وجد المغاربة أنفسهم، في الأسابيع الأخيرة، أمام موجة إرتفاع صاروخي في أسعار الشاي، الذي يعد جزء من تراث هذا البلد، حيث لا تستقيم أي جلسة، أو تجمع، أو لقاء من دونه. بشكل مفاجأ، أخذت أثمان الشاي في المغرب منحا تصاعديا، إلى درجة جعلت فئة عريضة من المواطنين تلجأ إلى اقتناء أنواع ليست ذات جودة عالية، أو بالتقليل من استهلاكه، علما أن الإقبال يتزايد عليه في أيام عيد الأضحى. وفاقت الزيادة في الثمن الأصلي لأحد أنواع الشاي المستورد ذو الجودة العالية ما بين 20 و30 درهم (ما بين 3 و4 دولارات)، في حين توزعت الزيادة في أسعار منتوجات أخرى ذات جودة أقل ما بين 10 و15 درهما (دولار ونصف ودولارين). وأرجأ مصطفى عنداري، مهتم وناشط في مجال حماية المستهلك، هذه الزيادات الصاروخية إلى قلة المنتوج، الذي يجري استيراد الجزء الأكبر منه من شرق آسيا. وأوضح أن "سوء الأحوال الجوية التي تشكو منها البلدان المصدرة للشاي جعلت الإنتاج يقل، خاصة أن نسبة مهمة من المحصول تضررت، وبالتالي انعكس ذلك بشكل سلبي على حجم الصادرات". وذكر الناشط في مجال حماية المستهلك أن الارتفاعات بلغت بالنسبة لبعض المنتوجات، خاصة الشاي الصيني، نسبة فقات 40 في المائة، مرجحا عودة الأثمان إلى سابق عهدها مستقبلا. ورغم هذا العائق، يتوقع أن يستورد المغرب أزيد من حوالي 60 ألف طن من الشاي الصيني الأخضر. ويستهلك المغاربة 1.8 كيلوغرام للفرد من الشاي سنويا، وهو أعلى معدل لاستهلاك هذه المادة، الحاضرة باستمرار في موائد الأسر، منذ منتصف القرن التاسع عشر. ومنذ 1993، تاريخ تحرير استيراد الشاي، يشهد استهلاك هذا المنتوج نموا متواصلا، كما تشهد على ذلك العلامات، البالغ عددها حاليا 300 نوع، وعدد المستوردين، البالغ 50 مستوردا من الصين وحدها. وتتقاسم السوق بحوالي 60 في المائة، مجموعتان كبيرتان هما ميدو فود كومباني، وسوماتيس، التابعة لمجموعة هولماركوم، التي فازت في عملية خوصصة المكتب الوطني للشاي والسكر، وكان هذا المكتب المحتكر الوحيد للشاي، لما يناهز 35 سنة. حسب نائب محافظ متحف الشاي بهانجو، عاصمة مقاطعة تشجيانغ، يظل المغرب، على الدوام، أهم وأكبر سوق لبيع الشاي الصيني، إذ أن "المغاربة أصبحوا حاليا معتادين على نوعية الشاي الأخضر، التي تزودهم بها الشركات المغربية المستوردة، التي تقوم باختيار النوعيات والمواصفات، وحتى التعليب الذي يجري في الصين". وأضاف المسؤول أن غالبية الاستهلاك المغربي من الشاي تستورد من تشجيانغ، نظرا لأن طعم ومذاق هذا الشاي ملائم للمستهلك المغربي، على خلاف أنواع أخرى لا تستهوي المستوردين، وتوجه، أساسا، إلى اليابان، أو الولاياتالمتحدة، أو الاتحاد الأوروبي. وقال المسؤول إن أنواع الشاي تختلف من حيث الجودة، فالأنواع الرخيصة تبدأ من دولار واحد للكيلوغرام، أما الأنواع الجيدة فتصل إلى 600 دولار وأكثر للكيلوغرام الواحد. يشار إلى أن المغرب يظل في صدارة البلدان المستوردة للشاي الصيني الأخضر، باستيراد 58 ألفا و500 طن، من هذا المنتوج، سنة 2009، مقابل 55 ألف طن سنة 2008، أي بزيادة تناهز 16 في المائة، بقيمة مالية بلغت 120 مليون دولار. أيمن بن التهامي من الدار البيضاء