في ذلك الفصل الدراسي الفقير الذي يلوذ بقدم الجبل، عرض المعلم الأشيب على تلاميذه أن يشاركوا في كتابة قصة جماعية عن رجل غني سعيد قدم لقريتهم البائسة لينشر الفرح والمحبة. قال المعلم للصغار وهو يفرك يديه باحثا عن دفء: - لنصفه أولا . فكر أحد التلاميذ في لباس الرجل ثم قال: - إنه يرتدي وزرة بيضاء . هم المعلم بالكلام عندما اندفع تلميذ آخر قائلا: -وهو ليس من قريتنا، شعره أبيض كالثلج وبيده قضيب من الزيتون . خلع المعلم وزرته البيضاء ووضع قضيب الزيتون وراء مكتبه المهترئ وقال : هذه ليست أوصاف رجل غني، صفوا لي أملاكه. تحمس أحدهم فقال : - يملك بقرة لا تمرض ولا ينقطع حليبها، بقرة قوية تعود للبيت لوحدها . قاطعه تلميذ آخر قائلا : - وفي بيته شموع كثيرة تجعل القرية في نهار دائم. استأنف التلميذ السابق كلامه: وزوجته لا تمرض تقوى على حمل الحطب ولا ينقطع حليبها وتخبز أرغفة للأسرة دون أن يغمى عليها. في آخر الفصل صاح تلميذ بحماس: -ويمتلك خيوطا يرتق بها نعله وصفيحا لترقيع باب البيت. بتثاقل قصد المعلم مكتبه، ارتدى وزرته البيضاء وتناول قضيب الزيتون من خلف المكتب المهترئ وخاطب تلاميذه يائسا: - كفى لنغير موضوعنا ما عنوان درسنا التالي: صاح التلاميذ وقد أحزنهم أن ينطفئ الموضوع فجأة : - عنوان درسنا القادم: نعيم أهل الجنة. هامش رغم أنف النص: الحق أقول لكم، تحت أضلعنا تتنفس الجنة.