ما الذي يمكن أن تفعله شركة ناشئة في (وادي السليكون) حين تقرر شركة عملاقة مجاورة في الصناعة أن تتبع الفكرة نفسها؟ في العادة تختلط مشاعر مؤسسي المشاريع الحرة في مثل هذه الظروف، حيث إن تبنّي أفكارهم من قبل شركة لها باع أطول في التسويق، يمكن أن يعمل على توسعة السوق بصورة دراماتيكية. وفي الوقت ذاته، فهم يخشون من أن يتم طمسهم إذا ما شفطت المنافسة العملاقة المستخدمين، وأصبحت (قاتلة للفئات). واضاف تقرير نشرته صحيفة الفايننشال تايمز حول الموضوع، كذلك كانت الحال بالنسبة لمؤسسي شركة إيفرنوت – Evernote، وهي خدمة لتدوين وحفظ الملاحظات على الشبكة، حين حاولت شركة جوجل التعريف بخدمة مماثلة من حيث المبدأ، "دفتر جوجل – Google Notebook". كان لدينا العديد من التساؤلات بشأنها"، كما يعترف فيل ليبين، وهو الرئيس التنفيذي. لقد كانت الفكرة الأولية هي أن شركة جوجل لا يمكن أن تخطئ، فقد كان يتعذّر إيذاؤها، وكل ما نفعله يمكن أن يكون رائعاً. لكننا شعرنا أننا نمارس أشياء مختلفة، وكانت بكثير من الجوانب أفضل، ولم يكن في وسعنا إضاعة الكثير من الوقت خوفاً من شركتي جوجل أو مايكروسوفت، أو أي شركة أخرى، لأن هذا لن يفيدك في شيء. واستمرت شركة إيفرنوت، ومقرها سنيفيل، في تطوير منتجها، بينما شركة جوجل، ومقرها ماونتن فيو المجاورة، أخذت على عاتقها بعض التطويرات المقارنة. وأخيراً، في شهر كانون الثاني (يناير) من هذا العام، أعلنت جوجل أنها ستوقف تطويرها لخدمة دفتر Notebook. ومع هجوم الكساد، حوّلت شركة جوجل اهتمامها إلى ما اُعتقد أن من الممكن أن يكون تكنولوجيا أكثر نجاحاً. وفشلت خدمة الدفتر – Notebook، في جذب حشود من المستخدمين، الأمر الذي ترك مستخدميها متسائلين ما إذا كان ما يزال عليهم جمع بياناتهم على الشبكة باستخدام منتج ساكن. وتبيّن أن هنالك أموراً يمكن لشركة جوجل السير بها على نحو جيد بصورة استثنائية، وهنالك مشاريع أخرى لم تسر على ما يرام، وذلك يفسح المجال للكثير من الفرص، كما يقول ليبين. وفي النهاية، كانت هنالك حتى مكاسب مفاجئة لشركة إيفرنوت، عملت سريعاً على تطوير برنامج من أجل تحويل كل البيانات التي كانت تعمل على برمجية جوجل، واستيرادها لتعمل على برمجية إيفرنوت، وقدمته لمستخدمي جوجل. وتمت إضافة ما يزيد على 100 ألف مشترك إلى خدمة شركة إيفرنوت. وبالتالي يمكن القول إن شركة جوجل ساعدت في نمو السوق، ومن ثم أعادت العديد من زبائنها إلى الشركة الناشئة. إن آخرين ممن تقاطعت أفكارهم مع طموحات شركة جوجل لم يحققوا النجاح المطلوب. خذ دودج بول – Dodgeball، وجايكو – Jaiku، خدمتان متماثلتان لخدمة التدوين الأرشيفي الصغير "تويتير – Twitter". اشترت جوجل خدمة دودج بول في عام 2005، ولكنها لم تفعل شيئاً بالخدمة، وغادر مؤسسوها في عام 2007، مخذولين بسبب نقص الاهتمام الذي ناله منتجهم. وتم شراء خدمة جايكو كذلك في آونة لاحقة من ذلك العام، ولكن فشلت كذلك في تحقيق النجاح في شركة جوجل. وتم إطلاق سراح خدمة جايكو من قبل شركة جوجل في شهر كانون الثاني (يناير) الماضي، كبرنامج مصدر مفتوح ليقوم بتطويره من يرغب في ذلك، بينما تم إغلاق خدمة دودج بول، وأخيراً، بالكامل، في هذا الشهر. وفي غضون أيام، أطلق مؤسسوه منتجاً جديداً يُدعى "المربع – Foursquare"، وعملوا بعد أربعة أيام على إعادة تشغيل فكرتهم، لخدمة من نوع تويتير ترتكز على الموقع. ويشعر ليبين أن تخلي شركة جوجل عن خدمة نوتبوك، وبعض الإخفاقات البارزة لخدمات الشبكة، جعلت المستهلكين أكثر حذراً عندما يتعلق الأمر باستيداع بياناتهم "لحوسبة معتمة"، بينما يتم حفظ المعلومات في مراكز بيانات بعيدة، بدلاً من وضعها على شبكة الشركة الداخلية، أو على القرص الصلب للمستخدم. واتسم هذا العام بخسارة كبيرة في خدمة البريد الإلكتروني جي ميل - Gmail الخاصة بجوجل، بفقدان البيانات غير القابلة للاسترجاع، حين تلفت قاعدة البيانات لخدمة تدوين الملاحظات "ما جنوليا – Ma.gnolia"، والتقارير التي وردت بشأن إخفاق المعدات في الخدمة الاحتياطية على الشبكة "كاربونايت – Carbonite"، وإغلاق قاعدة التدوين الأرشيفي "جورنال بيس – Journalbase"، بعد أن دُمرت قاعدة بيانات مدونات مستخدميها. لقد أخذ الناس ذلك النوع من الخدمات كأمور مسلّم بها، ولكن اختلف الأمر في الوقت الراهن"، كما قال ليبين. ربما أن تحدي التسويق المركزي لشركة إيفرنوت، وأي شركة أخرى كذلك هذا العام، يكمن في كيفية جعل الناس مرتاحين بشأن نشاطهم العملي، وسياسة الخصوصية وحمايتك وشبكتك البينية، والقدرة على التداخل فيما بين الخدمات والبرمجيات المختلفة، وإنها مسألة كبيرة. شركة إيفرنوت تسمح لمستخدميها بتركيز اهتمام على نص معين، وصور على صفحة على الشبكة، والضغط على زر معيّن في متصفحهم من أجل حفظ البيانات، وعنوان الصفحة الإلكترونية على خادم إيفرنوت، أو القرص الصلب المحلي. وبعيداً عن الزر، فإن مقلمة الشبكة – web clipper، يمكن للمستخدمين زيارة موقع إيفرنوت الإلكتروني من أجل أن يتفقدوا ما حفظوا من البيانات، ولإضافة بطاقات معنونة، أو من أجل فتح تطبيق سطح المكتب على كمبيوترات ويندوز أو ماكنتوش. وهنالك أيضاً تطبيق لجهاز الآي فون الذي يحفظ ويعرض البيانات. يمكن طباعة الملاحظات والوثائق، والعروض التقديمية، والجداول، وإضافة الصور. وتتم مزامنة المعلومات عن طريق خوادم إيفرنوت، لكي تكون هنالك المجموعات ذاتها من البيانات على كل تطبيق. نحن نسمح بالاستيراد والتصدير الكامل للبيانات، فأنت تملك البيانات الخاصة بك، والمعلومات التي تضعها هناك سوف تجديك نفعاً، حتى لو أن إيفرنوت كشركة لم تعد موجودة، وبالرغم من ذلك، بالطبع، فأنا أقضي الكثير من الوقت وأنا أتأكد من بقاء الشركة، كما يقول الرئيس التنفيذي. لقد كانت الشركة موجودة تحت اسم إيفرنوت منذ عام 2002. وفي السابق، طوّر مؤسسها، ستيفان باتشيكوف، عالم كمبيوتر روسي، برمجية لإدراك كتابة اليد لجهاز نيوتون المحمول باليد من شركة أبل في فترة الثمانينيات، والتسعينيات من القرن الماضي. واستمر في تطوير إدراك الرموز البصرية (optical character recognition – OCR)، وتكنولوجيا إدراك الكتابة المكتوبة باليد بعد توقف جهاز نيوتون، وإحدى المزايا الفريدة لشركة يفرنوت هي قدرتها على إدراك النصوص الموجودة داخل الصور. وانضم ليبين، الذي يحب أن يبيّن كيف يستطيع أخذ صورة من بطاقة عمل عن طريق جهاز الآي فون الخاص به، ومن ثم العمل على قراءة النص المكتوب إلكترونياً، وحفظه كجهة اتصال، كرئيس تنفيذي في صيف عام 2007، من أجل مساعدة شركة إيفرنوت على إيجاد منتج ذي اتجاه سائد. لقد كان يعمل في شركة بوسطن للبرمجيات الأمنية، ولكنه أصبح مهتماً بتطوير المساعدة في زيادة الذاكرة للمستهلكين. واضاف ليبين، نسعى إلى أن نكون معادين للاجتماعية: على ما يبدو أن كل شيء آخر حينما بدأنا كان نوعاً من التشبيك الاجتماعي، وهو منتج ليراه الجميع. وفكرنا أنه لابد أن يكون ما يزال هنالك أناس يقدرون ما في عقولهم، ولا يريدون مجرد شيء ليظهروه إلى أصدقائهم. شعبية تطبيق الآي فون ساعدت الخدمة على الوصول إلى 700 ألف مستخدم مع بداية العام، والهدف هو مليونا مستخدم مع نهاية عام 2009. وسيتم إطلاق نسخة خاصة بالمملكة المتحدة في الربيع، وأخرى روسية في آونة لاحقة من هذا العام. وتشمل الخدمات الاستثنائية على خدمة تخزين الملفات، وتزامن البيانات. وفي النهاية، هنالك التفاتة إلى التشبيك الاجتماعي أيضاً، الأمر الذي يعني أن ليبين قادر على مشاطرة مذكرات إيفرنوت مع أصدقائه، بينما يمكن للزملاء مشاطرة الملاحظات، والتعاون بخصوص المشاريع. إنه تزامن اجتماعي، أو يمكن القول إن ذهنين، أو أكثر، أفضل من واحد. دوّن ملاحظاتك بصورة مثالية: برمجية تساعد الناس على تنظيم حياتهم العملية، حيث اتحدت شركة إيفرنوت مع حركة برمجيات متنامية تسعى إلى تخليص العاملين من أعباء البيانات المتزايدة، وإيجاد التنظيم للأذهان والمكاتب غير المنتظمة. أما في القمة التدشينية ل "إتمام الأمور –Getting Things Done" في سان فرانسيسكو هذا الشهر، فقد كانت شركة إيفرنوت من بين العارضين، تُظهر ادوات مفيدة لتابعي إنتاجية المرشد المعلم "ديفيد ألين"، مؤلف الكتاب الذي حقق أفضل مبيعات تحت العنوان نفسه: "تابعو إنتاجية المرشد المعلم ديفيد آلان – Followers of Productivity Guru David Allen". وشمل عرض البرمجيات في قمة إتمام الأمور، تطبيقات كونولايف – Konolive، ونوزبي – Nozbe، ورايك – Wrike، لإدارة الوقت والمشاريع، ومايندجيت – Mindjet، وصور ذي برين دوت كوم – TheBrain.com، لعمليات تفكير المستخدمين. وأطلقت شركة إيفرنوت في الآونة الأخيرة برنامجها للسماح لمطوري الطرف الثالث بدمج وظائفها مع تطبيقاتهم. كان كيريو – Curio، وهو تطبيق لرسم خرائط الدماغ وارتجال الأفكار الفجائية، أحد أول التطبيقات التي تعاونت مع شركة إيفرنوت، وربط بيانات مستخدميه ببرمجية إدارة المهام الخاصة بخدمة إيفرنوت. لقد تجاوزت شركة إيفرنوت خطراً يلوح من خدمة نوتبوك من شركة جوجل، وعملت على تمييز نفسها عن منتج مايكروسوفت "ون نوت – OneNote، ولكن لا تزال تواجه تحديات من منافسين وتكنولوجيا جديدة. فقد أطلقت شركة ريجال – Regall، نسخة مؤيدة لمنتجها اليوم، حيث تستخدم الصوت، والبريد الإلكتروني، والنصوص، أو الرسائل الفورية، من أجل الحصول على الأفكار، بينما تستخدم ماسح ضوئي "سكانر Scanr" وكاميرا الهواتف الجوالة من أجل مسح، ونسخ، وإرسال الوثائق عبر الفاكس، وشرائح العروض التقديمية، وبطاقات الأعمال.