رندى حيدر عبّرت تعليقات الصحف الإسرائيلية أمس، عن القلق الإسرائيلي من أن تتحول مصر من "دولة تصدر النفط والغاز" الى دولة "تصدر عدم الاستقرار في الشرق الأوسط" على حد قول أحد الصحافيين الإسرائيليين، وان تنعكس حال الفوضى في مصر على إسرائيل. وبدا واضحاً حجم القلق الذي سببه تخلي الإدارة الأميركية عن حسني مبارك وتداعياته في المنطقة. وعن هذا الموضوع كتب البروفسور أبراهام تسفي في صحيفة "إسرائيل اليوم" أمس: "من أهم السمات التي ميزت الديبلوماسية الأميركية في الشرق الأوسط في العقود الأخيرة، الانتقال من مرحلة الواقعية السياسية التي تهدف الى تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، الى عصر المثالية السياسية التي ترغب في التبشير بالديموقراطية الغربية داخل العالم الإسلامي. الأسبوع الماضي تخلت إدارة (الرئيس الاميركي باراك) اوباما تدريجاً عن سياستها السابقة حيال مصر، لتحل محلها فجأة مجموعة من الأفكار العامة الأخلاقية والقيمية، والقائمة على فرضية أن اجراء الانتخابات في مصر سيعجّل في نشوء سلطة تعددية وديموقراطية في بلاد النيل. وهذا تبدل كبير. ففي البداية اعطت سياسة إدارة اوباما حيال مصر الأولوية للأهداف الاستراتيجية على الرؤية الايديولوجية. فقد سبق لأوباما ان تعهد امام شعبه قبل فوزه بالرئاسة الخروج من العراق وأفغانستان، وكان طبيعياً بالنسبة اليه أن يطلب من حلفائه في مصر والسعودية تحمل مسؤولية الدفاع عن الشرق الأوسط في مواجهة مخاطر الراديكالية الإسلامية والإرهاب. وحتى الأسبوع الأخير، لم تتوقف واشنطن عن تضخيم الدور المصري في سياستها الإقليمية ضد إيران. ولم تأت على ذكر الاصلاحات في مصر إلا لماماً. وحتى عندما بدأت التحركات ضد مبارك، رفض نائب الرئيس جو بايدن وصف سلطة مبارك بأنها سلطة تعسفية. ولكن بعد مرور ثلاثة أيام، تحولت واشنطن عن سياستها الأولى، وتخلت عن أكبر وأهم حليف استراتيجي لها. صحيح أن تخلي الإدارة الأميركية عن مبارك لم يأت من فراغ وإنما جاء على خلفية التصعيد الذي شهدته الأزمة المصرية والعدد الكبير للضحايا التي سقطت، ولكن هناك فارق شاسع بين المسعى الأميركي لمساعدة مصر على القيام بالاصلاحات، والتهديد العلني بتعليق المساعدات إذا لم يبدأ الاصلاح السياسي الحقيقي في مصر. واياً تكن الأسباب التي أدت الى التخلي عن مبارك، فإن السؤال الذي يطرح نفسه على إسرائيل مستقبلاً هو مدى صدقية الولاياتالمتحدة قوة عظمى. فالتخلي الأميركي من طرف واحد عن مبارك ستكون له نتائجه السيئة، وخصوصاً في حال قيام حكم يعيد زمن الثورة الناصرية التي كانت شديدة العداء للغرب. لذا، حتى لو كنا نؤمن من حيث المبدأ بحق المصريين في الحرية، فإن الاعتقاد الساذج أن في الامكان استنساخ النموذج الغربي للديموقراطية في نظام تختلف فيه قواعد اللعبة اختلافاً كبيراً، من شأنه أن يتسبب بكارثة للمصالح الأميركية في الشرق الأوسط السني كله". ---------------------------