حامي الدين الذي استغرب غياب رئيس الحكومة عن الحفل الرسمي لتنصيب الولاة والعمال بالقصر الملكي، إذا كان فعلا هو من اقترح اسمائهم! ومن خلال القراءة السريعة للائحة التعيينات الأخيرة، تكاد تغيب بصمة بنكيران وحزبه وحكومته عنها، بما أن الأمر يتعلق بمجرد إعادة انتشار للأسماء القديمة، فلا جديد في التعيينات الأخيرة. بل إن من بين هذه الأسماء رموز عديدة من الحرس القديم من مدرسة إدريس البصري، من الولاة والعمال ممن ساهموا في إفساد العمليات الانتخابية طيلة العقود الثلاثة الأخيرة، ومن بينهم أسماء تلاحقها شبهة الفساد، وأسماء "سمعتها" السيئة تسبقها... لكن هذه الأسماء أجازها بنكيران، ماعدا اسم واحد قال إنه اعترض عليه، واتصل بالملك ليخبره بسبب اعتراضه، بما أن الأمر يتعلق بشخص "سمعته سيئة"، ووافق الملك على هذا الاعتراض. فماذا يعني مثل هذا الكلام؟ يعني أن كل الأسماء المعينة بما فيها الولاة والعمال الذين ظلوا يفسدون الحياة السياسية والانتخابية "نزيهين" و"سمعتهم نقية"، حسب حكم بنكيران عليهم وتزكية الملك لهذا الحكم بقبول تعيينهم، مع استثناء واحد. هذا الاستثناء يمثله، حسب ما كشفت عنه الصحافة، عامل المحمدية السابق عبد العزيز داداس، الذي قال عنه بنكيران أمام البرلمان بأن "سمعته ماشي مزيانة"، وزكى الملك هذه الشهادة عندما قال له بنكيران بأن "سمعته ماشي هي هاديك"، فرد الملك على بنكيران (والعهدة على هذا الأخير) بالقول: "لي سمعتو ماشي مزيانة ماعندنا مانديرو بيه". ما ذا يعني مرة أخرى، مثل هذا الكلام؟ يعني أن رئيس الدولة ورئيس الحكومة، يقران بأن مسؤولا كبيرا من درجة عامل، سمعته سيئة، وطبعا الأمر هنا لايتعلق بالسمعة الأخلاقية أو بالجانب الإنساني في سلوك هذا الشخص، وإنما المفروض أن الأمر يتعلق بطريقة تدبيره للشأن العام. وفي هذه الحالة المفروض أن تحرك النيابة العامة الشكوى للبحث في هذه "السمعة السيئة" أو على الأقل محاسبة من عينه وتركه في منصبه السابق طيلة السنوات الماضية وهو يجر معه هذه "السمعة السيئة"، أو أن يرفع صاحب هذه "السمعة السيئة" شكاية بالقذف ضد رئيس الحكومة إذا كانت سمعته ليس كما وصفها بنكيران... ثمة شئ ما مختل... إما ان العامل المبعد "سيء السمعة" وبالتالي يجب مسائلة من وضعه على رأس تدبير الشأن العام في الفترات السابقة، والسكوت عليه كل هذا الوقت، وأن العمال والولاة الآخرين "طيبي السمعة"، وبالتالي يجب البحث عمن أفسد الحياة السياسية وزور العمليات الانتخابية ورعى الفساد الذي نبت مثل سرطان في ظل عملاتهم وولاياتهم طيلة السنين الماضية. وإما أن بنكيران، وعكس ما صرح به أمام البرلمان، لم يفعل سوى الانتقام لحزبه من عامل مارس سلطته عليهم أيام المعارضة بنوع من "الحماس الزائد"، في الظروف التي تحدث عنها بنكيران نفسه، وعندما تغيرت هذه الظروف قامت السلطة نفسها التي عينته ورعته وحمته في الماضي بالتخلي عنه... وفي هذا عبرة لرجال السلطة وأجهزة تنفيذها...التي تتعامل معهم بمنطق "طاحت الصمعة علقوا الحجام!" أو منطق "طلع تأكل الكرموس...نزل شكون كالها ليك!". حنظلة... الصورة للعامل عبد العزيز دادس