ذ: زايد جرو وجه من وجوه تدغى تعيش تدغى الحالية أوضاعا عبثية وحالات نفسية عصيبة تعني الشيء الكثير للعقلاء الذين يتحسرون ويئنون صامتين على مُثل وقيم قد تصير من الماضي القريب لأسباب اختلاقية، باركتها وسائل التواصل ،وصمتت عنها السلطة، لتُتْرك كل قبيلة تُقاتل عن إطاراتها ومؤسساتها القديمة فتمتد جغرافيتها البيئية التقليدية القديمة و العتيقة إلى مناطق أكثر تحضرا ، بالاحتكام إلى العرف الذي كان مصدرا من مصادر قوة الحكم ، وإحدى الأطراف في التسوية ،لأن القبيلة في الماضي كانت حواجز بشرية وطبيعية تمنع الوصول أو المرور وهي عقبة حقيقية وعسيرة في وجه كل المحاولات التي تأتي من كل وافد غريب فاعتُبرت بذلك أس الزاوية في أي مقاربة سوسيولوجية ،ولعل المبالغة في التشبث واعتناق هذه القيم القبلية هو منشأ الصراع ، والمُطلع والمُتتبع لما يكتب في الجرائد الالكترونية والورقية قد يجعل البعيد والقريب يتخوف من زيارة ذويه لصلة الرحم وينفر من زيارة فضاء أمكنة تدغى ويتأفف من أهاليها ،وهي نظرة أحادية وقاصرة، فالمكان فيه من الحسن والجمال ما عجز عن وصفه الواصفون:واحة مكسوة بالنخيل والزيتون وواد ،به الفضل يزيد ،يهيم بخريره الحالمون ... ، المدينة ملكت المحاسن بظل صانعها الرحمان ، وهي بلدة تنزع الإعجاب من باقي البلدان ... هي الصور التي يجب أن يحتفظ بها كل ساكن وزائر لتدغى أو تنغير أو تن إغير رغم اختلاف التسميات التي لا تدل إلا على شهرة المسمى، و هو الوجه الحقيقي للمدينة لا وجهها المختزل حاليا في الصراع . الوجه الآخر والحقيقي للمكان ينطلق أساسا باستحضار مشاهد حية من التراث قلما نجد لها نظيرا في البقاع ، وما زالت مستمرة رغم كل التحديات ويمكن اختزال هذه المناظر في الأتي : المنظر الأول :النظرة الجماعية للمأتم، والتأبين حيث يجتمع الناس في المساجد على البساط والبساطة يواسي بعضهم البعض لمدة ثلاثة أيام تخفيفا على الأهالي.... المنظر الثاني: الرغبة في الحفاظ على الأسرة الممتدة التي تعيش ضمن بيت واحد تتعدد فيه الأفواه وتُسند فيه الأدوار للآباء والأجداد حفاظا على قيم دينية مبنية على طاعة الوالدين.... المنظر الثالث: لما اشتد غضب الطبيعة وجفت الآبار وشحت المياه و جفت ينابيع الوصال وعطشت واحات اللقاء رحل الآباء بنوع من التحدي خارج الوطن ليكدوا ويتعبوا بنوع من التسامي على النفس تاركين الزوج والأبناء في سبيل عيش أفضل فعملوا وأرسلوا كل ما هو جميل ونافع من أجل أن تستمر حياة الأبناء و يستروا عيب الأخ والأخت والجد والجدة.... ألا ننحني لهذه التضحية في زمن الفردية والنفعية .... المنظر الرابع :العمل الجماعي على إطعام ثور القبيلة ليبقى لها شأن عظيم به، يأكل من لحمه وشحمه كل الناس في المناسبة الدينية ،..... التمر واللبن والشاي وبعض الحلويات على بساطة صنعها هي طعام الضيف قبل الوجبات ... الناس على شفاههم ابتسامة ود وعلى مُحياهم القبول والتبشير ، تمر وتوزع السلام يمينا ويسارا.... فكيف يُنعت المرء في باقي المدن المغربية إذا قام بنفس السلوك.....يجتمع الناس في الأعراس والمناسبات دون تحديد زمن الدعوة ،ولا مدتها ،ولا عدد الناس المدعوين ، والاستضافة قد تدوم لمدة أسبوع أو تزيد ..وقس على ذلك ماعجزْت عن ذكره أو وصفه .. إنها الأوجه التي يجب استحضارها في زمن الرداءة للعودة إلى الصواب والرشد ، ولا عيب أن نعود لماضينا بل لم يخطئ بعض السلفيين الذين يلحون على أن داءنا يكمن في ابتعادنا عن قيمنا، وأن دواءنا هو التشبع بهذه القيم فبتاريخنا نسود وبه نبني ذواتنا، فيجب إعادة النظر في السلوكيات العنيفة فهي ليست ضربا من الترف الفكري أو البلاغي، فالعنف بين القبيلة نفسها سلوك دخيل ويجب ألان نستبلد سلوكياتنا ونعلل ما لا يحتاج إلى التعليل فنفقد كل الثقة والأمان . فيجب ألا نجزع لحادثة الليالي فما لحوادث الدنيا بقاء ،ومن رضي بما قسم الله له استراح قلبه وعقله، فكم من لذة ذهبت شهواتها و بقيت تبعاتها وإ ذا دعتك قدرتك على ظلم الناس تذكر قدرة الله عليك ،وإن أذنبت فتبْ، وإن أسأت اتخذ من الحكمة لجاما...،ربنا لا تزغ قلوبنا بعد أن هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة . والسلام عليكم.