قضت غرفة الجنايات الابتدائية، لدى استئنافية الرشيدية، أخيرا، بإدانة المتهم "موح خ" من مدينة الريش، بإقليم ميدلت، بثلاث سنوات سجنا نافذا، وإدانة أخيه "سعيد خ" يسنتين سجنا نافذا، وبتعوبض 20 ألف درهم لكل واحد من الضحيتين "صباح غ" و"حسن أ" وذلك، من أجل "الاحتجاز، والضرب والجرح بواسطة السلاح، وإهانة الضابطة القضائية عن طريق التبليغ عن جريمة يعلم عدم حدوثها". وتعود الوقائع إلى شكاية كان تقدم بها المتهم الأول "موح خ" (1970 بإملشيل، مقاول، متزوج وأب لطفلين) إلى الضابطة القضائية بالريش، يتهم فيها زوجته (صباح) بالخيانة الزوجية، زاعما أنه لما عاد إلى منزله، مطلع مارس الماضي، وجد ابنيه أنور وسلمى نائمين، فأخذهما إلى منزل عمتهما كي تحتفظ بهما، وشرع في البحث عن زوجته إلى أن اهتدى إليها بمنزل يستغله مكتبا لمقاولته، بعدما سمع صوتا بالداخل، فحمل معه عصا وحبالا، وكبلهما بعد تهديده لهما، وأشعر الشرطة. وعند انتقال الضابطة القضائية، رفقة الزوج إلى المنزل المعني، وجدت الزوجة والشخص الغريب مكبلين من أرجلهما وأيديهما بواسطة حبال بلاستيكية، مطروحين أرضا، وأيديهما إلى الخلف، وهما مرتديان كامل ملابسهما، مع ملاحظة أن منديلا يغطي رأس الزوجة، وملفوفا حول عنقها وفمها وجزء من وجهها، بحيث لا تستطيع معها الكلام... وبعد فك وثاقهما، تبين أن الزوجة تعاني من آلام على مستوى رجلها اليسرى، تمنعها من الوقوف، إضافة إلى آثار احمرار على مستوى وجهها وعينيها، كما عاينت على الشخص الثاني أثار انتفاخ على مستوى جبينه، مع عدم قدرته على تحريك يده اليسرى، جراء الآلام التي يحس بها على مستوى كتفه. فنقلتهما الضابطة القضائية إلى المستشفى المحلي. وبعد فحصهما، أكد الطبيب المداوم أن حالتهما لا تدعو للقلق، فعادت بهما إلى مقر مفوضية الشرطة للبحث في ظروف النازلة. وعند الاستماع ل"سعيد أ" (1981 بأسول، عازب، مياوم) أفاد أنه، مساء ذلك اليوم، كان متوجها إلى منزله، فالتقى بسعيد أخ المشتكي "موح"، فتبادلا أطراف الحديث، نظرا للمعرفة التي تجمعهما مسبقا، وأخبره أنه سوف يغادر المدينة في اليوم الموالي، بعدما قضى العطلة رفقة عائلته، فطلب منه هذا الأخير أن يوصل بعض الوثائق لشخص سيلتقيه بالمحطة الطرقية بمدينة ميدلت، وألح عليه ليرافقه لتسليمه هذه الوثائق، فرافقه إلى حي المسيرة، حيث فتح سعيد باب منزل، وطلب منه الدخول معه، الشيء الذي استجاب له، وبالداخل، التف حوله أربعة أشخاص من بينهم "موح" و"سعيد" إضافة إلى شخصين آخرين أحدهما كانوا ينادونه باسم "علي"، وآخر ملثم، لم يتمكن من تمييز أوصافه، وانهالوا عليه بالضرب، بواسطة اللكم والركل وبعصا أصابته على مستوى الكتف، ثم كبلوه، ووضعوه داخل الغرفة التي وجد بها، قبل أن يخرج "موح" ويبقى الأشخاص الثلاثة يحرسونه. وبعد مدة، عاد "موح" مع زوجته، فاعتدوا عليها، وكبلوها هي الأخرى، مضيفا أنه، قبل تكبيلها، سمع صراخ طفل صغير، وكانت الزوجة تتوسل إليهم، لكنهم كمموا فمها، ثم وضعوها بجانبه، وخرجوا جميعهم، قبل أن يعود "موح" مرفوقا برجال الشرطة. ومن جهتها، أكدت الزوجة "صباح غ" (1988 بجماعة سيدي عياد، متزوجة أم لطفلين، بدون عمل) أن زوجها حضر إلى المنزل، مساء ذلك اليوم، في حدود الساعة الثامنة والنصف مساء، ووجدها رفقة ابنيها بالمنزل، حيث طلب منها الاستعداد لمرافقته قصد معاينة أحد المنازل للانتقال للسكن فيه، ثم خرج مع ابنهما "أنور"، وعاد بعد وقت وجيز، حيث رافقته على متن سيارته حاملة ابنتها "سلمى" على ظهرها، وعند وصولهما، نزل زوجها أولا، وفتح الباب، وعند دخولهما المنزل الذي لم يسبق لها ولوجه، ولا تتوفر على مفتاحه، التف حولها هو وأخواه سعيد وعلي وشخص آخر ملثم لم تتعرف عليه، وانهالوا عليها بالضرب، وانتزعوا منها ابنتها بالقوة، وكبلوها من رجليها ويديها، ثم وضعوا منديلا حول فمها وعنقها كي لا تواصل الصراخ، مضيفة أن هذا المنديل كانت استعملته لحمل ابنتها، وأنها حامل في شهرها الثاني، وأن زوجها سبق أن طلب منها الإجهاض لكنها رفضت، كما سبق أن رفضت السماح له بالزواج من امرأة أخرى. ولما واجهت الضابطة القضائية الزوج المشتكي بإفادات المشتكى بهما، أنكر ذلك جملة وتفصيلا، مؤكدا أنه كبلهما وحده، دون مساعدة أحد. ونظرا للتناقضات التي لاحظتها، عاودت الضابطة البحث مع أطراف القضية، واستفسرت مجددا "سعيد أ" فتشبث بإفاداته السابقة، وأطلع الضابطة على رقم هاتف نقال كان ورد عليه مدرج ضمن قائمة هاتفه، يحمل اسم حسن خ. باللاتينية، فعرضته على المشتكي الذي ارتبك وأكد أنه يخص أخاه سعيد... وأفادت الزوجة "صباح" مجددا أن زوجها هو من نصب لها الكمين، وكبلها بمعية أخويه وشخص آخر تجهله. بعدها، تقرر الاستماع إلى رابحة خ. (1979 بأموكر، متزوجة وأم لطفلين) التي أفادت أنها فعلا أخت موح، وأنه، مساء الحادث، أحضر إليها ابنيه وتركهما معها وانصرف، دون الإفصاح عن أي شيء، مضيفة أنه أحضر ابنه "أنور" أولا، وبعدها بمدة، أحضر ابنته سلمى، وهو عكس ما صرح به أخوها. فتبين للضابطة القضائية أن المعني بالأمر فبرك هذه القصة للإيقاع بزوجته، ما جعلها تضعه تحت الحراسة النظرية، وتواصل البحث عن باقي الأطراف، حيث استدعت أخاه سعيدا، (1983 بإملشيل، عازب، جندي سابق) الذي أنكر أية علاقة له بالموضوع، رغم تعرف المشتكى بهما عليه، وتأكيدهما أنه كان حاضرا أثناء الاعتداء عليهما، وأنه هو الذي استدرج المشتكى به، غير أن سعيد استمر في إنكاره، وعندما عرض عليه هاتف سعيد، وتم إطلاعه على رقمه المدرج ضمن الأرقام الواردة عليه، أنكر معرفته به، مضيفا أنه يعرف سعيد معرفة سطحية، منذ كان يتردد على بيت أخيه، موضحا أنه كان جنديا، وأنه يدرس حاليا الإعلاميات بمدينة الرشيدية، على نفقة أخيه موح، وأنه ليست له أية علاقة بهذا الموضوع، رغم كل الأدلة. ما جعل النيابة العامة تأمر بوضعه رهن الحراسة النظرية، وبتسليم الزوجة ابنيها الموجودين لدى عمتهما ومواصلة البحث عن باقي الأضناء وتقديمهم. وعند معاودة البحث مع المشتكي ومحاصرته بالتناقضات التي اعترت تصريحاته، اضطر للاعتراف بالوقائع كما سردتها زوجته، مضيفا أنه تزوجها منذ ست سنوات، لكن منذ سنتين، بدأت المشاكل تنتاب علاقتهما، بسبب خروجها من البيت دون إذنه، ولما يستفسرها عن ذلك، تثور في وجهه، وتجيبه أن الأمر لا يعنيه، ما دفعه للشك في أنها تخونه، فتطورت المشاكل بينهما، وقرر طلاقها، غير أن بعض معارفهما تدخلوا وأعادوا المياه إلى مجاريها، لكنها، حسبه، تمادت في تصرفاتها، ما جعل أمر تعاطيها للفساد شائعا بين أفراد قبيلته وعائلته ومعارفه، وجعله عرضة للسخرية من طرفهم، مضيفا أنه كان يتحدث في هذا الأمر مع إخوانه الذين كانوا يشفقون لحاله، ويتأثرون بدورهم لما يسمعونه من خيانة زوجته له، ما دفعه إلى طرح فكرة التخلص منها بتوريطها في قضية خيانة زوجية، حيث ناقش الموضوع مع أخيه سعيد، واقترح عليه الفكرة، فوافق عليها، ولأنه كان يشك في أن سعيد الذي كان يسير محلا تجاريا لببيع المواد الغذائية، قرب المنزل الذي كانوا يقطنونه، هو خليلها، فقد تكلف شقيقه بإحضاره إلى المنزل المعني، بحكم معرفته به، ولأنه من أقرانه، ونفس هذه المعطيات أدلى بها أخوه سعيد، ما جعل النيابة العامة تحيلهما على المحكمة التي أدانتهما من أجل المنسوب إليهما، رغم تراجعهما عن تصريحاتهما أمامها. الكاتب علي بنساعود