كشفت عدة جهات مراقبة وقضائية دولية أن شركات التبغ شنت على الدوام حربا شرسة على الجهود الرامية الى محاربة التدخين. واعتمدت الكذب والرشاوى والإغراء والتضليل والضغط على الحكومات وأصحاب القرار للوصول الى أهدافها عبر العالم. صناعة التبغ خدعت المدخنين أكدت محكمة الاستئناف في العاصمة الأميركية واشنطن، مستهل هذا الشهر، أن صناعة التبغ خدعت المدخنين عن قصد ومعرفة سابقين عبر التوافق على تسمية أنواع من الدخان لايت (خفيفة)، في حين أن أضرارها الصحية لا تقل عن أضرار السيجارة العادية بل تفوقها أحيانا. وثبّتت هذه المحكمة التي تحكم في الشكل فقط قرار المحكمة الابتدائية الصادر في آب 2006 والذي اعتبر أن شركات السجائر كذبت، بالتوافق وبعلم مسبق طوال عشرات السنين في شأن عواقب التبغ الضارة. وأوضحت محكمة الاستئناف أن المحكمة الابتدائية لم ترتكب أي خطأ قانوني لدى اعتبارها أن المسؤولين الكبار (في صناعات التبغ) كانوا يعلمون سلفاً أن إعلاناتهم مغلوطة. وثبّتت حكم القاضي الفيديرالى في المحكمة الابتدائية بإلزام الشركات إزالة العبارات الخادعة مثل خفيفة أو طبيعية عن علب الدخان. استهداف الأسواق الهشة طالبت التوصيات الجديدة لمنظمة الصحة العالمية الحكومات برفض جميع أشكال الشراكات والتعاون مع شركات التبغ، وأن تتجنب تلك الدول الاستثمار في صناعة التبغ وأن تسمح لتلك الصناعات بالمثول لدى أجهزة المراقبة. وحسب المنظمة فإن مراقبة التبغ تتجه مبدئيا ضد مصالح صناعة التبغ. و قالت المنظمة إن الشركات المنتجة للسجائر قد غيرت أسواقها بسبب ازدياد السياسات المحاربة للتدخين في كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا ، وأضافت المنظمة في تقريها الصحي لسنة 2008 أن تلك الشركات أخذت في توجيه مادتها السامة نحو جهات أخرى من العالم حيث الهشاشة القانونية والرقابية وخاصة دول حوض البحر الأبيض المتوسط وآسيا وأفريقيا. وقالت المنظمة أن المناطق المستهدفة من طرف تلك الشركات تشمل 21 دولة من بينها المغرب. ضد عولمة وباء التبغ وأكدت منظمة الصحة العالمية في نفس التقرير أن شركات التبغ قد خالفت السياسات التي وضعت لمراقبة التبغ على المستوى العالميّ، وشددت في تقرير لها صدر قبل أسابيع في نيويورك بأنه في نونبر الماضي ، اتفقت 160 دولة على تبني عدد من التوجيهات التي تدخل في إطار معاهدة منظمة الصحة العالمية والمتعلقة بالتبغ والتي دخلت حيز التنفيذ مند .2005 وتهدف هذه التوجيهات حسب ذات المصدر إلى وضع حد لعدم احترام السياسات المتعلقة بالصحة من طرف صناعة التبغ، والى تنفيذ المعاهدة حول التبغ. وأعلنت المنظمة في تقريرها حول التبغ، أن صناعة التبغ قد أساءت استعمال سلطاتها الاقتصادية وشكلت لوبيا ضاغطا واعتمدت إستراتيجية تسويقية ووظفت وسائل الإعلام للتقليل من شأن الأبحاث والتشويش عليها، وأثرت في الحكومات من أجل الترويج للتبغ. وأوضح التقرير أن صناعة التبغ تختبئ وراء الأعمال الخيرية لتمرير صورة إيجابية عنها من أجل الإفلات من المراقبة . واتفاقية المنظمة العالمية للصحة حول التبغ، يضيف التقرير، لها دور تسليط الضوء على ما أسمته المنظمة بـعولمة وباء التبغ وتهدف الى تأكيد الحق المشروع في مستوى من الصحة أكبر ما أمكن. الحرب على جهود الحد من التدخين ومنذ دخوله حيز التنفيذ في 2005 تعرض الاتفاقية العالمية حول التبغ، يضيف تقرير المنظمة، لضربات ممنهجة من طرف الشركات الدولية المتعددة الجنسية، مشككة في الحملات الكبرى لتلك الشركات مثل: Philip Moris international , Britich Tobacco (BAT) et Japan Tobacco/ وهذه الشركات ،تضيف المنظمة، حاولت هي نفسها صياغة القوانين حول مراقبة التبغ، وقامت بكل شيئ من أجل إفشال تبني تشريع لعالم بدون تبغ، مدعية تبني المسؤولية الاجتماعية لتحويل القوانين المتعلقة بمنع الإشهار، تضيف المنظمة. الحرب على الفتاوى أكدت منظمة الصحة العالمية في تقريرها الإقليمي صوت الحقيقة أن شركات التبغ العالمية تضع خططا لمواجهة فتاوى تحريم التدخين في دول الشرق الأوسط، وتحد من سنِّ تشريعات صارمة تنظم أنشطة الشركات المصنعة للتبغ. وذكر التقرير الإقليمي للمنظمة، الذي كشفت عنه في المؤتمر الذي أقيم بمقرها بالقاهرة سنة 2001 حسب ما أورده موقع إسلام أون لاين ، أمثلة على مخاوف شركات التبغ من الإسلام من واقع بعض ما يُنشر على المواقع الإلكترونية لهذه الشركات، فقد ذكر على سبيل المثال أن شركة براون وويليامسون أصدرت تقريرا مهما عام ,1984 قالت فيه: إنه يتواصل الضغط على التدخين، ويكرر الخطباء في خطب الجمعة أن التدخين حرام. كما كانت إحدى الإستراتيجيات التي اتبعتها مجموعة فيليب موريس للتبغ لعام 1987 العمل هي إنشاء نظام يمكنها من قياس الاتجاهات السائدة في موضوع التدخين والإسلام، والتعرف على القادة الدينيين الإسلاميين الذين يعارضون تحريم التدخين، وتشجيعهم وتقديم الدعم لهم!. وحرصاً من الشركة على تجميل صورتها في الأوساط الدينية، نشرت أنباء تفيد أنها تنوي تقديم تبرعات خيرية للمؤسسات الإسلامية. ففي عام 1989 مثلا غطّت وسائل الإعلام بشكل مكثف في بلدان دول الخليج ما قدمته شركة فيليب موريس من مساهمات لدار القرآن، وهي مؤسسة ثقافية إسلامية في البحرين. رشاوى ودعم للمجلات من ناحية أخرى، ذكر تقرير منظمة الصحة العالمية أن شركات التبغ العالمية تقوم برشوة بعض العلماء والأطباء والإعلاميين بهدف الترويح لوجهة نظر هذه الشركات الخاصة بعدم ضرر التبغ، وهو ما يفسر قيام بعض الخبراء في مجال الصحة بكتابة مقالات يزعمون فيها أن هناك فوائد للتبغ، ونشر صحفيين لموضوعات يهاجمون فيها تدخل منظمة الصحة العالمية في مسألة منع التدخين، زاعمين أن ذلك إنفاق لأموال المنظمة في غير محله، في حين أن المطلوب هو أن تهتم فقط بالأمراض، مثل داء فقدان المناعة المكتسبة (الإيدز) وغيره. وكشف نوربارت هيركهورن وهو أحد خبراء المنظمة في أمريكا بالوثائق، عن أن بعض الخبراء الصحيين والصحفيين يحصلون على مرتبات ثابتة ورشاوى لكي يتحدثوا بما يتماشى مع مصالح شركات التبغ. وضرب هيركهورن خلال ورقة عمل قدمها ضمن مؤتمر منظمة الصحة العالمية بالقاهرة أمثلة على شراء ضمائر صحفيين وعلماء، بالقول: إنه يمكن تتبع ذلك من خلال ما ينشر مؤيدا لشركات التبغ، وتعقب تاريخ من كتب ذلك؛ إذ موّلت شركات التبغ مجلة جديدة تسمى مجلة الصحة والتنمية تنشر مقالات ضد منظمة الصحة العالمية، وقال: إنه بالبحث وراء من يكتبون في هذه المجلة، وجد أنهم يعملون مع شركات التبغ، ويحصلون على مرتبات عالية منها.