كشفت دراسة سوسيولوجية أنجزها منتدى نسائي، أن المغربيات لا يوثقن المساهمة المادية، بغض النظر عن المستوى المعيشي أو الدراسي أو المهني أو سن الزواج أو طبيعة العلاقة قبل الارتباط . جاء ذلك في دراسة أنجزها “منتدى الزهراء للمرأة المغربية”، وقدمها أمس بالرباط في ندوة صحفية تحت عنوان “تدبير الأموال المكتسبة أثناء الزواج وأثاره الاقتصادية و الاجتماعية على المطلقات والأرامل”. وقالت الدراسة التي أنجزت بدعم من السفارة البريطانية، وشملت 35 امرأة من المطلقات والأرامل ينتمين لمدينة سلا، أن “أغلب الحالات المستجوبات أصبحن عاجزات عن المبادرة”، مشيرة إلى أنهن “يفضلن انتظار المساعدات الاجتماعية بدل العمل إما لتقدمهن في السن أو لأوضاعهن النفسية”.
وأضافت الدراسة التي حصل موقع “لكم” على نسخة منها، أن “عدم الاتفاق على تدبير الأموال المكتسبة يؤثر سلبا على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للمطلقات والأرامل”، معتبرة أن “العامل الثقافي يعرقل الاتفاق على تدبير الأموال المكتسبة”. وأرجعت الدراسة التي نسق معطياتها عبد الرحيم الشلفوات، أسباب عدم التوثيق في جزء منها إلى “الثقة المتبادلة بين الزوجين وحسن النية وحرص المرأة على الاستقرار الأسري”، كما أن “الحديث عن الجانب المالي يشنج العلاقات الزوجية، وقد يسبب الطلاق”، بالإضافة إلى أن “ضعف الحماية القانونية تجعل إثبات المساهمة صعبة”. وحسب النتائج التي خلصت إليها الدراسة إلى أن “النساء ينفقن على الأسرة، لكن في مجالات غير قابلة للقياس”، مشيرة إلى أن “الزواج عن حب أو علاقة قرابة أو جوار يعزز الثقة وحسن الظن بين الزوجين، مما يجعل الحديث عن الأمور المادية يتوارى إلى الخلف”. وفي ذات السياق اعتبرت الوثيقة أن “الارتباط بزوج من بيئة غريبة يخلق عوائق نفسية أمام التطرق لتوثيق المساهمات والحقوق المالية”، هذا بالإضافة إلى أن “النساء تفضلن التغاضي عن توثيق المساهمة في مالية الأسرة من أجل الحفاظ على الاستقرار الأسري أو خضوعا للتقاليد”. وتقول الوثيقة ان “غياب التوثيق يشجع الزوج على سرعة تقلب المزاج أو التفكير في التعدد، أو التنكر لمساهمة زوجته أثناء دراسته أو الطمع في ضم مدخولها في ممتلكاته”، بالإضافة إلى أن “عدم الاعتراف بقيمة العمل المنزلي تعيق النقاش الواضح لمسألة تدبير الأموال المكتسبة”. من جهة أخرى، ثمنت الدراسة “جميع أشكال العمل المنزلي للمرأة بما يضمن أحقيتها في الاستفادة من الأموال المكتسبة أثناء قيام الزوجية، داعية إلى “استثمار مبادئ الفقه المالكي واجتهاداته المهمة في حماية حقوق المرأة المالية وتضمينها بشكل واضح في فصول مدونة الأسرة”. وأوصت الدراسة بتوسيع الاجتهاد القضائي ليشمل في تفسيره للمادة 49 العمل المنزلي للمرأة وإدخال مفهوم الكد والسعاية، مؤكدة على ضرورة “تعديل المادة 51 من مدونة الأسرة خاصة الفقرة الثالثة التي تنص على “تحمل الزوجة مع الزوج مسؤولية تسيير ورعاية شؤون البيت والأطفال”. ودعت الوثيقة إلى “مراجعة نظام الإثبات بما في ذلك اللجوء إلى إجراءات تحقيق الدعوى كالبحث والخبرة”، كما دعت إلى “تقدير مساهمة المرأة الأرملة في الثروة الزوجية المشتركة وتمكينها من حقوقها قبل تقسيم التركة”. هذا وقد أوصت الدراسة باعتماد سياسة إعلامية تسهم في بناء ثقافة تكريم المرأة وانصافها، وترسخ الاعتراف بجميع أشكال مساهمتها في تنمية الأسرة”، داعية إلى “إطلاق دراسات وأبحاث تعمق المعرفة بالآثار الاقتصادية والاجتماعية على الفئات الهشة وتمكن من اعتماد برامج تدخلية لفائدتها”.