أكد لحسن الداودي وزير الشؤون العامة والحكامة أن قرار الحكومة وضع سقف لأسعار المحروقات قائم ولن تتراجع عنه، مشيرا إلى تقارير عن زيادات كبيرة في هوامش أرباح شركات النفط بعد تحرير الأسواق ورفع الدولة يدها عن دعم القطاع في دجنبر 2015. وقال وزير الشؤون العامة والحكامة في مقابلة مع وكالة “رويترز” للأنباء، إن “الحكومة جادة وسنطبق التسقيف ولكن الأمر يتعلق بدولة وإجراءات”. ولم يذكر موعدا محددا لتطبيق التسقيف.
وأضاف أن أصحاب الشركات وافقوا على ذلك بعد جولات مفاوضات بينهم وبين الحكومة “لكنني خائف إذا لم نطبق التسقيف أن يتراجعوا”. وفي وقت سابق، حدد الداودي منتصف مارس الحالي موعدا لتطبيق التسقيف. وقال يوم الجمعة “إذا لم يطبق أواخر مارس الحالي سيطبق منتصف أبريل المقبل لأننا اعتمدنا فاتورة نصف شهرية”. وقال “الأمر لا يتعلق بي لأنني لا أمثل الحكومة لوحدي”. وثارت مشكلة أسعار المحروقات في المغرب، الذي يستورد تقريبا كل حاجاته من الطاقة، مع تحرير الحكومة القطاع في 2015 ورفع الدعم عنه في إطار خطة لإصلاح صندوق المقاصة الذي كان يعاني من عجز كبير. ويدعم صندوق المقاصة أيضا مواد أخرى مثل زيت الطهي والسكر والدقيق وغاز الطهي. وتقول الحكومة إن إصلاح الصندوق مكَّنها من تقليص تكاليف الدعم بنسبة تزيد عن 70 في المئة مع هبوطها إلى 13.7 مليار درهمبرسم قانون مالية 2018، من 55 مليار درهم في 2012. وقال الداودي “لو استمرينا في دعم المحروقات سيكون المستهلك هو المتضرر الأكبر لأننا نضطر للاقتراض من أجل مواصلة الدعم”. وعن استفادة المغرب من تطبيق إصلاحات لتحرير السوق أوصى بها صندوق النقد الدولي، قال الوزير “يجب أن نختار بين أمرين أحلاهما مر.. ليس هناك خيار آخر.. الدولة كانت على حافة الإفلاس”. وأضاف قائلا “بعد التحرير استطعنا تقليص العجز من 7.8 إلى 3.5 بالمائة وهذا أمر ليس سهلا.. كان يجب أن نسد كل الثغرات من تسديد ديون وتقليص الضرائب.. هذا أمر ليس بيد الحكومة إذا ارتفعت أسعار البترول في الأسواق العالمية”. وقال الداودي “بصفة عامة نسب التضخم في المغرب متحكم فيها والحكومة تعمل ما بوسعها للمحافظة على القدرة الشرائية للمواطنين”. ووفقا لإحصائيات المندوبية السامية للتخطيط فإن التضخم المقاس بالمستوى العام للأسعار ارتفع من 0.8 بالمئة في 2017 إلى 1.7 بالمائة في 2018. ومن المتوقع أن يتراجع إلى 1.3 بالمائة في 2019. وعن المأزق الذي وصل إليه الحوار المجتمعي بين الحكومة والنقابات ، قال الداودي “نحن بصدد المناقشة مع النقابات من أجل تحسين ظروف عيش المواطنين، لكن هذا لا يجب أن يمر من الزيادة في الأجور”. وأضاف قائلا “يجب تحسين خدمات الصحة والتعليم والسكن، خاصة بالنسبة للطبقة المتوسطة ومن ثم مكافحة الفقر… حل إشكالية القدرة الشرائية يجب تناوله من عدة زوايا لا يمكن حصرها في الأجور”. وتحدث أيضا عن رفع دعم صندوق المقاصة في المستقبل عن السكر وغاز الطهي مؤكدا أن هذا سيتم “على المدى المتوسط وسيخفف العبء على الفقراء والطبقة المتوسطة”. وكان مجلس المنافسة، وهو هيئة تنظيمية، قد اعتبر أن قرار وضع سقف للأسعار “غير قانوني ولا يستجيب لقانون حرية الأسعار والمنافسة”. وأوصى “بتحسين المنافسة وزيادة السعة التخزينية للمحروقات”. وقال إدريس الكراوي رئيس مجلس المنافسة للصحفيين “التسقيف يشكل تدبيرا تمييزيا يطبق بدون استثناء على كافة المتدخلين في القطاع مهما كانت أحجامهم، وهذا يمثل خطرا حقيقيا قد يضر بالمتدخلين الصغار والمتوسطين الذين تتصاعد هشاشتهم… مما يؤثر سلبا على الرؤية المستقبلية للمتدخلين في القطاع”. وعلق الداودي قائلا إن رأي مجلس المنافسة “يبقا محترما” لكنه أضاف أن المجلس “لا يمكنه أن يعطي دروسا للحكومة”. ويستورد المغرب 93 في المائة من المنتجات النفطية المكررة بعد إغلاق مصفاته الوحيدة (سامير) بسبب عدم سداد ضرائب، وهو عامل ساهم في ارتفاع فاتورة ورادات البلاد من الطاقة إلى 82.3 مليار درهم في 2018 من 69.5 مليار في 2017.