قال رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، اليوم الاثنين بالرباط، إن حل إشكالية التفاوتات المجالية يمر بالضرورة عبر إعادة النظر في علاقات الإدارة المركزية بالجماعات الترابية مع تقوية أدوات التخطيط والتدخل. وأكد العثماني في افتتاح أشغال الندوة الوطنية حول توجهات السياسة العامة لإعداد التراب، التي تنظمها وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة تحت شعار “سياسة إعداد التراب بين تحديات الفوارق المجالية ورهانات التنمية الدامجة” ، على ضرورة كسب رهان الالتقائية وفق منظور جديد وإعادة النظر في التدخلات العمومية لجعلها تنطلق من الخصاص الاجتماعي والاقتصادي داخل المجالات الترابية.
وشدد في هذا الإطار على ضرورة التفكير في نهج مقاربات أكثر شمولية، وإعداد مشروع وطني في ظل تفعيل ورش الجهوية المتقدمة، يروم تنمية المجالات وتقليص التفاوتات من أجل تحسين ظروف عيش الساكنة بجميع مناطق المملكة، مذكرا بالتزام الحكومة ببلورة سياسة متجددة لإعداد التراب من خلال إعداد “السياسة العامة لإعداد التراب الوطني” كمرجع أساسي يتضمن مجموعة من التوجهات الاستراتيجية التي تحدد خيارات الدولة في ميدان إعداد التراب الوطني على المستويات الوطنية والبين-جهوية والجهوية على المدى المتوسط والبعيد، وفقا لرؤية مجالية مشتركة بين جميع الفاعلين. وسجل أن مجالات الغد تقتضي التفكير في ضمان تنسيق وإلتقائية مختلف الاستراتيجيات والبرامج القطاعية لمغرب متضامن وله قدرة تنافسية في الآن نفسه، لمواجهة حجم وتنوع التحديات التي تجابهها المجالات سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو بيئية، مؤكدا انه لا سبيل لتحقيق ذلك إلا من خلال تخطيط استراتيجي مندمج يمكن من الرفع من تنافسية المجالات، وإعمال مبادئ الاستدامة المجالية، والانخراط في منطق التحولات الرقمية وإعمال آليات الحكامة. واعتبر رئيس الحكومة أن ورش سياسة إعداد التراب، الذي ينطلق بعقد هذه الندوة الوطنية، تليها ندوات جهوية، يتطلب إعداد وثيقة عامة توجيهية استشرافية جديدة “تعكس التصور المتجدد لإعداد التراب لكسب رهانات متعددة، أبرزها الحد من التفاوتات المجالية ودعم التماسك والتناسق المجالي، إضافة إلى تعزيز التقائية التدخلات العمومية”. وأشار العثماني إلى أن انعقاد هذا اللقاء يأتي في ظل ظرفية وطنية تتميز بإطلاق أوراش مؤسساتية وإصلاحية كبرى، انخرطت فيها المملكة من أجل كسب رهان التنمية المجالية المندمجة، مبرزا أن هذه التحولات أثمرت إصلاحات دستورية لترسيخ بناء المسلسل الديموقراطي، بتعاقد اجتماعي وسياسي جديد، يكرس جيلا جديدا من الحقوق وتنظيما مجاليا متقدما، يعتمد اللامركزية الترابية والجهوية المتقدمة كإطار لتحقيق تنمية مندمجة ومتضامنة، تتوخى في جوهرها تحسين ظروف عيش الساكنة باعتبارها الهدف الأسمى لكل إصلاح. من جهته، قال عبد الأحد الفاسي الفهري وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والسكنى وسياسة المدينة، أن وزارته تواكب سياسة إعداد التراب الوطني، بمواصلة إعداد التراب الوطني عبر مواصلة تنزيل سياسة المدينة من خلال العمل على تقليص نقاط العجز، ومواصلة تأطير البناء والتعمير بالعالم القروي؛ وبلوة مشاريع مندمجة وبرامج صاعدة مع احترام الخصائص الطبيعية لكل منطقة. وانتقد الفاسي الفهري، اختزال التقدم في تحقيق معدلات عالية في الاستمارات العمومية، موضحا أن هذا الاختزال تسبب في محدودية المشاريع الكبرى وتركيزها في المناطق الساحلية، داعيا إلى إعمال مقاربات متجددة لمعاجلة الإشكاليات المجالية على مختلف مستوياتها. وأوضح الفهري، أن وزاته تتطلع بشراكة مع مختلف الفاعلين الأساسيين إلى إعمال مقاربات متجددة لمعاجلة الإشكاليات المجالية على مختلف مستوياتها، وذلك من خلال خمس محاور رئيسية، أولها تبني نموذج متجدد للسياسة الوطنية لإعداد التراب عبر اعتماد قانون يعنى بإعداد التراب، ووضع مرجعياته الوطنية والجهوية، ومخطط وطني للشبكة الحضرية وإحداث مرصد وطني للتتبع والتقييم؛ وضع سياسة حضرية وطنية شاملة، فضلا عن المصادقة على600 وثيقة تعميرية وإعداد أزيد من 30 خريطة للمناطق القابلة للتعمير ووضع استراتيجية وطنية خاصة بالمدن العتيقة والقصبات، وأخرى تعنى بالمشاهد الطبيعية؛ مواصلة تنزيل سياسة المدينة من أجل ضمان نمو متوازن ومندمج ومستدام للفضاء ات الحضرية من خلال العمل على تقليص مظاهر العجز في المناطق التي تعرف ضغطا عمرانيا، وإبراز أدوارها التنموية في إطار تعاقدي مع المنظومات المحلية يضمن انتقائية التدخلات والبرامج كل حسب اختصاصاته ومواصلة تأطير التعمير والبناء بالعالم القروي عن طريق وضع برنامج خاص للمساعدة المعمارية والتقنية والهندسية المجانية بالعالم القروي، وبلورة مشاريع مندمجة تهم المراكز الصاعدة، مع احترام تام للبيئة الطبيعية والخصوصيات المعمارية لكل منطقة، مؤكدا عزمها من خلال المحور الخامس على إرساء خارطة طريقة وطنية شمولية ومندمجة في مجال السكن. واختتمت فعاليات الندوة الافتتاحية حول توجهات السياسة العامة لإعداد التراب الوطني، بتوقيع كل من وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة عبد الأحد الفاسي، وامحند لعنصر رئيس جمعية جهات المغرب، صباح اليوم الاثنين بالرباط، على أول اتفاقية للشراكة والتعاون لدعم ورش الجهوية، والتي تهدف إلى المساهمة في دعم ورش الجهوية، ووضع اللبنات الأساسية لشراكة متجددة ومتنوعة، وستمنح للفاعلين و الجهويين والمحليين، فرصا للتبادل وتقديم الدعم والمصاحبة بكافة أشكالها التقنية، وتطوير القدرات، والتكوين والخبرات وتعبئة فرص التعاون الدولي لفائدة تنمية جهوية مستدامة ودامجة.